ضاعت فلسطين وتبعثرت بلاد المسلمين بضياع الخلافة!
فلسطين ضاعت بعد تآمرِ بعضِ حُكّامِ المُسلمينَ على تسلِيمِها ليهود، ومِنْ هؤلاءِ الحُكّامِ مَنْ غَضَّ الطرفَ عن فلسطينَ، ومتى تَمَّ التفريطُ بشبرٍ مِنْ أرضِ المُسلمينَ يهونُ عليه التفريطُ في أكثرِ من ذلك، ومَنْ يسكتُ عَنِ التفريطِ في شبرٍ مِنْ أرضِ المُسلمينَ يسكتُ على التفريطِ في جمِيعِها، هذا حالُنا ومُنذُ أن تنازلَ المُسلمونَ عن خلافَتِهِم، عَنْ دولَتِهِم التي كانت تُوحّدُهُم، تتكرّرُ الويلاتُ والمصائبُ على الأمةِ الإسلاميةِ تترا، ألم نتعلمْ من أخطاءِ الماضي يا تُرى، ماذا فعلت الأممُ المُتحدّةُ لفلسطينَ؟ وماذا فعلَ مَجلسُ الأمنِ لفلسطين؟ أليست قراراتُ مجلسِ الأمنِ هي التي وَطَدّتْ أركانَ يهودٍ في فلسطينَ؟
العراقُ وما أدراكَ ما العراقُ، ماذا فعلت قواتُ التحالفُ في العراقِ؟
سجنُ أبو غريب، وأفعالُ الجنودِ الأمريكانِ والإنجليزِ ومجندَاتِهِم، ماذا فعلوا في السجناءِ العراقيينَ؟ ولا زالت المصائبُ تحومُ على المُسلمينَ، وها هم قد وافقوا أن تتدخلَ قواتُ التحالفِ في ليبيا، يا تُرى هل أوباما وساركوزي وكاميرون قد تمزقّت قُلوبُهم على أطفالِ ونساءِ وشيوخِ ليبيا؟ هل حقيقةً أنّهُم جَاءوا لإنقاذِ المَدنيينَ؟ هل نَزَلَتْ رحمةُ اللهِ على قلوبِ هؤلاءِ حتّى يَهُبُّوا مُسرِعِينَ بأسلِحَتِهِم الثقيلةِ؟ الكثير الكثير من الأسئلةِ التي تُراوحُ مَكانَها.
والمآسي التي حَصَلَتْ للمُسلمينَ، ولا زالت عالقةً في قلوبِ المُسلمينَ، من جراءِ تدخُلِ الغربِ في شُؤونِ المُسلمينَ، إنَّ الأمرَ لم يتوقفْ على ليبيا فحسب،ها هي أوروبا تريدُ التدخُلَ في سوريا، والأردن ها هو أيضا ينتظرُ مصيرَه.
يقولُ الرسولُ صلى اللهُ عليهِ وسلم:”: “مَثَلُ قَومٍ استَهَمُوا على سفينةٍ فأصابَ بعضُهُم أعلاَها وبعضُهُم أسفَلَهَا فكانَ الذينَ في أسفَلِهِا إذا استَقَوْا مِنَ المَاءِ مَرُّوا عَلَى مَنْ فَوقَهَم، فقالوا : لو أنَّا خَرَقْنَا في نصيِبِنَا خَرقاً وَلَمْ نُؤْذِ مَنْ فَوْقَنَا فإنْ يَترُكُوهُم وَمَا أرادُوا هَلَكُوا جميعاً، وإنْ أخذوا على أيدِيهِم نَجَوْا وَنَجَوْا جميعا “.
أينَ أنتُم يا عقلاءَ الأمةِ؟ لا تترُكُوا الأمورَ للجُهلاءِ، وإيّاكُم أنْ تُلدَغُوا مِنْ نفسِ الجُحرِ مراتٍ ومراتٍ، ورسولُ اللهِ صلى اللهُ عليهِ وسلمَ يُحذِّرُكُم حيثُ قال:” لا يُلدَغُ المُؤمنُ مِنْ جُحرٍ واحدٍ مرتين”.
إنّ الرصاصَ الذي يُطلقُ من قاذفاتِ التحالُفِ تَدفعُ ثمنُهُ أمةَ الإسلامِ، فالغربُ يعيشُ في أزمةٍ اقتصاديةٍ، وظروفُهُم لا تحتملُ النفقاتِ الباهظةِ للحربِ على ليبيا وسوريا، ولكنَّ الصراعَ الدَّوْلِيَّ القائمَ في العالمِ يجعلُ أوروبا تدفعُ بقواها أمامَ العملاقةِ أمريكا التي لم تجعلْ لأحدٍ موطئَ قدمٍ، تريدُ أن تستفردَ بهذه النعم والخيرات التي حبا الله أمةَ الإسلامِ بها، إنهم جاءوا ليس رأفةً بالمدنيينَ ولا بالأطفالِ، وإنما جاءوا لنهبِ هذه النعمِ والخيراتِ، وإنّ أمريكا تُقاتلُ أوروبا حتى آخرِ برميلِ نفطٍ، وأوروبا لا زالت تُقاتلُ أمريكا أيضاً حتى آخرِ نقطةِ نفطٍ، ولا يهُمُهم الأطفالَ والنساءَ والمدنيين بقدرِ ما يهمهم البترول الذي من أجله دمروا العراق، ولازال العراقُ جراحُه تنزفُ إلى هذه اللحظةِ، وذلك من جرّاء صراعِهِم على بترولِ العراقِ، وإنّنا لا ننسى ولن نتناسى استهزاءَهم برسولِ اللهِ صلى اللهُ عليه وسلم .ونحن لا نبكي على هذا الحال فحسب وإنما لا بُدّ لنا من أن نتعظَ، ولا نقعَ في الخطأ مراتٍ ومراتٍ، إذن، الأمرُ غيرُ متوقفٍ على ليبيا، كيف بنا إذا وصلت هذه الثوراتُ إلى أكبرِ مُنتجٍ للنفطِ في العالمِ، وإلى أكبرِ احتياطي نفطٍ في العالمِ، إلى الأرضِ المُقدسةِ، إلى البيتِ الحرامِ، ماذا ستفعلُ هذه الدولُ في صراعَاتِها مع بعضِها البعض .والأخطرُ من ذلك أنّهم يجتمعون لقتالِ المُسلمين حتى آخرِ قطرةِ دمٍ .
فقد صدق فيهم قول الحق تبارك وتعالى حيث قال:” َيا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُواْ لاَ تَتَّخِذُواْ الَّذِينَ اتَّخَذُواْ دِينَكُمْ هُزُواً وَلَعِباً مِّنَ الَّذِينَ أُوتُواْ الْكِتَابَ مِن قَبْلِكُمْ وَالْكُفَّارَ أَوْلِيَاء وَاتَّقُواْ اللّهَ إِن كُنتُم مُّؤْمِنِينَ”.
كتبة لإذاعة المكتب الإعلامي لحزب التحرير أبو جلاء