للحرية لا للعبودية
يعيشُ الإنسانُ بينَ الخيالِ والوهمِ تارةً، وبينَ الواقع ِوالحقيقةِ تارةً أخرى، ولا يَلْبَثُ الإنسانُ أن يُناقِضَ نفسَه، وذلكَ مِنْ جَرّاءِ العقيدةِ التي تتحَكَمُ في سيرِهِ في هذه الحياةِ.وإنَّ حقيقةَ هؤلاءِ الحكامِ أنَّهم لا يَعيشونَ مع الأمةِ، ولا يَسمعونَ إلى فقرائِها ولا مُحتاجِيها، هؤلاءِ الحُكَّام ِيَعيشونَ في قصورٍ فارهةٍ، وإذا جَدَّ عَليهم خطرٌ فإنَّهم يَعيشونَ في أقبيةٍ تحتَ الأرضِ . إنَّ الغربَ قَدْ صدّرَ الديمقراطيةَ وأوجدَ الغربُ له حُكّاماً يُطبقونَ هذه الديمقراطيةُ على هذه الشعوبِ. ولكنَّ هذه الديمقراطيةَ تتناقضُ مع عقيدةِ الأمةِ، تتناقضُ مع منهاج ِهذه الأمةِ، تتناقضُ مع نظام ِحياةِ هذه الأمةِ .
إنَّ هذه الشعوبَ التي خَرجَت على حُكّامِها تُطالبُ وتُنادي بالحُريةِ، ولا يُفهَم من هذه الحريةِ كما يدَّعي إعلامُ الحكام أنّها هي الديمقراطيةُ، فشتّانَ ما بينَ مَطالبِ الشعوبِ وبينَ الديمقراطيةِ، فالحُريةُ التي تُنادي بها الشعوبُ هي عكسُ الاستعبادِ، بمعنى أنَّ الشعوبَ تُنادي وتَقول لا للعبوديةِ لا للاستعبادِ، هذه مَطالبُ الشُعوبِ، وإنَّ إعلامَ الحُكّام ِكاذبٌ يُخفي الحقيقةَ، وإنَّ الحُكّامَ هُم أيضاً مِمّن أبدعَ في الكَذِبِ والنفاق،ِ وَوَصلَ هؤلاءِ الحُكّام ِإلى مرتبةٍ عاليةٍ في الكَذبِ والنفاق ِحتّى سَبقُوا مُعلمِيهم وَمَنْ درّبوهم على ذلك. فَمِنَ المُلاحظِ أنَّ هؤلاءِ الحُكّام ِانطبقَ عليهم حديثُ رسولِ اللهِ صلى اللهُ عليه وسلمَ حيثُ قالَ:” آيةُ المُنافق ثلاث: إذا حدث كذب، وإذا وعد أخلف ، وإذا اؤتمن خان” متفقٌ عليه. … وحديثُ عبدُ اللهِ بنُ عمروٍ في الصحيحينِ أيضاً فيه زيادةٌ : ( وإذا خاصمَ فجرَ ، وإذا عاهدَ غدرَ )
هذا هو حالُ حُكّامِ الأمةِ الإسلاميةِ، الكذبُ مِنْ شيمِهم، ووعودُهم هي سرابٌ،ولا أمانةٌ لهم، فقد سَرقُوا وَنَهبُوا أموالَ الأمةِ الإسلاميةِ. والأبلى مِنْ ذلكَ إذا خَاصَمُوا فَجَرُوا، هَاهُم يَقتلونَ شُعوبَهم ويَحرقونَهم ويُعذبونَهم، ولا عهدَ لهؤلاءِ الحُكّام ِفقد سَجنُوا الأطفالَ وأعطوا العهدَ لإخراجِهم من السجنِ، ولكنَّ هذا حالُهم لا عهدَ عندَهُم، عهودُهم فقط لمنْ هُم على شاكِلتِهم وولاؤهم للغربِ .
