أمةُ الإسلامِ تملكُ مشروعاً نهضوياً فَهيَ ليست كألمانيا واليابان
لقدْ أخذَ الصراعُ الدَّوليُّ مكانَه، خاصةً بعدَ الحربِ العالميةِ الثانيةِ وانتصارِ الحلفاء ِوعلى رأسِهِم أمريكا، فكَانت خسارةُ ألمانيا واليابانِ خسارةً كُبرى فدخلَتْ أمريكا هاتينِ الدولتينِ، وَوَضَعت القواعدَ العسكريةَ فيهما، وقيّدَتهُما باتفاقياتٍ لم تتمكنْ هاتانِ الدَولتانِ مِنَ الإفلاتِ من قبضةِ أمريكا، حيثُ إنَّ أمريكا لم تكتِفِ بذلكَ فَقَدْ وَضَعتْ قواعِدَها العسكريةَ في قلبِ أوروبا، وبما أنَّ الأمةَ الإسلاميةَ هيَ العدوُّ الأولُّ والرئيسُ للغربِ قاطبةً وخاصةً أمريكا، فأمريكا تتعاملُ معَ العَالمِ الإسلاميِّ بطريقةٍ همجيةٍ حيثُ إنَّ أمريكا قد أساءَت في حِسَاباتِها، فالأمةُ الإسلاميةُ ليستِ اليابانَ ولا ألمانيا ولا حتّى أوروبا، وإنْ كَانَت قبضةُ أمريكا والغربِ معها أشدَّ وأقوى على الأمةِ الإسلاميةِ، فقدْ حَكَمَ الغربُ بلادَ المُسلمينَ حُكماً مُباشراً عن طريقِ ِحُكّامٍ نصّبُوهُم جبراً عنِ الأمةِ، حيثُ إنَّ هؤلاء ِالحُكّامَ العملاءَ هُم أخلصُ لأمريكا وأوروبا من الأمريكيينِ والأوروبيينِ، إلا أنَّ الأمةَ الإسلاميةَ أمةٌ مبدئيةٌ تملكُ مشروعاً نهضوياً عظيماً فسرعانَ ما تتفاعلُ عقيدةُ المبدأِ في الأمةِ الإسلاميةِ، ومن ثَمَّ ستثورُ هذه الأمةُ وستُقلَبُ كُلُّ الموازينِ والمعاييرِ والمواثيق.
إنَّ الأمةَ الإسلاميةَ لها حضارةٌ عريقةٌ، هذه الحضارةُ شَهِدَ لها التاريخُ على مدارِ ثلاثةَ عشر قرناً أو يزيدُ.
فهذه الأمةُ الإسلاميةُ تملكُ مشروعَ نهضةٍ عظيماً ٍأساسُه العقيدةُ الروحيةُ، ينبثقُ عن هذه العقيدةِ نظامُ حياةٍ يُعالجُ مشاكلَ البشريةِ على مدارِ الدهرِ، فقدْ أدركَ الغربُ وعلى رأسِهِم أمريكا خطرَ هذا المشروعِ النهضويِّ للأمةِ الإسلاميةِ، فجعلَتْ سياسَتَهَا قائمةً على أساسِ مُحاربةِ الإسلامِ، وبمُسميّاتٍ مُختلفةٍ تارةً حربٌ على الإرهابِ وتارةً الأصوليةُ المُتطرفةُ وغيرُها، فقدْ لجأَتْ هذه الدولُ الغربيةُ إلى إعلانِ الحربِ على الإسلامِ والمُسلمينَ، بالرّغمِ مِن دَعوتِهِم للديمقراطيةِ ومنها حريةُ التعبيرِ والحُريّةُ الشخصيّةُ، فقدْ أساءوا لرسولِ الإسلامِ بحُجةِ حُريّةِ التعبيرِ وقدْ مَنَعُوا اللباسَ الشرعيَّ للمرأةِ في فرنسا ومنعُ المآذنِ في سويسرا، والقادمُ أخطرُ والمخفيُّ أعظمُ، هذه هيَ أمريكا التي تحدَّتْ مشاعرَ الأمةِ الإسلاميةِ بعمليَتِها النكراء ِبالتعاونِ والتواطؤِ من حُكّامِ باكستانَ وأفغانستانَ على الشهيدِ الشيخِ أسامةَ بنِ لادنَ فهيَ لم تُعرْ مشاعرَ الأمةِ الإسلاميةِ بشيءٍ يُذكرُ، نعم هذه هيَ أمريكا لا تحسبْ أيَّ حسابٍ لشُعوبِ العالمِ حتّى الدولِ الرأسماليةِ فقَدْ أطلَقَتْ سابقاً مُصطلحَ “أوروبا القديمةِ” على أوروبا، ممّا يدلُ هذا على الاستخفافِ بدُولِ أوروبا في منظورِ الإدارةِ الأمريكيةِ، وأيضاً فإنَّ ألمانيا واليابانَ واللتينِ تُعتبرانِ قُوةً اقتصاديةً هائلةً لكنّهُما تحتِ السيطرةِ الأمريكيةِ، وإملاءاتِ الإدارةِ الأمريكيةِ حتّى أوروبا لا تَقدِرُ على السيرِ في أيِّ مُخطّطٍ بدًونِ أمريكا ،ولم يوجد لهما مشروع للخروج من ربقة أمريكا.
