الخلاف والاختلاف ضوابط وخطوط حمراء
كّثف الكافر المستعمر هجمته على الإسلام والمسلمين,واستعمل كل الأساليب والوسائل في تشويه الإسلام وصورته,واتخذ مداخل من الإسلام نفسه ليتمكن من تسويق أفكاره ومفاهيمه بين المسلمين ومن أجل أن تنطلي أفكاره عليهم, ومن أعظم تلك المداخل وأخطرها مشروعية الاختلاف في فهم الإسلام وتعدد الآراء لوقوعه عمليا بين أئمة المسلمين ومجتهديهم, وكان هذا بمثابة الركيزة الأساسية التي ارتكز عليها لتمييع الإسلام؛ بجعل مفاهيمه تختلط بمفاهيم الإسلام وتتغلغل بين أوساط المسلمين.
ومن أهم المفاهيم التي أبرزها وشجع على ظهورها مشروعية الخلاف بين الناس بما يسمّى ب”الرأي والرأي الآخر” من خلال وسائل الإعلام التي تسوق الديمقراطية والحضارة الغربية ، وتجعل القطعي من الإسلام محل خلاف ورأي وتصويت؛ فالطرح غالبا ما يتحدث عن الثوابت والقطعيات التي لا تقبل رأياَ أخر أو اتجاها معاكساَ ؛ فهذه الثوابت هي من المسلَّمات عند المسلمين كقضية تحكيم الشريعة الإسلامية أو حجاب المرأة أو الولاء والبراء وغيرها من الثوابت التي لا تقبل نقاشاَ.
صحيح أن هناك دواعي للاختلاف كالتباين الذي فطر الله -عزوجل- عليه البشر من حيث تفاوتهم في القدرة على الإدراك والاستيعاب والفهم، بما فضل الله به بعضهم على بعض ، ووجود خلاف من قبل اللغة، مثل الخلاف في دلالة المشترك على معانيه.
لكن لا يصح جعل الاختلاف على إطلاقه؛ فيؤدي إلى مخالفة الأحكام الشرعية والتنازل عن الأفكار والمبادئ التي يحملها المسلم،بل أخطر من ذلك أن يكون المسلم واقعيا أسيرا لأفكار غيره فيغيّر أفكاره تمشيا مع هذا الواقع، وتقع الأمة فريسة لردَّات فعل طبيعية للواقع السيئ فتعالج قضاياها بعيدا عن أفكارها فيصبح داعيا للاشتراكية أو الديمقراطية أو حتى يتنازل عن أرضه أو جزء منها.
وقد حاول بعضهم تطويع الأحكام الشرعية بما يتفق مع متطلبات العصر،وتم الإفتاء بما يُعارض نص القرآن القطعي كإباحة الربا القليل بحجة أنه غير مضاعف وبحجة الضرورة.
والمسلمون مطالبون بتحري الحق والصواب واتباع الدليل الأقوى فيما اختلف فيه، لا ما يمليه الهوى الذي جانب العدل من جانبه من الظالمين قال تعالى { أَفَكُلَّمَا جَاءكُمْ رَسُولٌ بِمَا لاَ تَهْوَى أَنفُسُكُمُ اسْتَكْبَرْتُمْ فَفَرِيقاً كَذَّبْتُمْ وَفَرِيقاً تَقْتُلُونَ }البقرة87 ،وبالهوى ضل وانحرف الضالون{ فَلاَ تَتَّبِعُواْ الْهَوَى أَن تَعْدِلُواْ وَإِن تَلْوُواْ أَوْ تُعْرِضُواْ فَإِنَّ اللّهَ كَانَ بِمَا تَعْمَلُونَ خَبِيراً }النساء 135
من أجل ذلك يجب وضع ضوابط للاختلاف وذلك ببيان أمرين اثنين :
أولهما: طبيعة الخلاف والاختلاف وفيما يختلف فيه ولا يُختلف فيه حتى لا يكون الخلاف والاختلاف لأجل الخلاف.
ثانيهما: كيف يمكننا أن نميز بين الاختلاف الذي يُقبل شرعا وبين من ليس له رِجل ليقف عليها.
