Take a fresh look at your lifestyle.

علامات النهضة الإسلامية في طاجيكستان

 

 

لقد شوهدت في الثلاثة الأشهر الأخيرة وثبات كبيرة في سياسة الحكومة الطاجيكية المحاربة للإسلام. وقد كان يُشاعُ أنَّ بعض “الوجوه المعروفة” هي القائمة على هذه السياسة من ضباط الأمن القومي ورجالاً من وزارة الداخلية ووزارة المعارف واللجنة الدينية والمركز الإسلامي وغير ذلك. وبعبارة أخرى كانوا يحاولون إيجاد تصورات تدعي أن هذه “الوجوه المعروفة” تباشر هذه السياسة من دون إذن من رئيس الجمهورية. حتى إن (حاجى أكبر توراجانزاده) لمح مرات في مقالاته أن موظفين معينين فيهم عداوة للإسلام هم الذين يباشرون هذه السياسة وأن الرئيس لم يأمرهم بذلك. وكان بعض من عامة الناس يصدّقون هذه الخزعبلات، حتى دفع ذلك بعضَ المظلومين إلى أن كتبوا للرئيس. وكان الرئيس أيضا يحاول في تصريحاته أن يتظاهر بأنه مؤيد للإسلام حنون عليه وعلى أهله، وكان يورد أثناء تصريحاته، ويمنّ مرارا على الناس بفعاليات المساجد والسفر إلى الحج وإعلان عامٍ لتكريم الإمام أبى حنيفة وغير ذلك. ولكن اليوم ظهر أن “وجه الرئيس” في أول صف من صفوف تلك “الوجوه المعروفة” في هذه السياسة، لأنه سافر إلى عدة مناطق في البلاد وهاجم خلال لقاءاته مع الناس عدة مظاهر من مظاهر الإسلام. وقد كرر هذه الحملة أثناء تصريحاته فيما بعد. ولعل ذلك كله تنفيذ لأوامر أسياده الكفرة ومحاولة لإظهار الولاء لهم.

 

وقد ظهرت آثار هذه الحملة في طرفة عين في جملة من الأعمال السيئة من قبل السلطات التي تملك كل أسباب القوة، يقال إن الرئيس أصدر أمراً خفياً لمحاربة مظاهر الإسلام مثل الحجاب واللحية والقميص الأبيض الطويل والطاقية البيضاء وذهاب الشباب إلى المسجد. وهكذا بدأت السلطات التي تملك كل أسباب القوة تتخذ إجراءات صارمة ضد المظاهر الإسلامية، فمنعوا الشباب من السفر إلى خارج البلاد لتعلم الإسلام، وأعادوا كثيرا من الشباب الذين كانوا يتعلمون الإسلام خارج البلاد إلى ديارهم بأساليب تسلطية مختلفة، وألقَوا القبض في المراكز الحدودية على عدد من الشباب الذين رجعوا من الخارج، أو جاؤوا لزيارة أقاربهم، وحلقوا لحاهم رغماً عنهم، وأرسلوهم إلى الخدمة العسكرية، ووضعوا أمام أبواب المساجد ضباط الأمن والداخلية لكي يمنعوا الشباب من دخول المساجد، وراقبوا النساء المتحجبات، وفرضوا عليهن غرامات، ومنعوهن من التواجد في أماكن التعليم والعمل باللباس الشرعي، وراقبوا الرجال والشباب الملتحين وحلقوا لحاهم رغما عنهم، حتى إنه لم ينج من ذلك بعض أئمة المساجد والخطباء، وفرضوا قيودا جديدة لمن يريد السفر للحج، وفرضوا قيودا مختلفة على بيع الكتب والأشرطة الدينية التي تحتوي مواعظ العلماء، واعتقلوا عدداً من العلماء الذين كانوا يدرّسون في بيوتهم الإسلامَ للشباب، وشددوا الحملة على الجماعات الدينية، حتى اعتقلوا بعض المسلمين الذين لا علاقة لهم بهذه الجماعات لمجرد الشبهة. فضلا عن ذلك، تم تقييد أمور الوعظ والإرشاد قبل لجنة الأمن واللجنة الدينية والمركز الإسلامي والأئمة الخطباء ووسائل الإعلام. وأعدوا للأئمة الخطباء موضوعات المواعظ التي يلقونها في خطبهم، لكي يحدّثوا الناسَ في هذه الموضوعات فقط، كما أمروهم بمدح سياسة السلطات وأصحابها والدعاء لهم ومنع الرجال من الالتحاء والنساء من ارتداء الحجاب. فبدأ الأئمة الخطباء الذين وقعوا بين الماء والنار يؤوّلون ويحرّفون. ولم نورد هنا كل ما تقوم به السلطات من إجراءات صارمة ضد المظاهر الإسلامية ولم نتعرض لتفصيلاتها، لأننا نريد أن نركز على جهتين أخريين متعلقتين بهذه الأمور والتي يجب على المسلمين أن يعلموها:

