خوف يهود من التحركات والتغيرات في بلاد المسلمين
مقدمة:
إنّ كيانَ يهودٍ غريبٌ عَنْ هَذِه المَنْطِقَةِ خاصةً أنَّها بعدَ الفتح ِالإسلاميِّ أصبحت بلاداً إسلاميةً، وهذا الكيانُ زُرِعَ في قلبِ الأمةِ الإسلاميةِ.
إنَّ زراعةَ هذا الكيانِ كانَ بالتآمُرِ مَعَ حُكّام ِهذه المَنطِقَةِ،حكام سوريا والأردن ومصر وغيرها وَمَا أنْ دَقّتْ سَاعَةُ الثورةِ حتّى أصبحَ هذا الكيانُ يرتعدُ خوفاً من أيِّ تغييرٍ في المَنطِقَةِ، والذي جَعَلَ هذا الكيانُ يعيشُ حالةً من الغثيانِ عِندَمَا وَصَلَتْ الثورةُ إلى جوارِهِ سُوريا بعد مصر، التي طَالمَا كَانَ الوَضعُ فيها هو لِصَالح ِيهودٍ، فَهؤلاء ِيهودٍ يَسرحُونَ وَيَمرحُونَ في هذه المنطقة كَيْفَما شَاءُوا، وحُكّامُ سوريا أيضا يَتواطَئُونَ مع يهودٍ، حيثُ كَانَتْ حَالةُ الاستقرارِ قائمةً مُنذُ حَربِ 67م، وإنَّ الاتِّهَامَاتِ التي سَبَقَتْ من أمريكا ويهود لحُكّام ِسُوريا بأنَّها تَرعَى الإرهابَ هو كَذِبَ ، وعليه فإنَّ أيَّ حركةِ تغييرٍ في سُوريا خاصةً، وفي أيِّ بلدٍ من بلادِ المُسلمينَ يُؤثّرُ سَلباً على عيشِ هذا الكيانِ، وإنَّ يهودَ هُمْ مُفسدونَ في الأرضِ مُنذُ وجُودِهم. وَيَومَ بُعِثِ رسولِ اللهِ صلى اللهُ عليهِ وسلمَ، فَقَدْ كَانَت المدينةُ تَقطُنُها قبائلَ يهوديةٍ، وَعَقَدَ رسولُ اللهِ صلى اللهُ عليهِ وسلمَ مَعَهُم العهودَ وَالمَواثيقَ فسرعان مَا نَقَضُوا هذه العهودَ والمواثيقَ، فتمَّ إجلاءُ بني قَيْنُقَاعٍ وَبَنِي النَضِيرِ وَمِنْ ثَمَّ ذَبْحُ يهودِ بني قريظةَ، وَعَليه لمْ يبقَ بجوارِ المُسلمين مِنهُم سُوى يهودِ خيبرَ وَتَمّ فَتحُهَا بَعدَ صُلحِ الحُديبيةِ، والصُلحُ مَعَهُم على نصفِ الثِمارِ، وَمَا هِيَ إلاّ سنواتٍ حتّى بَعَثَ أميرُ المُؤمنينَ عُمَرُ بنُ الخَطّابِ إلى يهودِ خيبرَ مُحمدُ بنُ مَسلمة. لإخراج ِاليهودِ من خيبرٍ وكَانَ زعيمُ اليهودِ يومئذٍ ابنُ الحارثِ فَقَالَ لَهُ مُحمدُ بنُ مَسلَمَة أنَّ أميرَ المُؤمنينَ عُمرَ بنُ الخَطابِ يَأمُرَكم بِأنْ تَرحَلُوا مِنْ جَزيرةِ العَربِ فَقَالَ ابنُ الحَارثِ لَقَدْ أقَرّنَا رَسُولُكُم على البقاءِ في الأرضِ نَزرَعُهَا على شطرِ ما تُخرِج، فَقَالَ مُحمدُ بنُ مَسلَمَة كَانَ ذَلكَ أولَ الإسلام ِوَلَكِنَّه أوصَى قَبلَ وَفاتِه صَلّى اللهُ عليهِ وسلمَ ألاّ يَبقَى