هذا الاختلاف منه مذموم وآخر محمود ،فنجد الآيات القرآنية التي تنعى على الاختلاف من مثل قوله تعالى {وَمَا كَانَ النَّاسُ إلا أُمَّةً وَاحِدةً فاخْتلَفُوا}، (سورة يونس، من الآية: 19)، إذ ذكر نقيضاً للوحدة، ومثل قوله تعالى: {وَمَا اخْتَلفَ فِيهِ إِلا الْذِينَ أُوتُوهُ مِنْ بَعْدِ مَا جَآءَتْهُمْ الْبَيِّنَاتُ بَغْيَاً بَيْنهُمْ} (سورة البقرة، من الآية: 213)، إذ قرن الاختلاف بالبغي، وقولـه تعالـى: {وَلا تكُونُوا كَالَّذِينَ تَفَرَّقُوا وَاخْتَلَفُوا مِنْ بَعْدِ مَا جَاءَهُمُ الْبَيِّنَاتُ وَأُوْلَئِكَ لَهُمْ عَذَابٌ عَظيِمٌ} (سورة آل عمران، الآية: 105)، فقد توعد اللَّه سبحانه وتعالى بالعذاب الذين تفرقوا واختلفوا في آياتٍ كثيرة من كتابه العزيز كقوله تعالى {فَاخْتَلَفَ الْأَحْزَابُ مِنْ بَيْنِهِمْ فَوَيْلٌ لِلََّذِينَ كَفَرُوا مِنْ مَشْهَدِ يَوْمٍ عَظِيمٍ} (سورة مريم، الآية: 37)، وقوله تعالى: {فَاخْتَلَفَ الأحْزَابُ مِنْ بَيْنِهِمْ فَوَيْلٌ لِلْذِينَ ظَلَمُوا مِنْ عَذَابِ يَوْمٍ أَلِيمٍ} (سورة الزخرف، الآية: 65)، وقوله: {وَلَكِنِ اخْتَلفُوا فَمِنْهُمْ مَنْ امَنَ وَمِنْهُمْ مَنْ كَفَرَ} (سورة البقرة، من الآية: 253)، وقوله: {وَلَوْ شَاءَ اللَّهُ لَجَعَلَكُمْ أُمَّةٌ وَاحِدَةً وَلَكِنْ يُضِلّ مَنْ يَشَاءُ وَيَهْدِي مَنْ يَشَاءُ} (سورةالنحل، من الآية: 93).
يستفاد من هذه الآيات أنَّ الذين ثبتوا على الحق لا ينالهم العذاب، بل ينال الذين كفروا وظلموا وضلوا، ويؤكد هذا المعنى قوله سبحانه {وَلَوْ شَاءَ رَبّكَ لَجَعَلَ النَّاس أُمَّةً وَاحِدَةً وَلا يَزَالُونَ مُخْتَلِفِينَ* إلا مَنْ رَحِمَ رَبّكَ وَلِذَلِكَ خَلَقَهُمْ} (سورة هود، الآيتان: 118-119).
وهذا يعني أنَّ الاختلاف المذموم هو مخالفة الحق والركون إلى الباطل بشتى صوره، وتجاوز البينات بجعلها ظنيات ، والمحكمات متشابهات ، وبتقييد المطلق ،وإطلاق المقيد ، وتخصيص العام ، وتعميم الخاص وهكذا..
ولكننا نرى اختلافا محمودا تبيِّنه الحوادث العديدة التي كانت في أيام النبي-صلى الله عليه وسلم- والخلفاء الراشدين ومن أتى بعدهم، مما اختلفت فيه أفهام الصحابة وغيرهم، وتباينت فيه مداركهم من أحكام الشرع، من مثل الاجتهاد في أمر النبي- صلى الله عليه وسلم- أصحابه ” لا يصلين أحدكم العصر إلا في بني قريظة”، فأداها بعضهم عند وصوله بني قريظة مع تأخير صلاة العصر، وعجل بعضهم فصلاها ثم توجه إلى بني قريظة مع مخالفته لأمر النبي – صلى الله عليه وسلم، وعدم إنكاره، عليه السلام، على الفريقين.
من هذا يتبين أن الاختلاف المقبول شرعا هو الاختلاف النابع من تباين في الفهم بسبب إشكال لفظي أو تعدد دلالات التعابير ، أو اختلاف في فهم الأدلة ، ويجري هذا على الفروع والجزئيات في النصوص الظنية في دلالاتها.
