Take a fresh look at your lifestyle.

  شركات تبييض وجوه الحكام السوداء

 

بثت الجزيرة قبل ثلاثة أيام تقريراً عن شركات العلاقات العامة الموجودة في الغرب والتي من شأنها أن تقوم بتبييض وجوه الحكام السوداء، فكان كشف هذه المعلومات نتيجة للثورات التي حدثت في بلاد المسلمين، كشفت هذه الثورات نوع من الشركات، هذه الشركات لا تنتج سلعاً ولا مواد، وإنما هي نوعية محددة من الشركات، عملها توجيه العقول والتلاعب بها. هذه الشركات كما قلنا ظهرت بعد الثورات العربية، حيث كُشف عن استعانة الرئيس المصري المخلوع حسني مبارك بشركات علاقات عامة أمريكية كبرى لتلميع صورته مقابل ملايين الدولارات، ثم يتساءلون بعد ذلك: لماذا الفقر في مصر؟ وأين تذهب أموال الأمة؟ ومن هذه الشركات التي قامت بهذا العمل شركات ساهمت في الانتخابات الأمريكية. هذه الشركات أيضاً ساهمت في مخطط توريث الحكم في مصر لابن الرئيس المخلوع حسنى مبارك قبل ثورة 25-1-2011م.

كذلك كشف التقرير فيما يتعلق بليبيا عن واحدة من أضخم عمليات الغسيل القذرة التي قامت بها كلية الاقتصاد في جامعة لندن، التي أصبحت شاهداً على تبييض المال الفاسد، إذ تلقّت منحة من سيف الإسلام القذافي قدرها مليون جنيه، يقول التقرير: “وألحقت العار بتاريخها العريق”.

          لم يقف الأمر هنا أيها المستمعون الكرام، بل هناك جامعات عالمية عريقة، ومتاحف عالمية شهيرة تم التبرع لها بأموال الشعوب المقهورة من أموال النفط العربي، ذهبت إلى تلك الجامعات العالمية العريقة والمتاحف الشهيرة.

سيف الإسلام القذافي دفع 15 مليون جنيه إسترليني لشركة علاقات عامة بريطانية يديرها صديق لوزير بريطاني سابق.

 استعان نظام القذافي بهذه الشركات إذ دفع 5 ملايين دولار لشركتين أمريكيتين لتبييض صورته أمام الغرب.

وقد ذُكر الكثير الكثير في هذا التقرير الذي بثته الجزيرة من استغلال أموال النفظ الليبي لتقديم هدايا لصحفيين وسياسيين بريطانيين عبر وسطاء، مما جعل الإعلام البريطاني يصف بريطانيا بأنها مغسلة ضخمة لسواد وجوه بعض الأنظمة الدكتاتورية، وهذه الألفاظ هي ألفاظ التقرير، هذه الكلمات مقتبسة من تقرير الجزيرة الذي بث قبل أيام.

أيها المستمعون الكرام:

دعونا نقف عند جملة أمور:

أولها: لا ينكر أحد سواد وجوه هؤلاء الحكام، الذين يحكمون بلاد المسلمين بالحديد والنار، وبالبطش والإرهاب، ويحكمونها عن طريق الأجهزة الأمنية، ينطلقون من عقليات أمنية، ومن ذهنيات أمنية مخابراتية، ينطلقون من التجسس على الناس، وإيقاع الرعب والإرهاب في نفوسهم، ثم بالبطش بهم أو لا يكون أحدهم أن تسوّل له نفسه ذات مرة أن يتكلم على الحاكم، أو أن يذكره بغير الحمد والتسبيح.

الأمر الثاني: هذا السواد الذي يعرفه كل الناس، ويشاهده ويحسه كل الناس، يضطر هؤلاء الحكام إلى تبييضه، فليلجأون إلى تلك الشركات الأجنبية الأمريكية وغيرها لترشدهم إلى أعمال والقيام بأعمال لتقوم بتبييض صورتهم السوداء أمام شعوبهم.

الأمر الثالث: هذه الأموال التي ينفقها هؤلاء السفهاء، وهنا اسمحوا لي أن أستخدم لفظة السفهاء، إذ إن من يبذر أموال الأمة، ويترك السواد الأعظم من الأمة فقيراً، ويدفع مثل هذه الأموال لشركات غربية ليبيض سواد وجهه فإنه سفيه، سفيه، والسفيه في الفقه يجب الحجر عليه. أمثال هؤلاء الحكام أيها المستمعون الكرام، يجب الحجر عليهم، فيمنعون من التصرف حتى بأموالهم، لا بأموال الأمة وحسب.

والأمر الرابع: سوء رعاية شؤون الأمة من قبل هؤلاء الحكام، فليس يعنيهم أمور الأمة، ليست تعنيهم بشيء، ولا يعنيهم أن يحققوا نهضة في البلاد، أو أن يعينوا فقيرا أو محتاجاً، أو يوظفوا باطلاً عن العمل أو عاطلاً عن العمل، لا، إن أكثر ما يعنيهم هو تحسين صورتهم، ليس إلا. وقد دلّتنا الثورات الأخيرة التي قامت بها الأمة الإسلامية، هذه الثورات الكريمة العفوية طبعاً، دفعت الحكام الآيلين للسقوط إلى أن يتوجهوا إلى شعوبهم مباشرة، فيعرضوا مشاريع الإصلاح، وبدأوا يدفعون بالأموال، ويدفعون،  ويقومون بمشاريع، يقومون بمشاريع صحية وتعليمية وعلاجية وضد الفقر وغير ذلك، ليحسنوا صورتهم مباشرة أمام شعوبهم. أين كنتم يا أصحاب الوجوه السوداء؟ أين كنتم قبل هذا العام؟ أين كنتم قبل 1-1-2011م؟ أين كنتم عن شعوبكم؟

