المرأة التونسية والمتغيرات، هل هكذا يكون التغيير؟
الخبر:
ورد في عدة دراسات حول الحركة النسوية في تونس أن للمرأة التونسية حضوراً لافتاً في الحياة العامة، إذ تبلغ نسبة النساء من القوى العاملة 26%، ومن الطلاب 50 %، ومن القضاة 29%، ومن الدبلوماسيين 24%. والحضور النسائي في البرلمان التونسي واضح فهو الأكبر بين برلمانات الدول المجاورة.
التعليق:
حيث إن المرأة تلعب دوراً مهما، عمل أعداء الإسلام على إبعادها عن أي شيء يمكن أن ينير بصيرتها لما يضمنه لها الإسلام من عزة وكرامة وخير، وقد حاولوا ذلك لسنوات عديدة وبشتى الوسائل والقوانين، وجهدوا على إظهار الإسلام على أنه دين رجعي متخلف من العصور الوسطى! وصوَّروا المرأة كأنها مكبوتة وممتهنة وأن الرجل يسيطر عليها سلباً ويخضعها لخدمته بشكل عبودي! وساعدهم الإعلام في ذلك إلى أبعد مدى.
ففي غمرة الأحداث الأخيرة في تونس كان من أول الصور التي انتشرت في العالم صورة لفتاة ترتدي لباساً عصريًّا تحمل لافتة تنادي برحيل بن علي. هذه الصورة تصدرت كبريات الصحف العالمية وتناقلتها تلفزيونات العالم على أنها صورة المرأة التونسية الحقيقية التي تنادي بالثورة على الظلم.
وبدعوة من الجمعية التونسية للنساء الديمقراطيات وجمعية النساء التونسيات للبحث حول التنمية شاركت مئات من النساء الجامعيات والممثلات والمحاميات والناشطات الحقوقيات في تظاهرة من أجل “المواطنة والمساواة”. وقالت كل من المحامية أمل بالطيب والجامعية صباح محمودي “نحن هنا لنؤكد على الحقوق المكتسبة للمرأة ولتجنب أي عودة إلى الوراء، ولنقول إننا لسنا على استعداد للمساومة على حريتنا مع الإسلاميين”. كما قالت رئيسة الجمعية التونسية للنساء الديمقراطيات سناء بن عاشور “نحن لا نخشى الإسلاميين لأننا نملك قدرة استثنائية تمكنت من إسقاط الاستبداد، ولن نقبل الخروج من استبداد لنقع في استبداد آخر”.
وتعليقا على هذا نقول: هل هذا ما تريده المرأة التونسية حقا بعد الإطاحة بالطاغية زين العابدين بن علي؟! هل تريد المحافظة على ما أسمينه المكاسب التي حققنها والمساواة التامة مع الرجل بموجب قانون الأحوال الشخصية المخالف لتعاليم الشريعة والذي يمنع أيضا تعدد الزوجات، وينظر للحجاب على أنه رمز للانغلاق والرجعية والتمييز ضد المرأة؟!
هل هذه هي فعلاً صورة المرأة التونسية الحقيقية في تونس الخير؟ أم إن الإعلام الذي يسيطر عليه الغرب هو الذي يصور الوضع هكذا كما يصور الإسلام على أنه دين متخلف ينظر للمرأة على أنها مخلوق دونيّ يخضع فقط لرغبات الرجل بحيث تطالب المرأة بتحريرها منه قبل أن يطبَّق عليها؟!
إن هذا الإعلام المأجور لم ينقل لنا مظاهرات النساء المسلمات العفيفات اللواتي طالبن بالسماح لهن بلبس الحجاب في أيام الطاغية السابق، ولم يُظهر العذاب والحرمان من أبسط الحقوق في التعليم، والتمييز والتضييق الذي مارسوه عليهن لمنعهن من لبس الحجاب، أيضا لم يسلط الضوء على ما تعيشه المرأة في تونس من مشاكل وأزمات نتيجة المكاسب التي يُدَّعَى أنها لصالحها من ارتفاع نسبة العنوسة وتعدد الخليلات وارتفاع نسب الطلاق. وكذلك بعد الثورة كان اندفاع النساء بشكل لافت للنظر إلى العودة لتعاليم الإسلام والتقيد باللباس الإسلامي وكان هذا أيضاً من الأخبار التي غيّبت في الإعلام.
لا يجب أن ننخدع بما تقوله الحكومة الجديدة وبما فعلوه من السماح ببعض المظاهر الدينية كالأذان ولبس الحجاب الذي كان ممنوعاً لعقود عديدة. إذ ها هي الحكومة التونسية المؤقتة الثانية قد سارعت إلى الإعلان عن مصادقتها على عدد من القوانين خاصة ما تعلق بحقوق الإنسان وحقوق النساء مثل (منع تعدد الزوجات والمساواة في الإرث)، كما تمت المصادقة على الاتفاقية الدولية للمنظمة العالمية للشغل والمتعلقة بالعمل الليلي للنساء في أبريل 1957. وأكد وزير الشؤون الدينية في الحكومة التونسية المؤقتة العروسي الميزوري أن ارتداء التونسيات للحجاب شأن شخصي ويندرج في إطار الحرية الفردية. أي هو ليس حكماً شرعياً من الله يجب التقيد به بل يخضع للحريات التي ينادي بها النظام الرأسمالي العلماني. وها هي الداخلية استنادا لمقتضيات الأمر رقم 717 لسنة 1993، المؤرّخ في 13-4-1993 تمنع إصدار بطاقات التعريف بصور المحجبات.
فماذا ننتظر بعد؟
لا تقولوا الآن أخذنا حريتنا من الظلم بزوال بن علي، ولا تتوقعوا أن تجد النساء الخير والراحة في ظل حكومات علمانية ديمقراطية تخضع لتحكيم شرع البشر لا لشرع رب البشر، إن الظلم سيبقى موجوداً طالما بقيت الحكومات التابعة للغرب والرأسمالية والعلمانية ولو تغيرت الوجوه ، فالمشكلة تكمن في القوانين والأنظمة التي تطبق والتي جعلت المرأة تعيش ممتهنة الكرامة عرضة للابتذال، تُعامَل معاملة السلع، بل إنها تستخدم أحيانا لترويج السلع، على حساب كرامتها وإنسانيتها. وما يدَّعونه في قوانينهم الوضعية عن أحكام الإسلام بأنه تمييز ضد المرأة وهضم لحقوقها إنما هو قمة تكريمها، فالإسلام اعتبر المرأة جوهرة ثمينة وليست سلعة رخيصة، وملكة متوجة معززة ومكرمة، ليس عليها شقاء وتعب السعي في الرزق بل هو واجب على الرجل وحقها عليه. ولها أن تعمل إن شاءت ذلك، فكل ما شرعه رب العباد هو تكريم لها وما يشرعونه لها هو الإذلال والمهانة بعينها.
إن الحل الجذري لكل المشاكل بما فيها وضع المرأة لا يكون إلا بإقامة دولة الخلافة الراشدة الثانية على منهاج النبوة. دولة الإسلام القوية العزيزة التي تضمن حقوق الجميع وتحرر بلاد المسلمين من ربقة الاستعمار بكل أشكاله وصوره، وتعيد للمرأة كرامتها وعزتها ودورها الحقيقي.
القسم النسائي في المكتب الإعلامي المركزي لحزب التحرير