 

الجهة الأولى: بعد كل هذه الإجراءات الصارمة كُشِف النقاب عن حقيقة الأمر، ولم تعد سياسة الحكومة المعادية للإسلام تخفى على أحد حتى على عامة الناس، وانسدت الطريق في وجه أولئك الذين كانوا يحرّفون الحقائق ويبررون سياسة الحكومة. وأصبح واضحاً للجميع أن الحكومة تُضيّقُ الخناق يوماً فيوماً، حتى تضع سدودا أمام قيام الناس بواجبات الإسلام العادية، وتَتَّبِعُ سياسة الشيوعيين وترتكب وحشية أشد من وحشيتهم. لذا صار واضحاً أن المسلمين في المنطقة أصبحوا يرون النجاة في تغيير النظام، حتى تغيّرت أفكار كثير من عامة الناس الذين كانوا يرجون الخير من هذا النظام، ويَشُكُّون في كونه عميلاً للكفار وأعداء الإسلام. وقد حدثت ردود الفعل هذه في الوقت الذي يعمل في المنطقة حزب سياسي إسلامي هو حزب التحرير، الحزب الحقيقي الوحيد الذي يطرح نظام الإسلام بدل النظام الديموقراطي، ودولةَ الخلافة الراشدة بدل الدولة الديموقراطية. وقد مكر الكفار وعملاؤهم، ولكن الله رد كيدهم إلى نحرهم. قال تعالى: “وَمَكَرُواْ وَمَكَرَ اللهُ وَاللهُ خَيْرُ الْماكِرِينَ”.

 

الجهة الثانية: سرعة نهضة المسلمين في المنطقة عامل أساسي في دفع رجال الحكومة وأسيادهم الكفرة إلى اتخاذ إجراءات صارمة. وكان رجال الحكومة وأسيادهم الكفرة ظنوا قبل ذلك أنهم يصدون شعوب المنطقة عن النهضة الإسلامية باعتقال حَمَلَة الدعوة ومحاصرة دعوتهم، إلا أنهم لم يأخذوا في الحسبان أن اعتقال الأفكار الإسلامية الصحيحة ليس ممكناً. إذ إن هذه الأفكار الإسلامية الصحيحة التي يحملها حملة الدعوة المخلصون هي التي تسربت إلى الطبقات المختلفة في الجامعة بغض النظر عن الملاحقات والاعتقالات والتعذيب والقتل، واليوم يمكن أن تشاهد مظاهر النهضة الإسلامية في مسلمي المنطقة. وفيما يلي نذكر بعض هذه المظاهر:

 

ازدياد في صفوف المصلين، وخاصة بين الشباب والمراهقين:
يشكل الشباب والمراهقون اليوم ما بين 60-70 في المائة من المصلين في المساجد، مما يدل على ازدياد إقبال الشباب على الإسلام، وكثير من المساجد لا يسع جميع المصلين في صلاة الجمعة وعيدي الفطر والأضحى. لذا نرى صفوف المصلين في هذه الأيام قد ملأت المساجد وامتدت إلى خارجها حتى وصلت الشوارع، مما يؤدي إلى وقف حركة السير في أكثر الحالات.

