الجولة الإخبارية 05/02/2011م
العناوين:
•· أمريكا تدّعي عدم التدخل في مصر وهي تقوم بالتدخل على أعلى المستويات ويهود يتخوفون من تخلي الغرب عنهم
•· دول عربية تتخوف مما حدث في تونس ومصر فتعلن عن اتخاذ إجراءات وقرارات في محاولة منها لإسكات الناس
•· الإعلان عن أن التقارير الغربية عن أوضاع العالم الإسلامي الاقتصادية بأنها كاذبة ومزورة
التفاصيل:
قام حسني مبارك المستبد في الحكم من ثلاثين عاما في 1/2/2011 بتوجيه خطاب ثانٍ في غضون أسبوع يعد الشعب بأنه سيقوم بإصلاحات وأنه لم يكن ينوي ترشيح نفسه في أيلول/سبتمبر القادم، وذلك كما فعل ابن علي في تونس الذي قام بتوجيه ثلاثة خطابات إلى الشعب قبل أن يرحل حاول الخداع فيها ولكن الشعب في تونس لم ينخدع ولم يقبل إلا رحيله. والشعب يرفض وعود مبارك الكاذبة ويطالب برحيله. وحسني مبارك قال إنه لم يكن ينوي ترشيح نفسه ولكنه لم يقل إنه لا ينوي ترشيح أو توريث ابنه حيث يرفض الناس ذلك. وأمريكا تدّعي أنها لا تتدخل وهي تقوم بالتدخل على أعلى المستويات. فمن رئيسها أوباما الذي يهاتف مبارك ويدلي بتصريحات يومية تقريبا فيما يتعلق بالأحداث في مصر وقد ألقى خطابا في البيت الأبيض فيما يتعلق بذلك إلى وزيرة خارجيتها هيلاري كلينتون التي جمعت حشدا كبيرا من سفرائها وقناصلها العاملين في أرجاء العالم في 180 دولة بلغ عددهم 260 لدراسة أوضاع المنطقة الإسلامية وعلى رأسها الوضع الحالي في مصر إلى وزير دفاعها غيتس إلى غيرهم من الدبلوماسيين الذين يروحون إلى القاهرة ويعودون منها ليحملوا التقارير إلى قيادتهم في البيت الأبيض، وبجانب ذلك تقترح أمريكا صيغا للتغيير وصيغا لما يسمى بالإصلاحات. فكل ذلك ليدل على التدخل السافر في شؤون مصر لحماية نفوذها هناك.
وفي الجانب الآخر ظهر خوف اليهود من أن تتغير الأوضاع في مصر ويذهب حسني مبارك الذي خدمهم طيلة 30 سنة وسهر على حماية حدودهم وحارب من حاربهم. فقد صرح رئيس كيان يهود شمعون بيرس قائلا: “إن إسرائيل مدينة بالشكر الحقيقي للرئيس المصري. ليس مُهما ماذا يقولون، نحن ندين بالشكر الحقيقي لمبارك لكونه كالصخرة وعمل من أجل السلام والاستقرار في الشرق الأوسط”. ولم يخدم مبارك الشعب في مصر بشيء بل أذل هذا الشعب وأفقره وجوّعه وكواه بأصناف العذاب وظلمه ظلما كبيرا. بل إنه يبيع الغاز لشعبه بالأسعار العالمية العالية ويبيعه ليهود بسعر الثلث فقدرت خسارة مصر بثلاثة مليارات دولار سنويا بسبب هذا السعر المخفض في سبيل تأمين حياة هنيئة ليهود، وقد وقعت تلك الاتفاقية عام 2005 التي تقضي بتصدير 1,7 مليار متر مكعب سنويا من الغاز الطبيعي لمدة عشرين