أعجبتني كلمة قالها أحد أبناء الأمة على إحدى القنوات الفضائية يوجهها للحكام، يقول: لينزل الحكام إلى الشارع، لينزلوا من قصورهم وأبراجهم، لينزلوا إلى الشارع. هذا مطلب حقيقي، وهذا هو الأصل في حاكم المسلمين. ألا نذكر جميعاً قصة عمر بن الخطاب رضي الله عنه، عندما جاءه رسول ملك الفرس، وبحث عنه في المسجد وفي داره، فلم يجده، وسألهم أين أميركم أيها القوم؟ قال له أحد المسلمين: أظنني رأيته نائماً تحت تلك الشجرة، فذهب إلى تلك الشجرة، وفعلاً عندما اقترب؛ وقف أمام هذا المنظر المهيب، خليفة المسلمين، حاكم مساحة ربما تصل في ذلك الزمان إلى خُمُس العالم أو ربع العالم، مضطجعاً على جنبه تحت تلك الشجرة مستظلاً، يضع ربما حجراً تحت رأسه، وربما يضع حذاءه تحت رأسه، ليس حوله من الحراس ولا من الجيوش ولا  من المراسم ولا غير ذلك، ونائم ومطمئن، نعم أيها المسلمون، قال ذلك الرجل، قال مقولته المشهورة، أربع كلمات: حكمت فعدلت فأمنت فنمت، من من حكام المسلمين اليوم من أصحاب الوجوه السوداء، من منهم حكم؟ هو لا يحكم، الأجهزة المخابراتية التي تحكم، من الذي عدل؟ إذا كان لم يحكم فلم يعدل. من منهم أمن؟ لا ، لا أحد منهم يأمن على نفسه، وربما سمعتم عن كثير من الحكام، أنه لا يجرؤ أنه ينام ليلة كاملة في مكان واحد، وربما سمعتم عن صدام حسين كيف كان يتنقل في الليلة مرات ومرات بين قصر وقصر خوف أن يقتل. ومثل ذلك الهالك حسين كان يتنقل في الليلة الواحدة بين عدة قصور من قصوره، ولا يأمن على نفسه أن ينام ليلة كاملة في ذلك المكان، من أين لهم الأمن؟ من أين لهم الأمن وهم الظالمون وهم اللصوص، وهم الذين مكنوا الغرب من أموال الأمة ورقاب الأمة وأعراض الأمة، من أين لهم؟ ثم يأتون ليبيضوا وجوههم عن طريق الشركات الغربية، فيهدرون أموال الأمة ويدفعون أموال الأمة لتلك الشركات من أجل أن يبيضوا سواد وجوههم، ألا قاتل الله هؤلاء الظالمين.

نعم أيها المسلمون، والآن لما صارت عمليات التبييض لا تنفع صرنا نرى البطش الحقيقي الذي كنا نراه دائماً، ولكنهم الآن قاموا بإنزال الجيوش إلى الشوارع، رأينا قوات درع الجزيرة، رأينا السعودية والإمارات يرسلون قوات إلى البحرين، أين كنتم؟ لم لم ترسلوا هذه القوات لتساعدوا الأهل في ليبيا الذين يقصفهم القذافي المجرم بحممه وناره ولهيبه. سوريا ترسل طيارين وأسلحة إلى القذافي لتعينه وتساعده، ثم بعد ذلك يجتمع وزراء الخارجية العرب، يجتمعون ليقرروا طلب فرض حظر جوي على ليبيا من مجلس الأمن! ألا شاهت هذه الوجوه! وأعجب ممن يصف هؤلاء بالرجال! أليس عندهم حد أدنى من الرجولة؟ يرسلون قواتهم.. سوريا ترسل قواتها إلى ليبيا لتساعد القذافي لقتل المسلمين، والسعودية والإمارات يرسلون قواتهم ليقتلوا المسلمين في البحرين، ثم يطلبون من مجلس الأمن أن يفرض حظراً جوياً على ليبيا؟؟؟ يطلبون تدخل أعداء الأمة، الأمم الغربية الكافرة يطلبون تدخلها في بلاد المسلمين، ألا شاهت وجوه هؤلاء الوزراء، وشاهت من قبلهم وجوه حكامهم، فوق سوادها الذي هي عليه!! ولن تنفعهم، ولن تنفعهم بإذن الله كل عمليات التبييض، ولا كل عمليات التجميل، ولا كل الجراحات التجميلية، لن تنفعهم في تبييض سواد وجوههم أمام الأمة الإسلامية، فإن الطوفان قد بدأ، ولن يستطيع أمثال هؤلاء أن يقفوا في وجه الطوفان.

دولة الخلافة قادمة بإذن الله تعالى، وتنتظر الأمة نهاية مرحلة الملك الجبري، لتقيم الخلافة الراشدة بإذن الله تعالى، وتتخلص من هذه الوجوه السوداء، وما ذلك بعزيز.

والسلام عليكم ورحمة الله وبركاته

كتبه لإذاعة المكتب الإعلامي لحزب التحرير

أبو محمد خليفة