قادة يهود يأمرون جيشهم بقتلنا في الجولان ومارون الراس وبيت حانون والحكام حول فلسطين يأمرون جيشهم بقتل شعوبهم، ألا ساء ما يحكمون
مرَّ يوم 15/05/2011 وهو ذكرى اغتصاب فلسطين، مرَّ طويلاً على الأرض المباركة وما حولها، فسلَّط كيانُ يهود جيشَه على الناس العزَّل في فلسطين ولبنان والجولان… أفرغ ما في جُعبته من سلاح، فقتل العشرات وجرح المئات، وملأ دخانُ القذائف والقنابل الأجواء، وخُضِّبت الأرضُ الطهور بالدماء…
ومع كل هذا وذاك فإن أزيز الرصاص، وهدير الطائرات، وقذائف المدافع، والدخان المتصاعد… كل ذلك لم يكن كافيا ليوقظ الحكامَ حول فلسطين من غفلتهم، فلا يتخذوا شعوبهم هم العدو، بل أُولئك الأشرار الذين اغتصبوا فلسطين وحول فلسطين، وعاثوا فيها الفساد والإفساد… لم تكن تلك المجازر كافية لتعيدَ للحكام صوابَهم، وتلفتَ نحو العدو أبصارَهم؛ فهم مشغولون في قتل شعوبهم لاحتجاجهم على الظلم والطغيان، فيحركون في وجههم الدبابات والقوات الخاصة وحرسهم الجمهوري… فتصبح المدن والأرياف هي الميدان، وليس تخوم الأرض المحتلة في فلسطين ولبنان والجولان!
أيها المسلمون، أيها الناس: لقد استمر الحكام يخادعون الله وهو خادعهم… يقولون إنهم أعداء الصهيونية والامبريالية، ويبطشون ويظلمون، ويسكت الناس عنهم بحجة أنهم في حالة حرب مع كيان يهود، وأنهم يريدون تحرير فلسطين من البحر إلى النهر، ثم انتهى بهم المطاف فأضاعوا البحر والنهر وما بينهما لسلطان يهود… اعترفوا بكيانهم على ما اغتصب من فلسطين 48، وتنادوا يفاوضون على ما يقبل العدو إعطاءهم إياه من فلسطين 67، أو مما احتل حول فلسطين، حتى دون سيادة كاملة أو سلطان! واستوى في ذلك الذين مارسوا صلحاً معلناً مع يهود ذلاً وهوانا، وأُولئك الذين مارسوا صلحاً واقعاً وتسمَّوْا بالممانعين زوراً وبهتانا، لدرجةٍ بدت معها حدودُ هؤلاء الممانعين في الجولان أكثرَ أمناً، حتى قال قائلُهم بتلازُمِ استقرار سوريا واستقرار دولة يهود!
لقد وصل الحال بهؤلاء الحكام أن لا يحموا ظهر الناس العزَّل الزاحفين ليلمسوا تراب الأرض المباركة المحتلة التي منعهم منها الحكام العرب قبل أن يمنعهم حكام يهود! ولولا انشغال الحكام العرب بتحريك جيوشهم لقتل الناس، وأنهم أخلَوا الحدودَ مع يهود، لولا ذلك لما وجد الناس فرصةً آمنةً ليزحفوا نحو الأرض المباركة المحتلة… فمن كان يصدق أنَّ بشراً يستطيع أن يصل إلى الجولان ورجال النظام السوري وأزلامه قرب الحدود؟!