عاما بثمن يتراوح ما بين 70 سنتا و1,5 دولار للمليون وحدة حرارية، وقد ارتفع هذا السعر إلى 2,97 سنتا بعد تعديل الاتفاقية. بينما السعر في السوق العالمية للمليون وحدة حرارية يصل إلى 9 دولارات بل إلى 11 دولار كما باعته روسيا لأوروبا عام 2008 أي 400 دولار لكل ألف متر مكعب. وقد حصلت شركة يهود التي تقوم بعملية التصدير من إعفاء ضريبي لمدة 3 سنوات. وصار كيان يهود يطلب من أمريكا وغيرها من الدول الغربية للتدخل لمنع قلع حسني مبارك ونظامه. ومن كل ذلك يتبين أن كيان يهود ضعيف جدا وهو محمي من الكيانات العربية أولا ومن الدول الكبرى وعلى رأسها أمريكا ثانيا. ومع ذلك بدأ يخاف من أن تتخلى عنه الدول الكبرى. فقد نقلت الشرق الأوسط عن مصدر أمني يهودي كبير صرح في 31/1/2011 قائلا: “فنحن جاهزون لمجابهة أي تطور بما في ذلك خطر إلغاء معاهدة السلام، لكن ما يثير القلق الخطير هو تعامل الغرب، فقبل أن يقول مبارك كلمته الأخيرة فيما جرى في مصر وقبل أن تتضح صورة الوضع في عهد ما بعد مبارك تخلى عنه الأمريكيون وغيرهم من دول الغرب، وراحوا يقيمون العلاقات مع كل من يعرض عليهم ذلك من أعداء النظام المصري”. وأضاف قائلا: “حتى لو كانت هناك انتقادات ضد مبارك فيجب إعطاء الحلفاء الشعور بأنهم ليسوا لوحدهم”. فتخوف اليهود في محله وعليهم أن لا يثقوا بالغرب وعلى رأسهم أمريكا فإذا أقيمت دولة الخلافة سينظر الغرب إلى مصالحه وكيفية التعامل مع هذه الدولة. فإذا اقتضى الأمر أن يتخلوا عن كيان يهود فإنهم سيتخلون في سبيل الحفاظ على مصالحهم.
ومن ناحية أخرى أبدى المفكرون السياسيون الأمريكيون تخوفهم من عودة الإسلام فعندما سئل زبينغو بريزنسكي المستشار السابق للرئيس الأمريكي كارتر من قبل تلفزيون ABCعما إذا كانت مصر ستخضع للإسلاميين المتطرفين أجاب بأن هناك خوفاً من وصول الإسلاميين المتطرفين الذين هم أعداء العالم وبالأخص أعداء لنا كإيران. ويوجد اختيار آخر وهو مثال تركيا. إن الجيش التركي لعب دور صمام الأمان للديمقراطية حتى إنه أقام سلطة مؤقتة بين الحين والآخر. فالجيش سهّل تحول تركيا. مبارك يقبل هذه الحقيقة فيلعب دورا بنّاءً لفتح الطريق أمام التغيير”. فدعاة الديمقراطية أمثال بريزنسكي يريدون أن يعينوا الجيش كقوة ديكتاتورية قوامة على الديمقراطية بعدما يضمنوا أن تكون قيادته بأيديهم، فيقوم بانقلابات على غرار ما حدث في تركيا كلما بدى تخوف على زوال نفوذ الغرب المستعمر في وجه المسلمين الساعين للتحرير. ولذلك يدرك المسلمون أن الغرب وعلى رأسهم أمريكا هم العدو، وأن معنى الديمقراطية هي الفكر الغربي الرأسمالي العلماني لا غير.