أما الاختلاف المذموم شرعا فهو النابع من هوى أو جحود للحق، والمؤدي في نهايته إلى النزاع،ومنه الاعتداء على النصوص بتحميلها ما لا تحتمل ، وقد توعد الله تعالى أصحابه بالفصل بينهم يوم القيامة.
وعند وجود خلاف بين المسلمين أو نزاع لا بد من الرجوع إلى الكتاب والسنة ،قال تعالى {وَمَا اخْتَلَفْتُمْ فِيهِ مِن شَيْءٍ فَحُكْمُهُ إِلَى اللَّهِ ذَلِكُمُ اللَّهُ رَبِّي عَلَيْهِ تَوَكَّلْتُ وَإِلَيْهِ أُنِيبُ }الشورى10 ، وقال عزوجل{يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُواْ أَطِيعُواْ اللّهَ وَأَطِيعُواْ الرَّسُولَ وَأُوْلِي الأَمْرِ مِنكُمْ فَإِن تَنَازَعْتُمْ فِي شَيْءٍ فَرُدُّوهُ إِلَى اللّهِ وَالرَّسُولِ إِن كُنتُمْ تُؤْمِنُونَ بِاللّهِ وَالْيَوْمِ الآخِرِ ذَلِكَ خَيْرٌ وَأَحْسَنُ تَأْوِيلاً }النساء59، ورد في التفسير الميسر”يا أيها الذين صدَّقوا الله ورسوله وعملوا بشرعه, استجيبوا لأوامر الله تعالى ولا تعصوه, واستجيبوا للرسول صلى الله عليه وسلم فيما جاء به من الحق, وأطيعوا ولاة أمركم في غير معصية الله, فإن اختلفتم في شيء بينكم, فأرجعوا الحكم فيه إلى كتاب الله تعالى وسنة رسوله محمد صلى الله عليه وسلم, إن كنتم تؤمنون حق الإيمان بالله تعالى وبيوم الحساب. ذلك الردُّ إلى الكتاب والسنة خير لكم من التنازع والقول بالرأي، وأحسن عاقبة ومآلا.
وعليه فإنَّ هناك خطوطا حمراء لا يجوز تجاوزها وتخطيها ، ومسلمات محكمات بينات واضحات قطعيات ، مجرد وضعها في خانة المختلف عليه يعتبر اعتداءً صارخا وتطاولا واضحا ، وإلباس الناس ثوب التشكيك والظن فيما هو مبتوت ومعلوم ومحل اطمئنان وسكون ، ويمكن تلخيص ذلك في نقطتين.
1 -أن لا تُجعل العقيدة الإسلامية محل خلاف ؛ فلا اختلاف في وجود الخالق – عز وجل ولا في ملائكته ولا في كتبه ورسله واليوم الآخر، ولا اختلاف في حاكمية الله جل وعلا ،ولا يجوز أن تكون العقيدة وثوابتها محل مساومة أو غوصٍ في قواسم مشتركة كنقاط التقاء مع ما يناقضها أو حتى يخالفها ، لأن القول هنا واحد لا يتعدد؛فالمسألة إما إيمان أو كفر ، لا سبيل لثالث بينهما.
2- أن لا تُجعل القضايا المصيرية والأحكام القطعية محل اختلاف، كالحكم بالإسلام ووحدة المسلمين والجهاد وسيادة الشرع والولاء والبراء وعدم طاعة الحكام الرويبضات مثلا؛ فالبُرغم من وجود الاختلاف بين الصحابة في الاجتهاد ولكنهم لم يختلفوا في القضايا المصيرية وحلِّها.
فكان من الواجب الوقوف أمام كل من يُخِّلُ أو يحور في الثوابت والمسلَّمات وأصول العقيدة ،وقضايا الأمة المصيرية؛ ولا مسوغ شرعي للخلاف أو الاختلاف فيها ،بدواعي تعدد الآراء وبشعارات إصلاحية أو ترقيعية أو مبررات تتخذ من فنون الممكنات وميزان القوى ، وفقه المصالح والغاية تبرر الوسيلة ،واختلاف الأحكام باختلاف الزمان ، فتقبل مثلاً المشاركة في الأنظمة الحالية تحت ذريعة أن الأمر خلافي ،وتحت شعار يعذر بعضنا بعضا فيما اختلفنا فيه ؛ كتحريف وتعطيل حكم الجهاد في سبيل الله والقول أنه دفاعي ، ليتماشى مع الموقف الدولي والمواثيق الدولية ، وسيراً مع قوانين مكافحة ومحاربة الإرهاب ، متناسين أن القتال والجهاد قد شرعه الله تعالى لنشر الإسلام وفتح البلاد ، وليس لإكراه الناس على اعتناق الإسلام. قال الله تعالى: { وَقَاتِلُوهُمْ حَتَّى لاَ تَكُونَ فِتْنَةٌ وَيَكُونَ الدِّينُ لِلّهِ فَإِنِ انتَهَواْ فَلاَ عُدْوَانَ إِلاَّ عَلَى الظَّالِمِينَ} سورة البقرة.
