Take a fresh look at your lifestyle.

الإعلامُ يطمسُ الحقيقةَ

 

        المبدأُ الرأسماليُّ المُطبقُ في أغلبِ دُولِ العالمِ، والرأسماليون يستغلون وسائلَ الإعلامِ ويُسيّرونَها كَيفَمَا شَاءُوا، هؤلاءِ الرأسماليون ينشرونَ هذا المبدأَ عبرَ هذه الوسائلِ، ويُشغِلُّون الكثيرَ من الإعلاميين في هذا المجالِ، والأمرُ لا يعتمدُ على الفضائيات ِأو الانترنتِ، وإنّما هذا بسببِ التطوّرِ العلميِّ والتكنولوجيِّ في وسائلِ الإعلامِ، لذلك أصبحَ الإعلامُ ركيزةً من ركائزِ الحُكّامِ الذين يغتصبون حقَّ الأمةِ الإسلاميةِ، وعليه فإنّ وسائلَ الإعلامِ في أيِّ دولةٍ مِنْ دُولِ العالمِ الآنَ هي بيدِ السلطةِ الحاكمةِ، وبما أنّ الحُكّامَ هُم مَنْ يُطبّقونَ الرأسماليةَ والديمقراطيةَ المُنبثقةَ منها، لذلك فإنّ الإعلامَ مُستمرٌ في نشرِ المبدأِ الرأسماليِّ عن طريقِ ِهؤلاءِ الحُكّام ِ، لذلك يعملُ الحُكّامُ على استغلالِ الإعلام ِوتسخيرِهِ لَهُمْ على النحوِ التالي:

1- تكرارُ بعضِ المواقفِ مثلُ الأناشيدِ الوطنيةِ والثوريةِ، والأغاني الحماسيةِ لبعضِ الحُكّامِ، حتى يُظهِرُوا للشعبِ أنَّ هذا الحاكمَ هو ثوريٌّ وطنيٌّ، حتّى أصبحَ الشعبُ يحفظُ هذه الأناشيدَ والأغاني عن ظهرِ قلبٍ.

2- نشرُ صورِ الحُكّامِ في أغلبِ الدُّولِ عبرَ الشاشاتِ التلفزيونيةِ، حتّى أصبَحَت هذِهِ الصورُ لا تغيبُ عن أذهانِ النّاسِ، وكأنَّ هؤلاءِ الحُكّامَ هُمُ المعبودون، ولا يقفُ الأمرُ عندَ هذا الحدِّ بل إنَّ صُورَهُم مُعلقةٌ فوقَ رؤوسِ المسؤولينَ العاملينَ في جميعِ دوائرِ ومؤسساتِ الدولةِ.

3- إخفاءُ وطمسُ الحقيقةِ عن طريقِ ِجميع ِوسائلِ الإعلامِ، ويعملُ الحُكّامُ عن طريقِ الإعلامِ على استغلالِ المنابرِ والمساجدِ،وذلك بتوجيهِ الأئمةِ والخُطباءِ عَلى مَا يُريدونَ، وهذه ذاتُ الأهميةِ الكُبرى في حياةِ المُسلمينَ، ويعملُ هؤلاءِ الحُكّامُ على جعلِ المساجدِ والمنابرِ فقط للصلواتِ وعدمُ ذكرِ الحُكّامِ بشيءٍ يسوؤُهُم أو ينقدُهُم أو يحاسِبُهُم حتّى جعلوا خطبَ الجُمعةِ بيدِ الأوقافِ وبعضِ عُلماءِ السلاطينِ الذينَ باعوا دينَهُم بفُتاتٍ من بقايا الحُكّامِ.

4- الكذبُ على الشعوبِ حتّى وصلَ بِهِمُ الحَالُ إلى تصويرِ الهزيمةِ إلى نصرٍ، والنصرِ إلى هزيمةٍ، في الوقتِ الذي جَعَلُوا الأمةَ لا تعرفُ النصرَـ،وإنّما عرفتِ الأمةُ مُنذُ تولّي هؤلاءِ الحُكّامِ الهزيمةَ والانسحابَ والتكتيكَ والاحتفاظَ بحقِّ الردِّ في الوقتِ المُناسبِ.