 

ازدياد في صفوف النساء والشابات المحجبات:
يعم الإقبال على اللباس الشرعي بين النساء والشابات جميع طبقات المجتمع، يوشك أن يصبح اللباس الشرعي عرفاً عاماً، وأصبح احترام النساء المحجبات أكثر بكثير من النساء اللاتي لا يتحجبن، وكثير من الشباب لا يريدون الزواج إلا من الشابات المحجبات، وبتأثير الرأي العام الذي وُجد في المنطقة عن اللباس الشرعي بدأ كثير من النساء اللاتي كن يمتنعن قبل ذلك عن ارتداء اللباس الشرعي لتأثير الثقافات غير الإسلامية، بدأت هذه النساء يلبسن لباساً شرعياً و يحسبنه أداة افتخار لهن.

 

الإقبال على الكتب الدينية وأشرطة مواعظ العلماء:
نظراً لازدياد توجّه عامة الناس إلى مطالعة الكتب الدينية، وسماع ومشاهدة أشرطة مواعظ العلماء، يوماً بعد يوم، كثرت الدكاكين التي تباع فيها الكتب الدينية وأشرطة مواعظ العلماء، والناس ينفقون مبالغ كبيرة لشراء هذه الكتب والأشرطة.
ازدياد إقبال الشعب المسلم إلى التربية الإسلامية لأولادهم:

 

لقد أصبحت التربية الإسلامية للأولاد ذات أهمية بالغة لدى عامة الناس، إذ إنهم يرسلون أولادهم إلى المساجد أو إلى العلماء ليتلقوا تربية إسلامية، أو يستأجرون مدرسين لهذه الغاية، مهما كلّفهم ذلك من مال.

 

ازدياد سفر الشباب إلى خارج البلاد لتعلم الإسلام:
سافر ألوف من الشباب إلى البلاد الأخرى مثل إيران وباكستان والمملكة العربية السعودية ومصر وغيرها ليتعلموا الإسلام. ويزيد عدد هؤلاء الشباب كل عام، ويجب القول أنهم لا يسجلون أنفسهم لدى السلطات لكثرة الموانع، لذا يسافرون من دون أن ينتظروا الرخصة من الدولة ويبدأون التعلم.
الإقبال المنزايد يومياً إلى إرخاء اللحية:

 

إن إرخاء اللحية الذي يعد مما يطلبه الإسلام قد كثر بين الرجال والشباب، وهذا المظهر الإسلامي أيضا عم جميع طبقات المجتمع، واحترام المجتمع للملتحين كبير جداً.

 

تعدد الزوجات أصبح شيئا عاديا ومعمولاً به في المجتمع:
كان تعدد الزوجات يعد في الوقت السابق شيئا غير مقبول بين الناس بسبب تضليل الشيوعيين، ويشاهد هذا المظهر الإسلامي بين الرجال والشباب الموسرين، والآن كثير من موظفي الحكومة لهم زوجتان، وكانوا قبل ذلك يؤثرون الفاحشة على تعدد الزوجات، ويمكننا هنا ذكر سائر مظاهر النهضة، إلا أننا نكتفي بما ورد ذكره.

 

وقد حصل بين المسلمين في البلاد تحول كلي يمكن أن نحسبه بداية النهضة، فلذلك قررت الحكومة العميلة وأسيادها الكفرة أن يوقفوا هذه النهضة بكل أسلوب، وقاموا باتّباع سياسات صارمة، إلا أنهم لم يأخذوا في الحساب أن المسلمين في هذه البلاد ليسوا غافلين كما كانوا قبل ذلك، وعلى هذا فإن إبعاد المسلمين عن الإسلام بإيجاد فِتَن وحرب كما فعلوا في التسعينيات ليس سهلاً، وإن إيقاف إقبال مسلمي هذه البلاد إلى الإسلام غير ممكن، خاصة وأنه يعمل في المجتمع حزب مخلص قام على عقيدة إسلامية صافية وتمرّس في الكفاح السياسي والصراع الفكري ويعمل وهو لا يخشى أحدا ولا شيئاً في كشف حيل الكفار وعملائهم، إنه حزب التحرير.

 

لا يغيب عن البال أن نهضة المسلمين في هذه البلاد هي من فضل الله تعالى، وأن مساهمة حزب التحرير فيمن يعملون لإنهاض الأمة النهضة الحقيقية كبيرة جداً، ومرادنا من بيان مظاهر النهضة هو تبشير الأمة الإسلامية وخاصة حملة الدعوة ببزوغ فجر الحياة الإسلامية في ظل دولة الخلافة.

 

“ألا إن نصر الله قريب”