إذن فالأمةُ الإسلاميةُ هيَ أرقَى وأعرقُ أمةٍ وُجِدَتْ على الأرضِ عبرَ التاريخِ، فإذا مرّتْ على الأمةِ الإسلاميةِ غفوةٌ، فهذا لا يعني أنَّ الأمةَ الإسلاميةَ مثلُ اليابانِ وألمانيا التي بسطَتْ أمريكا قواعِدَهُما العسكريةَ في داخِلِهِما، وقَدْ عَاثَ الأمريكانُ الفسادَ فيهِمَا، وهما في سبات عميق وغيرِهِمَا مِنَ الدُولِ.
فَقَدْ أنعمَ اللهُ على الأمةِ الإسلاميةِ بهذا الدينِ العَظيمِ، دينِ الهُدى الذي يُخرِجُ الناسَ مِنْ عِبادةِ العِبادِ إلى عِبادةِ ربِّ العبادِ، ومِنْ جَورِ الرأسماليةِ إلى عَدلِ الإسلامِ، وَمِنْ ضيق ِالدُّنيا إلى سعةِ الدُّنيا والآخرةِ، في الوقتِ نفسِه الذي أنعمَ اللهُ علينا بالإسلامِ فَقَدْ أنعَمَ علينا باللُّغةِ العربيةِ التي لم يُفهمِ الإسلامُ إلاّ بهذه اللُّغةِ العربيةِ، فهذا هو الفخرُ الكبيرُ أنّنَا نتكَلمُ بِلُّغةِ القُرآنِ وبمَا أنَّ هذه الحقبةَ الزمنيةَ الصعبةَ التي مرَّت على أمةِ الإسلامِ والتي أصبحَ الناسُ يخجلونَ من عُروبَتِهِم وَمِن إسلامِهِم، وهذا مِنْ جرّاءِ ظُلمِ الرأسماليةِ التي فَرضَها حُكّامُ وعُملاءُ أمريكا على الأمةِ الإسلاميةِ
فقَدْ أنعَمَ اللهُ على الأمةِ الإسلاميةِ، أنَّها أنجَبَتِ الأبطالَ والرجالَ والقادةَ فَقدْ خَرَجَ من صُلبِ الأمةِ الإسلاميةِ مَنْ يَضعُ لها مشروعَ نهضةٍ، وهذا المشروعُ الذي يَتمثّلُ بما يتبناه حزبُ التحريرِ الذي يعملُ جادّاً لنهضةِ الأمةِ الإسلاميةِ، حتّى تعودَ هذه الأمةُ إلى مَكَانَتِهِا وَتَحتلَ صدارةَ العَالمِ. فإنْ كَانَ حُكّامُ المَنطِقةِ وعلى رأسِهِم حُكّامُ سُوريا.فالشعب في سوريا قد ثَارُوا على هذا المُجرمِ الذي تدعَمُه أمريكا من وراءِ حِجابٍ لِسفكِ دماء ِشعبِه، فإلى متى ستَبقَى يا بشارُ تصنعُ هكذا في شَعبِكَ، واللهُ عزَّ وجلَ يقولُ “وَلِكُلِّ أُمَّةٍ أَجَلٌ فَإِذَا جَاء أَجَلُهُمْ لاَ يَسْتَأْخِرُونَ سَاعَةً وَلاَ يَسْتَقْدِمُونَ” [الأعراف : 34]” فَقَدْ دَنا أجَلُكَ يا بشارُ، واقتربُ الوعدُ الحقُّ، وعدُ النصرِ والتمكينِ والاستخلافُ في الأرضِ .
كتبه لإذاعة المكتب الإعلامي لحزب التحرير
الأستاذ أبو جلاء