في جزيرةِ العربِ دِينَانِ، فَقَالَ ابنُ الحَارثِ لِشَدِّ مَا تَهتَمُ عَلينَا أيُّها النّاسُ واللهِ لا يَكونّنَ لِهَذا اليوم ِالذي أغلَلتُمونَا فيه وَفَضَحتُمُونَا وأَجلَيتُمُونَا عَن أرضِ أبائِنَا، يَومٌ مِثلَه يَكونُ لنا عَليكُم فَقَدْ جَاءَ في كُتِبِنَا أنَّه سَوفَ يَجيءُ يَومٌ تَدخُلُ اليهودُ عَلى أبناءِ يَعرُبَ هَؤلاءِ، فَيَذيقونَهُم بَأسَاً شَديداً وَعَذاباً أليمَاً حَتّى تَكونَ الُّلقمَةُ في يدِ المُسلمِ قَدْ أدنَاهَا إلاّ فيه،فَإذا على رأسه رِجَالا مِنْ أشدّاءِ يهودٍ تُنَفِرُّه حتّى يَدعهَا لَهُم، وَلَتَدخُلَنَّ نِسَاءنَا عَلى نِسَائِكُم حتّى لا تَبيتَ امرأةٌ مِنْ نِسَائِكُم إلاّ بَاتَت بِشَرِّ ليلةٍ مِمّا لاقَت مِنْ نِسَائِنا، وَلَنَسُوقَنّكُم كَمَا سُقتُمونَا حتّى نُجليكُم عن ديارِ آبائِكُم وأجدَادِكُم، وَلَنَفعَلَنَّ الأفاعيلَ حتّى تَكونَ لنَا الكَلِمَةُ العُليا ونَحنُ يومئذٍ أحقُّ بها، واللهِ لا نَصبرُ على مَا آذيتُمونَا إلا امتغارا لِمَا يكونُ غداً كَمَا قَالَ لنا أنبياؤنا وَكَأنَّني أنظرُ إلى غدٍ، فأرى وُجَوهَ الأحبابِ مِنْ بَنِي إسرائيلَ قَد سَقَطَت عَليكُم مِنْ كُلِّ فَجٍّ، كَأنَّها جَرادٌ مُنتَشَرٌ تَأكُلُ يابِسَكُم وَطَرِيَكُم وَلا تَدَعُ لَكُم موطئَ قَدَمٍ إلاّ كَانَت تَحتَه مِثلَ جَمرِ النّارِ.
إنَّكُم تَقولون إنَّ اللهَ قَد ضَربَ عَلينا الذِلَّةَ والمَسكَنةَ وإنْ صَدَقتَكُمُ اليومَ إذ أمَرَ آمِرَكُم، لَتَعلَمُنَّ غداً أننا شَعبُ اللهِ الذي لا يَرضَى له الذِلَّةَ والمَسكَنةَ، فَقَد كُنّا مُلوكَ الأرضِ، فَدالَت دَولَتُنَا كَمَا دَالَت قَبلَهَا دُوَلٌ، وَلَكِنَّ اللهَ بالغُ أمرِهِ، وَيَومَ تَدولون كَما دِلنا وَيعودُ الأمرُ إلينا، فَنَحنُ قَومٌ أولو بَأسٍ شَديدٍ، وَنَحنُ أهلَ الكِتابِ الأوَلِ، وَنَحنُ أتباعَ الحَقِّ، فَإذَا جَاءَ ذَلكَ اليَومُ يا أبا عَبدِ الرَحمنِ فَستعَلمُونَ أنَنا أشَدُّ بأساً وأشدُّ تَنكِيلاً، فَواللهِ لَنتَخِذَنّكُم لنا أعواناً عَلى أنفُسِكُم، وَلنَضرِبَنَّ غَاديكُم بِرائِحكُم، وَمُقبِلِكُم بمُدبِرِكُم، وَلنُوقِعَنَّ الفِتنةَ بَينَكُم حَتّى يُصبحَ الرجلُ مَنكُم مُؤمناً ويُمسي كَافراً وَليَكونَنَّ لنا مَنْ أنفُسِكُم رِجالاً يُخربون بيوتَ آبائهم وَهُم عنَّا رَاضونَ ولنا مُطيعونَ.
