تعليق على تصريح الوزير الأول حول حزب التحرير
تعليق على تصريح الوزير الأول حول حزب التحرير
يقول الوزير الأول، الباجي قائد السبسي، في مقابلة مع وكالة فرانس برس، بصراحة ودون مواربة، بأنه هو من طلب شخصيا عدم الترخيص لحزب التحرير؛ هكذا، بقرار سياسي واضح لا بسند قانوني. وفي هذا اعتراف صريح بأن الدولة التي يدّعي الحاكمون بالأمس واليوم أنها قائمة على القانون والمؤسسات إن هي إلا أداة طيعة للتمويه، ومُسخَّرة لإرادة جهة متنفذة تَسْخَر في سرِّها وعلنها من قول الناس المأثور “الشعب يريد…”. وأتبع الوزير تصريحه بقوله أن حزب التحرير يدعو إلى كراهية الآخر!! إنها لمفارقة عجيبة ساخرة، فعن أي كراهية يتحدث؟ لعله يقصد الصهيونية وشعارها المفضوح “اللاسامية”, فإن كان الأمر كذلك فنيابة عمّن يتكلم السيد الوزير؟!
وإن كان يقصد بالآخر أبناءَ الأمة، فإن الحزب مشمول بقول الله تعالى: {إِنَّمَا الْمُؤْمِنُونَ إِخْوَةٌ}، وبقول الرسول صلى الله عليه وسلم «لا يؤمن أحدكم حتى يحب لأخيه ما يحب لنفسه»؛ حبَّ الإيمان المثمر لا حبَّ الماسونية الحالك.
وإن كان الوزير يعني غيرَ المسلمين عموما، فالله تعالى يقول، وهذا ما نفهمه ونتبناه، {وَلاَ يَجْرِمَنَّكُمْ شَنَآنُ قَوْمٍ عَلَى أَلاَّ تَعْدِلُواْ اعْدِلُواْ هُوَ أَقْرَبُ لِلتَّقْوَى}، والبر بين المسلمين وأصحاب الأديان الأخرى عبر التاريخ في بلاد الإسلام يُدرس عبراً ومواعظَ في الكليات المتخصصة، فعمَّ يتحدث هذا الوزير؟!
وفي المقابل، من الذي مارس الكُرْه إلى حد الإقصاء والقتل والاغتيال، ليس مع الآخر، بل مع أبناء البلد المؤمنين الآمنين؟ أليس هو بورقيبة الذي يتشرف به الوزير جزءاً من جلبابه؟! أليس هو من قتل الزيتونيين واليوسفيين تقتيلا؟!
ثم من الذي مارس الكره إلى حدٍّ يدعو إلى الغثيان؟ أليس هو الحزبَ الحاكم سابقاً، والذي ادعى الباجي قائد السبسي نفسه إلى وقت قريب أنه حزب الأمة؟ فذاك الحزب كَرِهَ الجميع، ووصل بالبلاد والعباد إلى حد تلك المرحلة المرعبة (نحكمكم أو نقتلكم)!!؛ فأحَلَّ الرعب في الآفاق، وامتص دماء العباد وأموال البلاد. ولأن رجال هذا الحزب الحاكم الظالم هم دعاة حب الآخر حباً جماً، فقد رخص قانونُ أحزابه ومِن ورائه اليدُ الخفيّة لـ 16 حزباً تدور في فلك التجمع وتتقاسم الأدوار معه… هكذا الحب أو لا يكون… حب الشعب طبعاً من خلال موعد جديد لهؤلاء المحميين بالقانون ليُعلِّموا الشعب معاني الحب مجدداً، وربما ليتداركوا أخطاء بن علي في تساهله وضعفه أمام ثورة الشعب. وبمقياس الحب والكره أيضا تم الاعتراف بأحزاب تتبنى أن “الدين أفيون الشعوب”، وتعتبر المتدينين به رجعيين متخلفين، وتعتبر الأغنياء بورجوازيين أعداء الشعب…
هكذا أيها الوزير تزرعون كل أنواع التناقض في المجتمع لنحصد جميعا ما هو أشد من الكره…
إن هذه التصريحات الغريبة هي اعتراف صريح وقوي “قانونيا” (ما دام القانون متجاوَزا ) وسياسيا (ما دام حزب التحرير مع الأمة ضد الاستعمار)، اعترافٌ بجدارة أن يكون حزب التحرير ويقوم، وهو كائن وقائم، بإذن الله تعالى متبعا شرعه.