ومما يجب التأكيد عليه أن علماء الأصول رغم اختلافهم فيما يعتبر دليلا إلا أنهم لم يختلفوا في وجوب قطعية الأدلة ؛قد نص جمهور العلماء على أن أصول الأحكام يجب أن تكون قطعية،قال الشاطبي في كتاب الموافقات” إن أصول الفقه في الدين قطعية لا ظنية” .
فمن اعتمد على دليل ظني، لا يختلف مع غيره من العلماء على وجوب قطعية الدليل ، وعندما أعياه وجود دليل من القرآن والسنة لجأ إلى الاستحسان مثلا على اعتبار أنه دليل يُستند إليه.
لا كما نرى اليوم ممن تجاوز الأمر وتعدَّى بإنزال الأدلة على غير مناطها ، ومحاولة تطويع الأدلة لتتفق مع ما ذهبوا إليه ؛ فمنهم من ذهب وخلط بين استئناف الحياة الإسلامية وأعمالها وأحكامها وواقعها ، وبين مقارعة عدو ،أو جهاده أو ما أطلق عليه في العصر الحالي مقاومة ، وليت الأمر يقف عند هذا الحد؛ بل نرى هناك جرأة بتحميل النصوص ما لا تحتمل ، بل والمعاندة في تفسير واقع بديهي واضح ، ومن ثم الانطلاق صوب مهاجمة من يخالفونهم فيما ذهبوا إليه من هراء لا يصمد أمام الحق الساطع.
فمثلاً الجهاد بأنواعه المختلفة ليس طريقاً لاستئناف الحياة الإسلامية وإقامة الدولة الإسلامية فقد شرع لغرضين اثنين أولهما حمل الدعوة للأمم والشعوب الأخرى وثانيهما رد العدوان الحاصل على المسلمين ، بينما إقامة الدولة الإسلامية لها أحكامها التي لم تغفلها الشريعة الغراء ، كما يحلو لبعضهم أن يجعل منها قضية خلافية ومسألة فيها أقوال وآراء وأفهام ونظرات ، فتراهم يقولون مثلاً أن النبي-صلى الله عليه وسلم- جاهد لذا علينا الجهاد لإقامة الدولة ، ثم تراهم يقولون أن النبي-صلى الله عليه وسلم- هادن وصلح في الحديبية،ونحن نترسم خطاه فلا مانع من الهدنة والمصالحة؛ فخلطوا بين أحكام الفرد وأحكام الدولة وأحكام الجماعة ، وخلطوا سير النبي صلى الله عليه وسلم وهو رئيس كتلة بسيره وهو رئيس دولة ، فهل مثل هذا خلاف معتبر! ، أم هو هرطقات ُألبست ثوب الخلاف زوراً وبهتاناً لحاجة في نفوسهم يقضونها .