أيها المسلمون، أيها الناس: إن بقاء دولة يهود المغتصبة لفلسطين، الأرض المباركة، ليس بقوة هذه الدولة، بل هو بخيانة الحكام وتواطئهم مع الدول الكافرة المستعمرة التي صنعت تلك الدولة، ومن شاهد ما حدث في الجولان ومارون الراس وعلى حاجز قلنديا وأطراف بيت حانون، وتدبَّر الارتباك الذي حدث لدى قادة العدو تجاه أُناس عزل، وهو ارتباك لم يشمل دولة يهود من أسفلها فحسب بل حتى من أعلاها، فقد صرح رئيس وزرائها بأن ما حدث يهدِّد وجود دولة يهود، من تدبَّر ذلك يدرك أن هذا الكيان هو كيانٌ هش، قوائمه معوجة، آيلةٌ إلى السقوط، فإن رئيس وزرائهم يخشى على وجود كيانه من زحف أُناس عزَّل! فكيف لو كان هناك زحفُ جيشٍ يتقدم هؤلاء الزاحفين، يُنظِّف لهم الأرضَ من رجسِ يهود، فيعود الزاحفون للأرض المباركة وما حولها أعزةً فرحين بنصر الله؟ كيف لو كان ذلك وهو الواجب الشرعي؟ بل لو كان أدنى من ذلك، فكان هناك جيش يحمي ظهر الزاحفين العزَّل، فإذا أطلق عليهم العدوُّ رصاصةً أطلق عليه الجيشُ رصاصات؟ أيجرؤ حينها العدو أن يطال رجلاً من هؤلاء الزاحفين فينال شيئاً من دمه دونما ثمن يُنسي العدو وساوس الشيطان؟
أيها المسلمون، أيتها الجيوش المحيطة بكيان يهود:
كيف لا تغلي الدماءُ في عروقكم وأنتم تشاهدون إخوانكم تُسفك دماؤهم فلا تنصروهم؟ كيف تسكتون على حكامكم وهم لا يستنفرونكم لقتال عدوكم الذي يقتل إخوانكم ويستبيح بلادكم؟ كيف تقعدون عن قتال عدوكم وفي الوقت نفسه تقتلون شعوبكم؟ أليس منكم رجل رشيد فيضع حدا لهؤلاء الحكام الذين باعوا البلاد والعباد، ومكَّنوا للكفار المستعمرين ويهود أن تكون لهم السيادة والسلطان في فلسطين وما حول فلسطين؟
ألم تقرعكم آيات الله سبحانه {وَلاَ تَرْكَنُواْ إِلَى الَّذِينَ ظَلَمُواْ فَتَمَسَّكُمُ النَّارُ وَمَا لَكُم مِّن دُونِ اللّهِ مِنْ أَوْلِيَاءَ ثُمَّ لاَ تُنصَرُونَ}؟ ألم تتدبروا أحاديث رسول الله صلى الله عليه وسلم «إنَّ الناسَ إذا رأَوا الظَّالم فلم يأخذوا على يديه يوشك أن يَعُمَّهم اللهُ منهُ بعقابٍ»؟ أخرجه أحمد وأبو داوود عن أبي بكر الصديق رضي الله عنه.
أيها الحكام في بلاد المسلمين: إن العاقل من اتَّعظ بغيره، وإن حادثات الأيام هي بصائرُ لكم لو كنتم تعقلون، فأشدُّ منكم بطشاً، وأكثرُ قوةً قد زالوا وهانوا وذلّوا، فلم ينفعهم سلطانُهم، ولم تقف معهم أزلامُهم، حتى سادتُهم المستعمرون قد قذفوا بهم إلى قارعة الطريق…
إنَّ حزب التحرير ينصحُكم وإنْ كنتم لا تحبون الناصحين…
إنكم أجرمتم بحق دينكم، وبحق أمتكم وبلادكم، وبحق أنفسكم:
بحق دينكم، فجعلتم الإسلام وراء ظهوركم، وحاربتم الخلافة والعاملين لها، وتحاكمتم إلى الطاغوت، وقد أمرتم أن تكفروا به…
وبحق أمتكم، حيث واليتم عدوَّها، الكافرَ المستعمر ويهود، وظلمتموها وبطشتم بها جبارين…
وبحق بلادكم، فأضعتم فلسطين وحول فلسطين، وكشمير وقبرص وتيمور الشرقية، وجنوب السودان وغيرها الكثير…
وبحق أنفسكم، فأوردتموها ذلاً وخزياً في الدنيا، وعذاباً بئيساً في الآخرة في يومِ عبوسٍ قمطرير.
فإن كان لديكم بقية من إحساس فتَنحُّوا قبل أن تُنحَّوْا، وتكونوا محلَ عقوبةٍ من الخلافة عند قيامها بإذن الله، ولات حين مناص.
{وَلاَ تَحْسَبَنَّ اللّهَ غَافِلاً عَمَّا يَعْمَلُ الظَّالِمُونَ إِنَّمَا يُؤَخِّرُهُمْ لِيَوْمٍ تَشْخَصُ فِيهِ الأَبْصَارُ * مُهْطِعِينَ مُقْنِعِي رُءُوسِهِمْ لاَ يَرْتَدُّ إِلَيْهِمْ طَرْفُهُمْ وَأَفْئِدَتُهُمْ هَوَاء}