قَالَ أبو عبدِ الرحمنِ مُحمدُ بنُ مَسلمةَ فَسَمعتُ الرَجلَ يقولُ قولَاً كبيراً فَقَالَ لَئِن صَدَقَ أنبياؤكم فَكانَ ذَلكَ. فَمَا صَدقوكُم إلاّ لِيصدِّقُوا قَولَ رسولِ اللهِ صلى اللهُ عليهِ وسلمَ في خبرِه فانتُمُ اليومَ أشتاتا مُبعثرون في جَلباتِ الأرضِ ولَيَزيدَنّكُم رَبُّكُم فُرقةً وشتاتاً فإذا جَاءَ ذَلكَ اليومُ فَدخلتُم عَلينا وعلى أمرِكُم من حيثُ يشاءُ اللهُ فينا فَلِكَي تَتمَّ كَلمةُ اللهِ فيكم، َولَنُعَذِبَكُم ولَنستَأصِلَنَّ شَأفَتَكُم مِن أرضِه، وَلِتَكونوا عبرةً للمُعتَبرينَ مِنْ أمثَالِكُم، فَقَد قَالَ الصَادقُ المَصدوقُ عليهِ السلامُ: تُقَاتِلَكُم يَهودُ فَتُصلِتُونَ عليهم حتى يقولَ الحجرُ والشجرُ يا مُسلمُ يا عبدَ اللهِ هذا يهوديُّ وَرائي تَعالَ فَاقتُله فوالله لَيكُونَنَّ ذَلكَ كَما أرادَ اللهُ، ويَومئذٍ يعضُّ طُغاتُكُم وطَواغيتُكُم مِنَ النَدَمِ، فَالعربُ يَا ابنَ الحَارِثِ لا يَنامُ ثائرُهَا ولا يُخطَمُ انفُهَا بِخِطَامٍ .
فَقَدْ تَحَقّقَ مَا تَحَقّقَ مِنْ هَذا المَوقفِ مِنْ أفاعيلِ يهودٍ، وَنَحنُ نَنتَظِرُ نِهايَةَ المَوقفِ الذي بَشرّ به رسولُ اللهِ صلى اللهُ عليهِ وسلمَ وَهُو قِتالُ يَهودَ وأن تَكونَ الكلمةَ العُليا للإسلامِ، وَلا مَكانَ لهؤلاءِ النَجس ِ”وَضَاقَتْ عَلَيْكُمُ الأَرْضُ بِمَا رَحُبَتْ” .بأنَّ هذه الأحداثِ التي أقلَقَتْ مَضَاجِعَ يهودٍ وهُم يَنظرونَ إلى هذه الأحداثِ بِنَظَرَاتٍ خَفَيَةٍ، وَنَحنُ حَمَلَةَ الدَعوةِ نَرقُبُ الأحداثَ وَنَنظرُ إليها مِن زَاوِيةٍ خاصةٍ، ولا نَغيبُ عَنِ الساحةِ السياسيةِ، وَنحنُ بانتظارِ أن يَخيبَ فَألُ يَهودٍ وانْ تكونَ الكَلمةَ العُليا للمُخلصين الذين يوصِلونَ لَيلَهُم بِنهارِهِم في العملِ لإقامةِ سُلطانِ اللهِ في الأرضِ وتطبيق ِشرع ِاللهِ عزَّ وجلَ بإقامةِ الخلافةِ الراشدةِ الثانيةِ التي بَشرَّ بها رسولُ اللهِ صلى اللهُ عليهِ وسلمَ ثم تكونُ خلافةً على منهاج ِالنبوةِ.
وآخرُ دعوانا أنِ الحمدُ للهِ رَبِّ العَالمينَ.
كتبه للإذاعة أبو جلاء