——–
أعلن في الأردن في 1/2/2011 عن حل حكومة سمير الرفاعي التي كان يطالب الناس بإسقاطها وتكليف معروف البخيت الذي ترأس حكومة في الأردن ما بين تشرين الثاني عام 2005 إلى تشرين الثاني عام 2007 لتشكيل حكومة جديدة. ومن المعلوم أن تغيير الوزارات في الأردن لا يأتي بشيء جديد فكلهم من رجال النظام يأتون ويذهبون ويبقى النظام والظلم والفساد بكل أنواعه وحكم الكفر وعلى رأسه الملك مستبد في البلد فلا يحدث أدنى تغيير. فقد تعاقبت عشرات الحكومات على هذا البلد وبقي كل شيء على ما هو. بالإضافة إلى ذلك فإن هذه الحكومات لا تملك صلاحية سوى تنفيذ سياسات الملك والتغطية على خياناته وعلى مساوئه ومظالمه. ورؤساء الوزراء هم من رجالات الملك وزبانيته لا يختلفون عنه بشيء.
وفي 2/2/2011 أعلن علي عبدالله صالح في اليمن عن عدم نيته الترشح لفترة رئاسية أخرى عندما تنتهي عام 2013 وعدم توريث ابنه. وذلك بعدما رأى أن الاحتجاجات أطاحت بقرينه ابن علي، وهي مرشحة للإطاحة بحسني مبارك، وقد أعلن عن القيام بالاحتجاجات في اليمن يوم 3/2/2011 تحت اسم يوم الغضب. بجانب ذلك أعلن أنه سيزيد رواتب موطفي الدولة بنحو 47 دولارا. واعتبرت هذه الزيادة كبيرة، لأن 40% من سكان اليمن فقراء يقتاتون بأقل من دولارين يوميا.
وأما الرئيس السوري بشار الأسد فلا يرى خطرا على نظامه فقال لصحيفة جورنال ستريت الأمريكية يوم 31/1/2011 : “إن الوضع في سوريا مستقر رغم أن ظروفها أصعب من ظروف مصر التي تحصل على مساعدات من الولايات المتحدة”. فيظن أن قبضة أجهزة أمنه واستخباراته الحديدية ما زالت ممسكة بزمام الأمور، وأنه قد ملأ السجون بالمعارضين المطالبين بالتغيير ولا يحاكمهم ويخفي معالمهم فلا تجري محاكمات لهم حتى لا يعرف أحد أن سجونه مليئة بأصحاب الفكر ومنهم حملة الدعوة الإسلامية والداعون لإقامة الخلافة الراشدة كشباب حزب التحرير. وبدأ بشار الأسد يحاول أن يظهر قدرته على فلسفة الأمور وعلى صف الكلام فقال: “إن الإصلاح الحقيقي يتعلق بكيفية إجراء انفتاح في المجتمع وكيفية إجراء حوار”. فكأنه يسمح لأي أحد أن يبدي رأيه، وشباب حزب التحرير لم يستخدموا القوة قط بل دائما يعتمدون الفكر فيقومون ويناقشون الناس ويجرون الحوار معهم، ومع ذلك يبطش بهم. وأضاف بشار أسد: “إن عقودا من الركود السياسي والاقتصادي ووجود زعماء من ذوي أيدلوجيات ضعيفة والتدخل الأجنبي والحروب أدت إلى استياء الشارع في تونس ومصر”. فينسى حكم والده الذي كان على نفس الشاكلة وقتل عشرات الآلاف للحفاظ على أيدلوجيته الضعيفة، وقد مر عقد على وراثته للحكم وقد ورث معه الأيدلوجية الضعيفة بل السقيمة التي تحكم سوريا منذ عقود خلت. وأظهر حصافته في الطب فضرب مثالا من هناك قائلا إن الجراثيم تنمو في المياه الراكدة فتوجد الأمراض فعبر عما يحدث في المنطقة قائلا: “إن ما ترونه في هذه المنطقة هو نوع من المرض هكذا نرى” وأضاف أن من المبكر جدا الحكم على تأثيرها في المنطقة”. فإنه يرى حركة الشعوب وانتفاضتها ضد الطغاة أمثاله وضد عسفهم وجورهم وتحركهم لتغيير الأنظمة هو مرض وأن الحالة الصحية هي الرضا بالأمر الواقع وعدم التفكير وعدم إبداء الرأي والعمل على التغيير فكريا.
