خوف الغرب من الإسلام السياسي
ذكرت صحيفة “واشنطن بوست” الأميركية أن “إدارة الرئيس الأميركي باراك أوباما تستعد لاحتمال أن تؤدي الثورات العربية لقيام حكومات إسلامية في الشرق الأوسط وشمال أفريقيا “، ويهدف ذلك بالتأكيد لإثارة الرعب والخوف بين الناس من الإسلام . إن الخوف من الإسلام السياسي يزداد عند الغرب يوما بعد يوم خاصة مع استمرار موجة الاحتجاجات في الشرق الأوسط وغرب إفريقيا وثورة الشعوب ضد حكوماتهم الفاسدة ، بالإضافة إلى امتداد الموجة لأكثر من ذلك ، فالشباب في سوريا وباكستان وطاجاكستان يدعون لاقتلاع أنظمتهم ، إن هذا الامتداد قد جعل موجة التغيير هذه اكثر من مجرد موجة تغيير إقليمي بل جعلها موجة تغيير شامل على مستوى العالم أجمع .
لا يوجد هناك من هو أكثر تأثرا من إدارة اوباما . ففي الوقت الذي كان فيه المصريون مشغولين في كفاحهم للإطاحة بفرعون القرن الواحد والعشرين مبارك ، كانت إدارة اوباما أكثر انشغالا في محاولة تقييم أي الجماعات الإسلامية تشكل تهديدا خطيرا على الولايات المتحدة الأمريكية ، وبوضوح أكثر الجماعات التي لديها طموحات سياسية مبنية على أسس ومعتقدات أيديولوجية ، والتي تؤدي إلى وصول الإسلام السياسي إلى سدة الحكم ، الذي سيعيد للمسلمين عزهم وسيادتهم ومكانتهم كخير أمة أخرجت للناس .
وتحدث مسئول كبير في الإدارة الأميركية بشرط عدم الكشف عن اسمه قائلا : ” لا يجب أن نخاف من الإسلام في سياسة هذه الدول” وأضاف ” سنحكم على سلوك الأحزاب السياسية والحكومات وليس على علاقتهم بالإسلام “.
إن هذا الكلام يدعو إلى السخرية ، ففي الوقت الذي تدعو فيه إدارة اوباما لإجراء تقييم داخلي ، فإن الغرب يدرك أهمية الإسلام عند المسلمين لأنه جزء جوهري في حياتهم وهم يدركون أنه إذا فتح الباب أمام الإسلام فإنه سيندفع كالطوفان، جارفا الديمقراطية الفاسدة و آثارها التي أتعبت البشرية، فهناك الملايين من المسلمين ينتظرون الوقت الذي سيُعلن فيه قيام الدولة الإسلامية ، مما يخيف الغرب ويجعل فرائصه ترتعد.
خلال العقود الماضية ، كان هناك دعوات للإصلاح على أساس القومية ، لكن الاحتجاجات الأخيرة خلال الشهرين الماضيين أظهرت حاجة الناس ودعوتهم الصادقة لعودة الإسلام لمعترك الحياة، بالرغم من محاولة الإعلام الغربي حجب الأصوات التي تدعو للإسلام والتعتيم على الرايات السوداء التي كتب عليها ” لا اله الا الله محمد رسول الله ” وصلوات الجماعة الضخمة في الميادين والدعاء إلى الله بتخليص المسلمين من حكامهم الطواغيت. إن هذا النوع من الثورات قد وضع الولايات المتحدة والغرب في وضع حرج، خصوصا أن منطقة الشرق الأوسط تعتبر مكانا للصراع على المصالح الحيوية.
وصرح مسئول كبير في الإدارة الأمريكية قائلا : “سوف لن نسمح لأنفسنا بان ننقاد للخوف” إن هذا الكلام يدعو إلى السخرية لأنه أبعد ما يكون عن الواقع، وإن هذه التصريحات قادت إلى موجة من ردود الأفعال في صورة نقاشات ساخنة، مفادها أن البيت الأبيض يتجاهل الأعلام الحمراء للجماعات الإسلامية المختلفة – كناية عن الخطر الداهم والقادم من الجماعات الاسلامية-، مما أثار جدلا ساخنا آخر تحت عنوان”هل تخلت الولايات المتحدة الامريكية عن خوفها من الإسلام ؟” حاول المحللون والسياسيون أن يحوَّروا الكلام ليتناسب مع أوهامهم، مما أدى إلى كشف خوفهم من وصول الإسلام السياسي للحكم والذي يقوم على أساس الحكم بما أنزل الله وعدم جواز التدخل الأجنبي تحت ذريعة ما يسمى بحقوق الإنسان والحرية.
خرج المسلمون في الإحتجاجات الأخيرة وهم لا يملكون جيشا ولا أسلحة ثقيلة ، ولكن الغرب ارتعدت فرائصه منهم ، وقام بتكليف مختلف مراكز الأبحاث والمعاهد والمؤسسات للبحث في كيفية امتصاص غضبهم وتقييد جهودهم المخلصة وإبعادها عن الإسلام. ولكن الأمة الإسلامية أمة ذكيّة بالرغم من الظروف الصعبة التي تعيشها، ولولا عمل الغرب من خلال عملائه على قمع المسلمين ومحاربتهم في أرزاقهم لإشغالهم عن قضيتهم الرئيسية والتفكير في الحصول على لقمة العيش ، لكانت نهاية الغرب أسرع من لمح البصر .
وفي الآونة الأخيرة حاول الطغاة في قصورهم الفخمة التفكيرفي وسائل لإسكات شعوبهم المضطهدة ، ولكن هذه المرة لن ينفع معهم لا خفض اسعار السلع الغذائية الأساسية ولا المساعدات ولا غيرها . إنها مسالة وقت قبل أن تسقط عروش الطغاة ويحكم الإسلام السياسي من خلال خليفة واحد منتخب من قبل المسلمين أنفسهم ومن غير تدخل غربي .
إنهضوا أيها المسلمون و لا تتراجعوا وستنجحون، فهذا وعد الله تعالى لنا، سيحاول الغرب بكل ما أوتي من قوة محاربة الإسلام لكن الله متم نوره ولو كره الكافرون. قال الله تعالى: {وَإِذْ يَمْكُرُ بِكَ الَّذِينَ كَفَرُوا لِيُثْبِتُوكَ أَوْ يَقْتُلُوكَ أَوْ يُخْرِجُوكَ وَيَمْكُرُونَ وَيَمْكُرُ اللَّهُ وَاللَّهُ خَيْرُ الْمَاكِرِينَ }الأنفال: ٣٠.
انتفضوا أيها المسلمون ضد أنظمة الكفر، وادعوا إلى الإسلام، أعيدوا شحن قواكم بالإيمان الصادق في قلوبكم ولا تسمحوا للعجز واليأس أن يتسلل إلى نفوسكم، فأنتم المنصورون بإذن الله.
{إِنَّا لَنَنصُرُ رُسُلَنَا وَالَّذِينَ آمَنُوا فِي الْحَيَاةِ الدُّنْيَا وَيَوْمَ يَقُومُ الْأَشْهَادُ} غافر: ٥١
كتبته للإذاعة
منال بدر