بعد ثماني سنواتٍ عِجاف.. ماذا ينتظر أهلُ العراق من المحتل وأعوانه؟!
بعد ثماني سنواتٍ عِجاف.. ماذا ينتظر أهلُ العراق من المحتل وأعوانه؟!
في التاسع من نيسان الجاري، تمرُّ بنا ذكرى أليمة.. تؤذي كل نفس تتوق للعزة والكرامة، ثماني سنوات على احتلال العراق، أغنى وأعرق دول الأرض حضارة وعلماً وموارد، من قبل أمريكا زعيمة الكفر والعُهر والطغيان، أعانها في ذلك دول غربية وشرقية، ناهيك عن مباركة [حكام المسلمين]، تظاهروا عليه لتمزيقه شر ممزق، وانهال على أهله الكرام وابلٌ من المصائب والكوارث ما لو أصاب مِعشارها غيرهم لهلكوا وبادوا!
أيها المسلمون في العراق:
ماذا عسانا ننتظر ممن وضعوا أيديهم بيد عدو كافر مستعمر، بحجة الخلاص من طاغوت لَعين؟! فاتخذوه ولياً من دون الله تعالى ورسوله والمؤمنين، في حين أنّ الإسلام قد حرّم ذلك، قال تعالى: {يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا لَا تَتَّخِذُوا الْيَهُودَ وَالنَّصَارَى أَوْلِيَاءَ بَعْضُهُمْ أَوْلِيَاءُ بَعْضٍ وَمَنْ يَتَوَلَّهُمْ مِنْكُمْ فَإِنَّهُ مِنْهُمْ إِنَّ اللَّهَ لَا يَهْدِي الْقَوْمَ الظَّالِمِينَ}، وقال تعالى: {يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا لَا تَتَّخِذُوا بِطَانَةً مِنْ دُونِكُمْ لا يَأْلُونَكُمْ خَبَالاً وَدُّوا مَا عَنِتُّمْ قَدْ بَدَتِ الْبَغْضَاءُ مِنْ أَفْوَاهِهِمْ وَمَا تُخْفِي صُدُورُهُمْ أَكْبَرُ قَدْ بَيَّنَّا لَكُمُ الْآيَاتِ إِنْ كُنْتُمْ تَعْقِلُونَ}.
لقد زعم هذا العدو أنّه جاعل من بلادنا أنموذجاً يحتذى به! فإذا به يعود بنا القهقرى عقوداً موغلة في الظلم والفوضى وانعدام الأمن على أيدي من فرضهم [حكاماً] أو عمالاً يأتمرون بأمره يسعون ليل نهار لتحقيق مآربه الخطيرة الخبيثة في نهب خيراتنا مستخدماً إياهم أدواتٍ طيعةً للبطش والتنكيل تحت مسميات شتى، وما أمْرُ السجون وعديدِ مَنْ فيها من الأبرياء ببعيد، ولم يقفوا عند هذا، بل هم دائبون ليل نهار على ترسيخ شرعة الرأسمالية العفنة بدل ديننا الحنيف، وعقيدة فصل الدين عن الحياة والدولة والمجتمع، التي تعني: لا حكم لله في الشأن العام، تعالى الله عما يقولون علوا كبيراً، بدل عقيدة: (لا اله إلا الله محمد رسول الله).
وأما عن بلبلة الأفكار وتسميم العقول فحدِّث ولا حرج، عبر ماكنتهم الإعلامية الجهنمية، وأبواقهم المأجورة، فملأوا الأجواء بمفاهيم غريبة عن ديننا الذي هو أُسُّ حضارتنا، كمثل: الطائفية، والعرقية، والمحاصصة، والشفافية، والحريات الماجنة، وقبول الرأي (حتى الكفر) والرأي الآخر، والفدرالية، وتقرير المصير، …، نقلها إلينا عدو كافر لئيم مريض، حتى أصبح العراق (بفضل) المحتل وأذنابه يعتلي سُلم الدول الفاشلة على الصُعد كافة وبامتياز!!
أتدرون لمَ كل هذا؟! لأنّ معيار المحتل الرأسمالي الوحيد هو (النفعية) أو (المصلحة) فلا شأن له بأيّة قيمة روحية أو أخلاقية أو إنسانية، وهو دائب السعي لتحقيق مآربه وإن كان ثمنها تدمير بلادنا.. الأمر الذي حمله على إيصال أناس إلى سدة الحكم يشاطرونه القناعات نفسها وينسجون على منواله، ونظرة في [مكتسبات] الطبقة الحاكمة تُنْبِيكم عن حجم الدمار والخراب الذي أصاب بلادنا، وإلا فكيف لميزانية تصل أكثر من 80 مليار دولار، هو ما لم يكن يعرفه العراق من قبل، تعجز عن الوفاء بمتطلبات البنى التحتية والإعمار وتوظيف القوى العاملة وتقديم الخدمات، على مستوى الحدود الدُنيا؟!
وهكذا.. دفعت الأمة ثمن التخلص من طاغوت واحد أن وقعت تحت وطأة جيشٍ من الطواغيت، كالجراد يأكلون الأخضر واليابس، يُنفِّذون سعي الكافر المحتل في سلخها عن دينها وعقيدتها، ولا يرقبون في مؤمن إلا ولا ذمّة، وأضحت فضائحهم معروفةً للقاصي والداني، وهم محميّون من هذا الكافر المستعمر.
أيها المسلمون:
إنّ الرائد لا يكذب أهله، فلقد حذَّرْنا وأخلصنا لكم النصح أن لا فائدة تُرجى من حكومات يفرضها عدو لكم، ولقد تبخرت وعود كل الحكومات التي أعقبت الاحتلال “كسراب بقيعة يحسبه الظمآن ماء”، لذا فالسبيل الوحيد لنيل سعادة الدنيا والآخرة هو العمل مع المخلصين العاملين لاستئناف الحياة الإسلامية لنبذ الكفر والكافرين والمنافقين من بلاد المسلمين، ومبايعة خليفةِ عدلٍ بالرضا والاختيار، يحكم فينا بكتاب ربنا وسنة نبينا عليه الصلاة والسلام، نتخذه درعاً نقاتل من ورائه كلَّ مُعتدٍ، ونجمع به شتات المسلمين في الأرض في دولة عظيمة هي دولة الخلافة الراشدة الثانية على منهاج النبوة، ولن تجرؤ كل قوى الكفر على تدنيس شبر من أرضنا.
{وَيَوْمَئِذٍ يَفْرَحُ الْمُؤْمِنُونَ بِنَصْرِ اللَّهِ يَنْصُرُ مَنْ يَشَاءُ وَهُوَ الْعَزِيزُ الرَّحِيم}.