خبر وتعليق امريكا تسند دورا للنظام التركي فيما يتعلق بالانتفاضات في البلاد العربية
في 26/4/2011 نشرت صحيفة ” صباح ” التركية الموالية لحكومة اردوغان ان “رئيس المخابرات الامريكية المركزية (سي أي إيه) ليون بانيتا قام على رأس وفد أمريكي بزيارة لتركيا في نهاية شهر آذار/مارس الماضي اسغرقت خمسة ايام تم التعتيم عليها بشدة من قبل المسؤولين في الحكومة التركية ورئاسة الاركان للجيش التركي حيث تركزت مباحثاته على التطورات في المنطقة العربية وتقييم الاوضاع في ليبيا وسوريا”.
التعليق
في هذا التعليق نريد ان نبرز النقاط التالية:
1.ان هذه الزيارة تدل على مدى ارتباط النظام التركي بتركيبته الحالية بامريكا، وذلك يثبت عمالة القائمين عليه وارتباطهم بها. بل يثبت ان النظام التركي الحالي يسير في فلك امريكا ويقدم لها الخدمات التي تطلبها بدون معارضة. ورئاسة الاركان التركية الحالية لا تعارض الحكومة بالسير في الخطط الامريكية او على الاقل لا تقف في وجهها او هي لا تعمل على عرقلتها وخاصة فيما يتعلق بالمنطقة العربية. ورئاسة الدولة بيد حزب الحكومة حيث ان رئيسها عبد الله غول فهو واردوغان من مؤسسي حزب العدالة والتنمية الموالي لامريكا، وقد ترأس هذا الحزب في الفترة الاولى. واغلبية اعضاء البرلمان من هذا الحزب فاصبح النظام التركي كله تقريبا مواليا لامريكا حاليا.
2.امريكا لا يمكنها ان تنفذ خططها في المنطقة بدون ان يكون لها ادوات كالنظام التركي. فهي بأشد الحاجة لاقامة او كسب انظمة تواليها حتى تتمكن من تنفيذ خططها الاستعمارية في المنطقة سواء لبسط النفوذ فيها او لايجاد الهيمنة عليها او لنهب خيراتها وثرواتها. ولذلك اسندت دورا للنظام التركي الموالي لها فيما يتعلق بليبيا لبسط نفوذها هناك، حيث ذكرت صحيفة “صباح” التركية ان الجانبين ركزا على الموضوع الليبي ووصفا الوضع هناك بالازمة. وكذلك للمحافظة على نفوذها في سوريا اذا ما اسقطت الامة نظام الطغاة فيها. ولذلك ورد في خبر هذه الصحيفة التركية “ان من بين الموضوعات التي نوقشت بين الطرفين قيام تركيا بتأمين خروج عائلة الاسد سالمة من سوريا اذا ما سقط النظام”. مما يدل على ان النظام السوري بقيادة عائلة الاسد وحزب البعث موال لامريكا. وقد نقلت وكالات الانباء هذا اليوم يوم 27/4/2011 ان المعارضة السورية اقامت مؤتمرا لها في اسطنبول وهذا الاجتماع الثاني الذي تقيمه هناك. وهذا يدخل ضمن اطار الدور التركي لاحتواء المعارضة.