         مُنذُ بعثَتِهِ صلى اللهُ عليهِ وسلمَ كانَ الإعلامُ بوسائِلِهِ البسيطةِ، القلمِ واللسانِ، يستعملُه الكُفّارُ لإبعادِ النّاسِ عن الإسلامِ وتحذيرِهِم مِنْ رسولِ اللهِ صلى اللهُ عليهِ وسلمَ، وأيضاً تلفيقُ الأكاذيبِ المُضلِّلةِ ضدَّ رسولِ اللهِ صلى اللهُ عليهِ وسلمَ، ممّا جعلَ زعماءَ قريشٍ قد  ضلُّوا وأضلُّوا غيرَهُم بعدَ علمٍ بحقيقةِ رسولِ اللهِ صلى اللهُ عليهِ وسلمَ، ومِمّا يدلُ على ذلكَ هو سؤالُهُم ليهودٍ عن الأنبياءِ والرُّسُلِ، وأنّه قد بُعِثَ نَبِيٌّ مِنْ قُريشٍ وبعدَ فشلِ زعماءِ قريشٍ في كافةِ الوسائلِ والأساليبِ، بدأوا بعملِ دعايةٍ ضدَّ رسولِ اللهِ صلى اللهُ عليهِ وسلمَ، وهذا الطفيلُ بنُ عمروٍ الدُوسيِّ يصفُ لنا ما حَصَلَ عندَ زيارتِهِ مكةَ وقد شَرَعَ الرسولُ يجهرُ بدعوَتِهِ وَخَشِيَتْ قريشُ أن يلقاه الطفيلُ ويُسلمَ مِنْ أجلِ ذلكَ أحَاطُوا بِهِ وَهَيئُوا لَهُ مِنَ الضيافةِ كُلَّ أسبابِ الترفِ والبهجةِ والنعيم،ِ ثُمَّ راحوا يُحذرونَه لقاءَ رسولِ اللهِ صلى اللهُ عليهِ وسلمَ، ويقولون له:
” إنَّ لَهُ قولاً كالسحرِ، يُفرّقُ بينَ الرجلِ وأبيهِ.. والرجلِ وأخيهِ..
والرجلِ وزوجتِهِ.. وإنّا نَخشَى عَليكَ وعلى قومِكَ منهُ، فلا تُكلِمْهُ
ولا تسمعْ منهُ حديثاً”..!!  :” فوالله مَا زَالوا بي حتّى عَزَمتُ ألاّ أسمعَ منه شيئاً ولا ألقاه..
        وحينَ غدوتُ إلى الكعبةِ حشوتُ أذنيَّ كُرسُفا كي لا أسمعَ شيئاً
مِنْ قولِهِ إذا هو تحدّثَ ،وهُناك وجدتُهُ قائماً يُصلي عندَ الكعبةِ، فقمتُ قريباً منهُ، فأبي اللهُ إلاّ أنْ يُسمِعَنيَ بعضَ ما يقرأُ، فسمعتُ كلاماً حسناً..
وقلتُ لنفسي: واللهِ إنّي لرجلٌ لبيبٌ شاعرٌ، لا يخفى عليَّ الحسنُ مِنَ القبيحِ، فما يمنَعُنِي أن أسمعَ مِنَ الرجلِ ما يقولُ، فإن كانَ الذي يأتي به حسنٌ قبلتُه، وإن كانَ قبيحاً رفضتُه. ومكثتُ حتّى انصرفَ إلى بيتِهِ، فَتَبعتُه حتّى دخلَ بيتَه، فدخلتُ وراءَه، وقلتُ له: يا محمدٌ، إنَّ قومَكَ قدْ حدّثُونِي عنكَ كَذا وكَذا واللهِ ما بَرِحُوا يُخوّفُوننِي أمرَكَ حتّى سَدَدتُ أذنيَّ بِكُرسُفٍ لئلا أسمعَ قولَكَ..ولكنَّ اللهَ شاءَ أنْ أسمعَ، فسمعتُ قولاً حسناً، فاعرضْ عليّ أمرَكَ..فَعَرَضَ الرسولُ عَلَيَّ الإسلامَ، وتلا عليَّ مِنَ القرآنِ..فأسلمتُ، وشَهِدتُ شهادةَ الحقِّ، وقلتُ: يا رسولَ اللهِ: إنّي امرؤٌ مُطاعٌ في قومِي وإنّي راجعٌ إليهِم، وداعيهُم إلى الإسلامِ، فادعُ اللهَ أنْ يجعلَ لي آيةً تكونُ عوناً لي فيما أدعُوهم إليه،فقالَ عليهِ السلامُ: اللهُمَّ اجعلْ لَهُ آيةً”.. 

إنَّ الحُكّامَ ومعَهُم ركائِزِهُم من الإعلامِ وغيرِها كالنعامةِ التي تَدفنُ رأسَها في الترابِ ،هكذا يفعلونَ ويُفكرون وكأنَّ الأمةَ غافلةٌ عن ألاعِيبِهِم  وَكَذِبِهِم وإخفائِهِمُ الحقيقةَ .

إنَّ الأمةَ الإسلاميةَ قد عوفيت من الضرباتِ التي تلقَتهَا من هؤلاءِ الحُكّامِ وَزَبَانِيَتِهِم، وها هي الروحُ قد دبّت فيها وعادَ شبابُها إليها وبدأت تبحثُ عن عزِّهَا ومجدِها وما هي إلّا ساعاتٌ وستُعلِنُ الأمةُ الإسلاميةُ عن تطبيقِ الإسلامِ في جميع ِنواحي الحياةِ، وَسَتُعلِنُها خلافةٌ راشدةٌ على منهاجِ النبوةِ.

وآخرُ دعوانا أنِ الحمدُ للهِ ربِّ العالمينَ.

كتبَه لإذاعةِ المكتبِ الإعلاميِّ لحزبِ التحريرِ أبو جلاء