افول العهد السياسي الجبري
بسم الله الرحمن الرحيم والصلاة والسلام على سيد المرسلين وبعد ,
منذ ان هدمت دولة الاسلام على يد الدول الاستعمارية الكبرى وعلى راسها بريطانيا وفرنسا وبمشاركة روسيا وضرباتها القاتلة في خاصرة الدولة العثمانية , والمسلمون يعيشون اسوأ فترة سياسية تعيشها الامة الاسلامية عبر التاريخ , حيث ان الاستعمار الحاقد على الاسلام ودولته , عمل على تمزيق الدولة الاسلامية الى بضع وخمسين مزقة , وكان من اهم نتائج القضاء على دولة الاسلام بالنسبة للغرب بعد تغييب الاسلام عن الحكم , هو سلب سلطان الامة الاسلامية وحرمانها من ان تختار من يحكمها , واحتكار ذلك القرار على دوائر صنع القرار الغربية , ليكون السلطان للاستعمار بدل ان يكون للامة , وهذا بالقطع نتيجة طبيعية للاحتلال والهيمنة والاستعمار , حيث ان اختطاف ارادة الامة السياسية وحقها في اختيار حكامها يتماشى مع الاطماع الاستعمارية ويتناغم مع سلب الثروات وفرض الرؤى على الشعوب المغلوبة .
وحتى يتسنى للغرب تحقيق اهدافه على الارض , فما كان منه الا ان انشأ كيانات كرتونية بحدود مصطنعة , جعل على رأسها انظمة مجرمة بغيضة اغتصبت سلطان الامة وفرضت نفسها بقوة الاجهزة الامنية وجلاوزتها , وثبتت أركان نظامها عبر سياسة القهر والتخويف والتجويع , وكانت مثالا في القمع والاكراه والاجبار على تبني رؤية الحاكم , ففتحت السجون والمسالخ البشرية واحاطت نفسها بجدار من العدوانية والتسلط على رقاب العباد , لتمنع بذلك اي شكل من اشكال المحاسبة الحقيقية , وتضمن تحقيقها للاستقرار باغتصابها لسلطان الامة الاسلامية .
ان اغتصاب سلطان الامة يعني حرمانها من اختيار الحاكم الذي يحكمها, وهو يعتبر قهرا سياسيا للشعوب واذلالا لها , وحرمانها من حقوقها التى منحها اياها الاسلام العظيم , واجبارها على الخضوع للانظمة الخائنة العميلة الجاثمة على صدرها , لتكون امة بلا حراك , مستباحة في دينها وثرواتها وعقيدتها وطراز عيشها , لتكون غثاء كغثاء السيل , ليس لها دور في السياسة الدولية بغياب دولتها المبدئية , مكبلة بقيود سياسية واقتصادية وعسكرية وثقافية . وما كان لذلك ان يحدث لولا وقوع الامة الاسلامية تحت حكم الانظمة الجبرية , انظمة الاغتصاب السياسي .
الا ان هذه الانظمة الطاغوتية الظالمة , ومنذ تحسس الامة الاسلامية لطريق نهضتها , ووعيها على حقيقة التواطئ بين الحكام والغرب الكافر المستعمر , وادراكها لدور الحكام الخبيث في اضعافها وزجها في غياهب التبعية بالغرب , ونهبها الثروات وتصديرها للدول الكبرى , فمنذ ان تحول ذلك التحسس الى اعمال سياسية قائمة على الارض , وعبرت عنها الشعوب بانتفاضاتها ضد حكامها والمطالبة باسقاط الانظمة , كل ذلك ادى الى زعزعة اركان الانظمة الجبرية , وتسارعت وتيرة ترنحها وسقوطها الى غير رجعة , والاحداث جميعها في بلدان المسلمين ولا سيما البلدان العربية , تدلل بوضوح على ما وصلت اليه هذه الانظمة من حالة سياسية يرثى لها , فهي تفتقد لاية شرعية حاولت ولعقود تضليل الناس بها , فتساقطت اوراق التوت جميعها عنها , وتمت تعريتها امام شعوبها , وفقدت بعضا من سطوتها الامنية مع مؤشر هبوط مستمر لما تبقى منها , وتلاشت هيبتها امام شعوبها , تلك الهيبة التى ميزتها كانظمة جبرية مغتصبة للسلطان , وبفقدانها لكل ذلك , فانها في مرحلة افول , مرحلة القضاء عليها واخماد فتيلتها , فيكفي ما اكتوت به الامة من جراء تواجد هذه الانظمة القمعية , ويكفي تبعية للغرب , وارتماء باحضانه , ويكفي نهبا للثروات واغتصابا للسلطة , فقد آن اوان التغيير الحقيقي , آن اوان المرحلة اللاحقة للعهد السياسي الجبري ….
قال رسول الله صلى الله عليه وسلم في الحديث …. ثم تكون ملكًا جبرية.، فتكون ما شاء الله أن تكون، ثم يرفعها إذا شاء أن يرفعها. ثم تكون خلافة على منهاج النبوة
مما يبشر بالمرحلة القادمة قريبا باذن الله , مرحلة التأسي بالنهج النبوي في الحكم , والمتمثل بالخلافة الاسلامية ….
كتبه – ابو باسل