3.مما ذكرته تلك الصحيفة التركية ايضا “ان الجانبين التركي والامريكي قد اكدا على ان الاوضاع في سوريا قد دخلت مرحلة حرجة وستتجه الى حالة الفوضى الحادة اذا فشل الرئيس بشار الاسد في اتخاذ خطوات حاسمة لتنفيذ الاصلاحات ووضع حد للفوضى والاضطرابات التي تشهدها سوريا”. فهذا يدل على ان الامريكيين متوجسون من ضياع سوريا من ايديهم اذا ما سقط نظام عائلة الاسد وحزب البعث. وقد ذكرت الصحيفة ان “الجانبيتن بحثا موضوع المعارضة في سوريا بانها سنية لان الشعب السوري ذو هوية سنية فيجب على بشار اسد ان يقيم معادلة بين نظامه وبين هذه المعارضة”. وأشارا الى “ان في سورية دولة خفية عميقة مكونة من الطائفة العلوية النصيرية وان هذه الطائفة ذات تأثير على قرارات الرئيس. وفي حالة عدم القيام بخطوات عاجلة وسريعة فان الوضع يتجه نحو فوضى داخلية”. فهذا يدل على ان امريكا تعمل على معالجة الاوضاع هناك لتحول دون ذهاب سوريا من يدها وعودة الحكم والسلطان لاهلها المسلمين. وأضافت هذه الصحيفة ان “رئيس الوزراء اردوغان كان قد ارسل رئيس المخابرات التركية ” حقان فيدان ” الى سوريا في شهر اذار/ مارس الماضي وقد قابل الرئس الاسد”. وذكرت ايضا ان “رئيس المخابرات التركية قد قام بزيارة للولايات المتحدة واجتمع برئيس (سي أي إيه) وبوجود مسؤولين من مجلس الامن القومي الامريكي”. وذكرت ان “جهازي الاستخبارات في البلدين التركي والامريكي على اتصال دائم بعد قيام الثورات العربية”. مما يدل على النظام التركي يقوم بدور فاعل لصالح أمريكا في المنطقة. وفي ذات الوقت فان النظام التركي يخشى على نفسه من ان يسقط مستقبلا اذا ما نجحت الانتفاضات في البلاد العربية واحدثت تغييرا جذريا. فان ذلك مما لا شك فيه سيؤثر على وضع النظام العلماني الديمقراطي في تركيا حيث ان اغلبية الناس في تركيا مسلمون ويتفاعلون بما يجري في البلاد الاسلامية وخاصة العربية منها مع العلم انهم لم ينسوا ان بلادهم كانت حاضرة الخلافة لمدة 400 عام.
4.انه يظهر ان امريكا قد اسندت دورا للنظام التركي في المنطقة العربية فيما يتعلق بالتغيرات فيها والانتفاضات على انظمتها وكيفية مواجهتها ولذلك رأيناها قد تدخلت في كل بلد حصل فيه انتفاضة ولكن حسب ما املته الادارة الامريكية عليها. فقد ذكرت الصحيفة المذكورة الموالية لحكومة اردوغان في خبرها ان هناك “شيفرة سرية” وضعها الجانبان تتضمن النقاط التالية:
أ.دراسة وضع القادة في البلاد العربية.
ب.خارطة تواجد الثورات ونسبة المشاركة فيها.
ج.وضع الاتراك في البلاد الثائرة.
د.وجوب القيام بالمساعدة الانسانية او القيام بعملية عسكرية.
فهذا ليس غريبا ان تفعله امريكا وتسند دورا للنظام الموالي لها في تركيا ولم يحدث لاول مرة. فقد اسندت امريكا دورا لهذا النظام للقيام بالوساطة بين النظام السوري وكيان يهود المغتصب لفلسطين بين عامي 2007 و2008، وقبل ذلك لعب هذا النظام دورا في عملية تليين موقف حماس عام 2006 عند تشكيلها لحكومة السلطة الفلسطينية وذلك تجاه كيان يهود وتجاه عملية المفاوضات معه لحل قضية فلسطين حسب الخطة الامريكية وقد اعترف عبدالله غول بذلك.
واذا ما اقيمت الخلافة في بلد من هذه البلاد فسوف تسند امريكا للنظام التركي الديمقراطي العلماني دورا محددا للوقوف في وجه تلك الخلافة. وللعلم فان بريطانيا قد اسندت دورا للنظام التركي في الستينات قبل اغتصاب حزب البعث للحكم في العراق عام 1968 بدعم منها. فكانت بريطانيا تخشى من تسليم اهل القوة والمنعة واهل الحل والعقد في العراق الحكم لحزب التحرير ولذلك هيئت عملائها على رأسهم عصمت اينونو وقيادة الجيش التركي الاستعداد لضرب دولة الخلافة اذا ما اقيمت هناك. وقد اشار الى ذلك الصحفي التركي “متين توقار” زوج بنت اينونو في مجلته ” عكس” عام 1967. فقد ذكر ان حزب التحرير على وشك ان يصل الى الحكم في العراق لاعلان الخلافة. ولهذا فان العملاء في الدول الاقليمية في المنطقة يسند اليهم اسيادهم في الدول الكبرى ادوارا معينة للقيام بها لخدمة مصالحهم الاستعمارية كما نشاهد في كثير من تلك الدول ولو كانت صغيرة كقطر. وذلك حتى تحميهم الدول الكبرى من شعوبهم التي تعمل على اسقاطهم.