——-
نقلت وسائل الإعلام في 1/2/2011 تصريح تيموني آش رئيس بحوث وسط وشرق أوروبا والشرق الأوسط وأفريقيا لدى “رويال بنك أوف سكوتلندا” قال فيه: “أخيرا استيقظت مؤسسات التصنيف الائتماني تصنيف مصر بنفس درجة تركيا كان دائما مزحة” حيث كانت هذه المؤسسات تصنف مصر من فئة “Ba1” وأنزلتها بعد اندلاع الأحداث إلى فئة “Ba2” وبمؤشر سلبي حسب مؤسسة موديز. ولكن مؤسسة فيتش أنزلتها إلى فئة أقل من ذلك وهي “BB+” وأضاف بيان مؤسسة موديز أن ارتفاع الضغوط التضخمية يعقد السياسة المالية بدرجة أكبر إذ إنه يهدد يرفع مستوى اتفاق الميزانية على الأجور والدعم”. فهذا يدل على أن التقارير الغربية عن الأوضاع الاقتصادية مسيسة وكثير منها مزيفة سواء عن البلاد الإسلامية أو عن غيرها حتى عن البلاد الغربية نفسها. فلقد رأينا في العام الماضي عندما حدثت الأزمة الاقتصادية في اليونان وكاد اقتصادها أن ينهار وتنهار معه الدولة وتبين أن اقتصادها هش قبل أن تدخل في منطقة اليورو وتبين أن المؤسسات المالية الأمريكية مثل غولدمان ساكس قد زورت تقارير قبل حوالي عشر سنوات عن اقتصاد اليونان، حتى يمكن الأمريكان اليونان من دخول منطقة اليورو لإيجاد لبنة هشة فيه، مما اضطر الألمان أن يغضبوا غضبا شديدا على اليونانيين واتهمهم بالكذب ورفضوا في البداية مساعدتهم وطلبوا منهم أن يبيعوا جزرهم حتى ينقذوا اقتصادهم. ولكن اضطر الألمان لمساعدتهم فيما بعد، وذلك لإنقاذ الاتحاد الأوروبي واليورو خوفا من انهيارهما. وتركيا التي ذكر أنها تصنف بشكل إيجابي هو غير حقيقي، فلولا أمريكا عن طريق البنك الدولي وصندوق النقد الدولي ومجموعة البنوك المقرضة لتركيا حيث بلغت ديون تركيا الخارجية حوالي 400 مليار دولار. فإذا طالبت هذه البنوك تركيا بسداد ديونها أو أوقفت جدولة الديون وطالبت بالمستحقات الآجلة فإن الحكومة سوف تنهار بين عشية وضحاها كما انهارت حكومة أجاويد عام 2002 عندما طالب صندوق النقد الدولي بدفع مستحقات آجلة على تركيا، فجمدت الحكومة أجور الموظفين والعاملين لديها حتى تدفع المبلغ المستحق عليها ورفض صندوق النقد الدولي طلب أجاويد بتأجيل السداد، فبدأت المظاهرات والمسيرات الاحتجاجية من قبل أولئك الأجراء لدى الدولة، فسقطت حكومة أجاويد وجرت انتخابات مبكرة عملت فيها أمريكا ومؤسساتها المالية والإعلامية دعاية لإردوغان وحزبه حتى أنجحته وأوصلته إلى الحكم.
وكانت التقارير الغربية عن الوضع الاقتصادي بجانب الوضع السياسي في تونس كلها إيجابية وأن هناك استقرارا ونموّاً، ولكن بعد انتفاضة الشعب التونسي وهروب رأس النظام ابن علي ظهر زيف تلك التقارير ومدى الظلم والفقر والبطالة التي كانت تسود هذا البلد الإسلامي العريق. فالغرب الكافر يتقن الكذب والخداع والتزييف ولكن لا يطول ذلك حتى تظهر الحقيقة.