أمراض المسلمين وآثار أعراض المرض عليهم والعلاج الشافي بعيدأ عن المسكنات
إن ضعف أمتنا وتغلب الأعداء علينا مصيبة عظيمة وبلاء جسيم يجب علينا أن نسعى لإزالتها جميعا ، وهذا لا يتحقق غاية التحقيق إلا بحُسن تشخيصه، وألا يخلط في تشخيصه بين المرض والعرض، وما أكثر الذين يخلطون بين الأمراض والأعراض لهذا المرض ، وبهذا أخذوا يداوون الأعراض الجانبية ويتغاضون المرض الرئيس .
فأخذت الأمة تطلق المرض على الفقر والجهل و قلة الدين وسفك الدماء وهتك الأعراض واستباحة الحرمات واحتلال البلاد وتقتيل العباد . ولم تشخص هذه الأعراض جيداً ، وإنما أطلَـقت عليها أمراض المسلمين المستعصية .
وهذه الأمراض تحتاج إلى الدواء والمسكنات ، فلم تجد الطبيب إلا موجوداً في بلاد الغرب ، الذي صرف لها دواءً يزيد المريض مرضاً ، والسقيم سقماً ، والضعيف ضعفاً ، والجاهل تخلفاً ، والجائع بؤساً ، وهكذا دواليك .
هذا الدواء الغربي ، هذا هو الدواء الناجع في عيون المسلمين التي أبصرت فيهم الطبيب المنقذ الملهوف لعلاج مريضه ، ولم تدر أنه هو الطبيب الكاذب المخادع لها ، الذي يمتص دمائها ويشرّح أجسامها ويتلف أعضائها دون أن تدرك ذلك إلى زمن قريب .
ومع تزايد الأمراض وتفاقمها إزدادت الاْدوية المصروفة من مسكنات ومهدّئات ومنشطات ، فصرف دواء مسكن بإسم الديمقراطية ، ومطعوم بإسم العلمانية ، ومضادات حيوية ضد التبعية العكسية ، وفيتامينات مقوية للعمالة ، ومثبطات إنتفاضية ضد الأنظمة ، وشراب محلول لنسيان المصائب ، وفي الختام منوم في نهاية النهار ليرتاح المسلمون من مؤثرات الأدوية المعطاة .
فعلاً لم تُشخص هذه الأمور جيداً هذه الأعراض ناتجة عن مرض عضال ، قَصم ظهر المسلمين في بلادهم ، وأقعدهم طريحي الفراش ، يسعلون ولا مغيث لهم صارخين ولا مجيب لأحد عليهم ، لا حول ولا قوة لهم .
وإن إستعرضنا هذا المرض نجده يكمن في أمرين لا ثالث لهما :-
أولهما :- الأنظمة المطبقة على المسلمين وعلاجاتها الكاذبة ، التي تطبق مناهج وكتب الطبيب الغربي الكافر المستعمر ، الذي لا يألو في تاليفها وتعديل القواعد العلاجية الفاسدة للمسلمين كلما تطلب الأمر.
و حال الأنظمة الموجودة فلايخفى ما فيها من النواقض العظـام ، والموبقات الطوام .
ثانيهما :- حكام تجرعوا وصْفاتَ أسيادهم وتبعوا تعليماتهم بحذافيرها وبمواقيتها ، دون تهاون أو تخاذل أو تململ ، وباعوا البلاد والعباد بدراهم بخسه وخانوهم ولم يشعروا بهم بما يصيبهم من أوجاع وآلام ، بل أخذوا جرعةً من المهلوسات والمسكنات ، وأصبحوا لا يحسون كالميت ذي الجثة الهامدة .
ومن يَهُنْ يـسهل الهـوان عليه ما لجـرح ٍ بميـِّـتٍ إيـلام
هذا هو المرض وليست الأعراض التي شُخصت خطأ ً، بسبب التضليل والتخدير ، والذي عولج بالمسكنات من إصلاحات سياسية ترقيعية ، وأبواق لنشر الديمقراطية ، ومطالبات لتعزيز الحريات .
أما العلاج الناجع الفعال يكمن هو بتطبيق المبدأ الإسلامي الرباني ، الذي لا يأتيه الباطل من بين يديه ولا من خلفه تنزيل من حكيم حميد .
ولا يكون هذا العلاج إلا بوجود دولة إسلامية تحكم بكتاب الله تعالى وبسنه رسوله محمد صلى الله عليه وسلم وأصحابه الأبرار الأخيار ، وبوجود حاكم واحد للمسلمين يستن هذه السنة ، قال رسول الله صلى الله عليه وسلم :- ( ستكون أمراء فتعرفون وتنكرون فمن عرف برئ ومن أنكر سلم ولكن من رضي وتابع ، قالوا:- أفلا نقاتلهم ؟ قال : لا ، ما صلوا ) ، أي أقاموا الإسلام .
فالعلاج قادم لا محالة ، وحمى المرض ستسكن بين الفينة والأخرى ، إلى أن تزول تماماً ، وسيعود المسلمون سادة ً يحكمون العالم بعدل الإسلام ، وسيظهر هذا الأمر على الكرة الأرضية جمعاء ، قال رسول صلى الله عليه وسلم ( إِنَّ اللَّهَ زَوَى لِيَ الأَرْضَ ، فَرَأَيْتُ مَشَارِقَهَا وَمَغَارِبَهَا، وَإِنَّ أُمَّتِي سَيَبْلُغُ مُلْكُهَا مَا زُوِيَ لِي مِنْهَا ) .
فمن له هذا الشرف العظيم في دفع دياجير الظلم والتخلف والإحتكام بالطاغوت ، وردعها وردع من ورائها من أنظمة وحكام وإعادة تحكيم الإسلام ؟ من سينال الأجر ويحشر مع سيد الشهداء حمزة ، وجعفر الطيار ؟ من سينال شرفاً عظيماً بتغسيل الملائكة له كحنظلة ؟ من سيحرر الاقصى المسلوب الحزين مثل صلاح الدين ؟ من سيسير في ركب جيش فتح رومية مثلما فتح محمد الفاتح القستنطينية ، نِعم الأمير أميرها ونِعم الجيش جيشها ؟
فمن يريد هذا الأجر العظيم فاليلتحق بالركب العظيم ، وما الله غافل عما تعملون ، قال تعالى ( هَذَا بَيَانٌ لِلنَّاسِ وَهُدًى وَمَوْعِظَةٌ لِلْمُتَّقِينَ ) .
والسلام عليكم ورحمة الله وبركاته
كتبه لإذاعة المكتب الإعلامي لحزب التحرير
أبو الأمين