الغرب يحس بسقوط كبار القادة العسكريين الموالين له في باكستان
“إنّه لأمر مدهش مستوى الانتقاد الذي تواجهه القيادة العسكرية، ومن الواضح أنّه الأسوأ في تاريخها”، هذا ما قاله الجنرال طلعت مسعود حسب ما نقلته مجلة ال TIME، كما نشرت صحيفة نيويورك تايمز قصة مشابهة في 16 يونيو تحت عنوان “رئيس الجيش الباكستاني يكافح للحفاظ على منصبه”، وتبعها قصة مماثلة في واشنطن بوست كشفت ضعف شعبية الجنرال كياني في صفوف الجيش.
منذ عملية أبوت أباد في 2 مايو/ أيار والهزات في الجيش الباكستاني لم تتوقف، وقد انتقدت وسائل الإعلام الباكستانية عجز الجيش الباكستاني، إن لم يكن تواطأ مع الولايات المتحدة، كما أنّ السياسيين قد فقدوا بالفعل مصداقيتهم وليس لديهم وزن على الإطلاق في المجتمع، في حين أنّ النظام الذي يحاولون جميعا حمايته بات مُحتقرا وممقوتا عند الجماهير، والأمة تواقة لخلع هذا النظام وتطبيق الاسلام.
هذه قصة باكستان التي لم تمر مثلها في أي وقت مضى، وهي تسير ببطء نحو التغيير الجذري والشامل، وجميع المؤشرات تشير إلى أنّ التغيير الحقيقي القادم في باكستان هو إقامة الخلافة، والشعب الباكستاني يرقب ما يقوم به المسلمون العرب الآن من انتفاضات ضد العملاء من الحكام الطغاة، وقد كانت المرة الأولى للمسلمين الباكستانيين التي خرجوا فيها إلى الشوارع للإطاحة بالدكتاتور الجنرال أيوب خان في أواخر الستينات عندما طفح الكيل معهم، وفي أواخر السبعينات خرجوا مرة أخرى لإخراج الزعيم الديمقراطي والعلماني والأكثر شعبية، ذو الفيقار علي بوتو، وطالبوا بتطبيق الإسلام ضمن حركة ” نظام المصطفى”، ولكن قيادة “نظام المصطفى” خانت الناس، حيث كان هدفها الوحيد هو التخلص من بوتو بدلا من تطبيق أحكام الشريعة الإسلامية، واستخدموا الإسلام شعارا لهم لتعبئة الناس فقط، ثم جاء الجنرال ضياء الحق الذي استخدم الإسلام لتمديد فترة حكمه لمدة ثانية، عشرة أعوام، وأثناء جميع الانقلابات و”الثورات” أدركت الأمة أنّ المشكلة هي في النظام وليس في الحاكم المنتخب فقط أو غير المنتخب، لقد أدركوا أنّه وبغض النظر عن من يكون الرئيس، فإنّ النظام الاقتصادي ونظام الحكم والنظام القضائي والسياسة الخارجية تظل على حالها، منبثقة من المبادئ الرأسمالية العلمانية وإملاءات المستعمرين.
هذا هو الشعور السائد في باكستان، لكننا لا نرى أي حركة جماهيرية، لقد خُذل الشعب مرات كثيرة تحت شعار الإسلام، وتغير ذلك بأنهم فقدوا الثقة في القيادة السياسية الحالية، لذلك فإنّ الشعب الباكستاني لن يُقاد من جديد من خلال الشعارات التافهة أو العاطفية، فلن يتحرك إلا إذا اقتنع بموضوعية وصدق الحزب، ولكن هذا لا يعني أنّه لا يوجد تيارات تدعو إلى التغيير في المجتمع الباكستاني، فمنذ حملة تغريب المجتمع الباكستاني التي قام بها مشرف، أصبحنا نرى المزيد والمزيد من النساء المتحجبات في الشارع، وفي كل حي يوجد مدرسة إسلامية تعلّم الناس القرآن والتفسير، والناس مشدودون للأحاديث السياسية التي تظهر على القنوات الإخبارية، وكل هذا يؤثر أيضا على الجيش والطبقات الأخرى المؤثرة في المجتمع، ولهذا السبب فإنّ الولايات المتحدة وإعلامها يتحدثون باستمرار حول التطرف في الجيش الباكستاني، فالجيش الباكستاني ليس جيشا من النخبة بل هو من الأمة، ولا عجب أن يجد كياني صعوبة في تنفيذ سياسات الولايات المتحدة باستخدام هؤلاء الضباط المسلمين لأن لديهم نفس المشاعر التي عند الأمة.
إنّ قلق الامبرياليين ووسائل إعلامهم على عملائهم في القيادة العسكرية قلق حقيقي، ولكن يمكن القول “أنه قليل جدا ومتأخر جدا”، فالتغيير ليس فقط لا مفر منه بل هو قاب قوسين أو أدنى، فهيمنة الإسلام على الساحة السياسية العالمية بعد قيام الخلافة هو أمر واقع لا محالة، ولا توجد سلطة على الأرض تستطيع مقاومته، إن شاء الله.
نفيذ بوت
الناطق الرسمي لحزب التحرير في باكستان