فهنُا نَرى تصرفاتِ حُكّام ِالعربِ وحُكّام ِالمُسلمينَ، هذه التصرفاتِ تُري الناظرَ أنّ هؤلاءِ الحُكّام ِليسُوا من جنسِ البشرِ، وكأنّهم مخلوقاتٌ تختلفُ عن الإنسانيةِ، يدّعونَ الديمقراطيةَ، ومن المُلاحظ أنّ هذه الديمقراطيةَ تُدافع عن الإنسانِ كإنسانٍ، وحتّى وُجِدَ عندَهم حقوقٌ للحيواناتِ، كيفَ إذن للذينَ يدّعونَ هذه الديمقراطيةَ ويَفعلونَ عكسَها، كيف بحُكّام ٍيَقتلونَ شعوبَهم، كيف بحُكّام ٍتجرّؤوا على شعوبِهم ويَصفونَهم بأوصافٍ تُناقضُ تفكيرَ الإنسانيةِ، هؤلاءِ الحُكّام ِوصَفَهم اللهُ عزَّ وجلَ بقوله:” أَلَمْ تَرَ أَنَّا أَرْسَلْنَا الشَّيَاطِينَ عَلَى الْكَافِرِينَ تَؤُزُّهُمْ أَزّاً” [مريم : 83]
نَعم هذا حالُ هؤلاءِ الكُفّارِ من حُكّامٍ ومِنْ أتباعٍ، ومن يَدعمونَ هؤلاءِ الحُكّام ِمن نصارى ويهودٍ، إنّ الشياطينَ شياطينَ الإنسِ والجنِّ، هي تُغوي هؤلاءِ الحُكّامِ، وتُهيئُ لهُم أنّهم منصورون على شعوبِهم، ولكنْ أنّى لهُم هذا، واللهُ عزَّ وجلَ قَدْ جَعلَ لهُم وقتٌ معدودٌ، “:َلَا تَعْجَلْ عَلَيْهِمْ إِنَّمَا نَعُدُّ لَهُمْ عَدّاً “[مريم : 84]، يُحسَبُ وَيُعَدُّ وقتُهم بالأيام ِوالساعاتِ، ألم يعتبرَ هؤلاء ِالحُكامِ مِمّن سَبقَهم مِنَ الحُكّام ِالذينَ أطاحَت بِهم شعوبُهم، ألم يعتبرَ هؤلاءِ الحُكّام ِأنَّ الموتَ لا محالةَ أتيهُم، ألم يعتبروا من آبائِهم وأجدادِهم وإخوانِهم الذين سبقوهم، إلى متى سَتبقى الشياطينُ تُزيّنُ لهم هذه الحياةَ.حتى أبغضتهم الخليقة رَوَى الإمامُ أحمدَ عن أبي هُريرةَ، عَن النبيِّ صلى اللهُ عليهِ وسلمَ قالَ:” إنّ اللهَ إذا أحبَّ عبداً دَعا جبريلَ، فقالَ: يا جبريلُ إنّي أُحبُ فُلاناً فأحبَه- قَالَ- فُيحبُه جبريلُ، قالَ: ثم يُنادي في أهلِ السماءِ إنَّ اللهَ يُحبُّ فُلاناً فأحبوه، قالَ فَيُحبُه أهلُ السماءِ، ثم يُوضَعُ له القبولُ في الأرضِ، وإنَّ اللهَ إذا أبغضَ عبداً دعا جبريلَ، فقالَ: يا جبريلُ إنِّي أُبغضُ فُلاناً فأبغضْه، قالَ فَيُبغضُه جبريلُ، ثم يُنادي في أهلِ السماءِ، إنَّ اللهَ يُبغضُ فُلاناً فأبغضوه، قالَ:” فَيُبغضُه أهلُ السماءِ، ثم يُوضَعُ له البغضاءُ في الأرضِ”.
صَدقَ قولُ رسولِ اللهِ في هؤلاءِ الحُكّام ِإنَّ أهلَ الأرضِ يُبغضونَ هَؤلاءِ الحُكّام ِمِنْ قَتْلِهم لشُعوبِهم، حتّى لم يبقَ على الأرضِ إنسٌ إلاّ ويُبغضُ هؤلاءِ الحُكّام ِ.
إلى العقيدةِ الصحيحةِ التي تُري الإنسانَ كيفَ يَسيرُ في حياتِه. كيفَ يُنظّمُ شُؤونَ أمرِه. كَيفَ يُعامِلُ الناسَ كَيفَ يَحكُمُ الناسَ إذا وَلِيَ أمرَهم. إلى الإسلام ِإلى الدين ِالذي يُخرجُ الناسَ مِنَ الظُلُماتِ إلى النورِ، إلى اللهِ عزَّ وجلَ ندعوكم أيُّها الناسُ أيُّها الحُكّامُ كي يحبكم الله وأهل السماء وأهل الأرض.
وأخر دعوانا أن الحمد لله رب العالمين
كتبه للاذعة أبو جلاء