ثم نرى حالة أخرى مما أشكل فهمه على بعضهم من أمر الرسول صلى الله عليه وسلم بقتال الحاكم المصرّ الذي يظهر الكفر البواح ، باعتبار ذلك دليلاً على قتال الحاكم المظهر للكفر الصراح ، ولعلنا نلتمس لهؤلاء عذراً لوجود شبهة دليل تمت باجتهاد شرعي صحيح المُنطلق ولكنه خاطئ في محاكمة الواقع مع ما يصلح له من دليل ،فلا يعتبر الجهاد طريقاً لإقامة الخلافة إذ أن قتال الحاكم الذي يظهر الكفر البواح لا يعد جهاداً في عرف الفقهاء إذ هو قتال لاستعادة الحكم في ظل دار إسلام حكمت بأحكام الكفر فترة مؤقتة فوجب على المسلمين قتال الحاكم الذي أظهر الكفر البواح وحكم به ليزيل المسلمون هذا الظرف الطارئ ويعيدوا الحكم إلى نصابه ، ولا يكون ذلك إلا في ظل وجود دار الإسلام وتطبيق الحاكم لأحكام الكفر البواح فيها، لذا قال الرسول صلى الله عليه وسلم عندما سئل عن هذه الحالة (أفلا ننابذهم يا رسول الله ، قال لا ، إلا أن تروا كفراً بواحاً عندكم من الله فيه برهان ، وهنا يظهر لنا عدم فهم الواقع بشكل جلي ، ومع ذلك يصح القول أن عندهم شبة دليل لكنها تسقط أمام جملة من الادلة التي تدحض فهمهم هذا .
ومنهم من شارك بالتنازل والتفريط بفلسطين بحجة جواز الهدنة مع إغفال أن موضوع الهدنة قد تم بيانه في الفقه الإسلامي، وهو غير خاضع للأهواء وليس مطلقا بل هو خاضع للضوابط الشرعية والتي تحقق المصلحة الشرعية التي يقتضيها نشر الدعوة الإسلامية ، فلم تأت الهدنة في الفقه في سياق الخضوع للعدو والإستسلام له، ولا في سياق التنازل عن أرض الإسلام والمسلمين والمقدسات ؛ فلا يصح عقد هدنة أو صلح على أرض هاجمها عدو أو اغتصبها ، لأن الواجب في مثل هذا الحال رد العدو ، يقول صاحب المغني: (ولما كانت البلاد الإسلامية تعتبر كلها دارًا لكل مسلم فإن فريضة الجهاد في حالة الاعتداء تكون واقعة على أهلها أولاً وعلى غيرهم من المسلمين المقيمين في بلاد إسلامية أخرى ثانيًا لأنهم وإن لم يُعتدَ على بلادهم مباشرةً إلا أنَّ الاعتداء قد وقع عليهم بالاعتداء على بلد إسلامي هو جزء من البلاد الإسلامية).
ومن الحركات من تدعي العمل لدولة إسلامية ، فإذا ما ظهر تخوف من البعض حولها ، نراها تتنصل من دعواها بل تنادي بدولة مدنية ديمقراطية !، ثم نراها تنتهج طرقا لا علاقة لها بما تدعيه ،وتأتي بمبرّرات لممارسات لا توافق الشرع ابتداءً ، وأخرى تنطلق تقاتل مصالح الغرب ، وتجعل من مقارعة الغرب طريقاً للوصول لدولة الخلافة مع ما يكتنف الطريق من أعمال تخالف الشرع ولا علاقة لها بطريق موصل للخلافة عقلاً وشرعاً، وبعض الحركات تدخل في الحكم أو في الأنظمة الجاهليّة في هذا الزّمان فيسوقوا نصوصاً لا تنطبق على الواقع محل البحث ، ليبرّروا دخولهم في البرلمانات أو الوزارات من دخول في اللعبة الديمقراطية وتحملهم وزر تمييع الإسلام من خلالهم.
وعليه لا يصح جعل الخلاف والاختلاف حجة لمن يريد أن لا يحمل الدعوة تكاسلا، وكذلك حجة لمن يتقاعس عن إيصال الدعوة للغير تحت ذريعة” للرجل اجتهاده أو تقليده ” ، فيخلط الحابل بالنابل ويطالب المخالف له أن يعذره فيما ذهب إليه من فهم.
وفي الختام
ليس كل خلاف واختلاف معذور صاحبه فيما ذهب إليه ، ومن المعيب إلباس عباءة الخلاف والاختلاف وإطلاقها دون وازع أو ضابط لتبرير التقاعس والتنازل والتهاون والتهاوي ، ولعل أكثر ما يظهر ذلك هو في الحركات الإسلامية التي جعلت من الواقع مصدراً للتفكير فكانت الواقعية نهجها ، والاختلاف مبررها ، فوقعت في مستنقع سحيق لا تخرج منه وهكذا حالها ، ولن ينضبط الأمر إلا بمن يمسك بزمام المبادرة فيأمر بأمر يرفع فيه الخلاف ، ويمنع من أن يختلف فيما لا يختلف فيه.
عاهد ناصر الدين