Take a fresh look at your lifestyle.

خبر و تعليق  بريفيك حادثة إطلاق الرصاص في النرويج وردة فعل المسلمين في أوروبا

بعد القتل والتفجير الذي حصل الأسبوع الماضي من قبل آندرس بيرنج بريفيك، فقد سُئل أحدهم في لندن عن ردة فعل المسلمين هناك وكان رده أنهم قد ارتاحوا قائلا: “الحمد لله، أن المسلح لم يكن مسلما”. إضافة إلى ذلك فإنهم يظهرون بعض التناقض في الإعلام حيث إن كان الفاعل مسلما، لأطلق عليه “إرهابي”، بينما هو الآن قد وصف بـ”المجنون الوحيد”.

 

لماذا تنحصر ردة فعل أكثرية الجالية الإسلامية بتلك النظرة؟ في الحقيقة، وبعد قرابة العشرة سنين في الإيقاف والتفتيش في الرحلات في المطارات، وبعد قوانين مكافحة الإرهاب، وبعد عداء الإعلام على المسلمين وعلى الشعائر والعقائد الإسلامية (كالنقاب والحجاب، والرسوم المتحركة الدنماركية وغيرها)، بعد كل ذلك فإن الكثير من المسلمين يشعرون أن أفضل مسار للعمل هو الانبطاح وإبقاء رؤسهم منخفضة.

 

مع ذلك، ومع العلم أن بريفيك قد برر قتله الجماعي زاعما أنه يهدف لإشعال حرب لوقف المسلمين من “السيطرة” على أوروبا، فإن القضايا التي تثار منه وردة فعل المجتمعات والسياسيين على هذه القضايا يجب أن تكون محل اهتمام المسلمين. وبعض القضايا التي تثار هي
• الانتشار الواسع لأجواء كره الأجانب والتعصب ضد المسلمين في أوروبا
• صعود اليمين المتطرف وردة فعل الأحزاب السياسية الرئيسية لذلك
• ردة فعل الحكومات الأوروبية وتأثيرها على المواطنين المسلمين

 

إن القضايا التي تختارها الطبقة السياسية لعلاجها – القضايا غير المناسبة – بشكل عام تحاط بالكثير من الأسئلة الأمنية: كيف تستطيع أن تأمن المجتمع من رجل وحيد مسلح؟ هل هناك كفاية في تبادل المعلومات بين الحكومات؟ وهذه الأسئلة تحرف بعض الاهتمام عن المشكلة الخطيرة التي تواجه أوروبا من التصرفات العنصرية وكراهية الأجانب، وصعود اليمين المتطرف، وتفاقم الوضع الاقتصادي. كل هذا يبين المفارقات والتناقضات الصارخة في صنع السياسات تجاه المسلمين وغير والمسلمين.

 

كراهية الأجانب في أوروبا
لقد ظهر للكثير صعود اليمين المتطرف في كل أنحاء أوروبا خلال السنوات الأخيرة – سواء صعود جورج هيدر أو جيرت وايلدرز، أو الأحزاب اليمينية في شرق أوروبا والتي بعضها متحالف مع الأحزاب السياسية الرئيسية في البرلمان الأوروبي، أو الحزب الوطني البريطاني ورابطة الدفاع البريطانية في المملكة المتحدة. فالمخاوف من هذا تنبع من تجربة أوروبا في القرن العشرين مع الفاشية والكراهية للأجانب.

ومن المفارقات، فإن السياسات التي اتخذت منذ ثلاثين سنة والتي كانت تهدف إلى الحد من هذا السلوك – مبدأ التعددية الثقافية – تهاجم الآن من قبل السياسيين المعروفين في أوروبا أمثال ديفيد كاميرون وأنجيلا ميركل بأنها فاشلة. ولذلك فإنهم يعززون النظرة العنصرية التي تطالب المسلمين بالاستيعاب وأن يصبحوا كالغربيين، ويحظروا الرموز الإسلامية (مثل الحجاب والنقاب، والمآذن) وينتقدوا المهاجرين بكثرة (بالرغم أن اقتصادهم يعتمد على العمال المهاجرين). ونتيجة لذلك، فإن موقفهم هذا يمدح من قبل اليمين المتطرف كرئيس الجبهة الوطنية العنصرية الفرنسية، مارين لي بين – وهذا يوضح التقارب السياسي بين السياسيين المعروفين مثل ديفيد كاميرون واليمين المتطرف الذي يكره كل أشكال الثقافة الأجنبية. فكلاهما متوحد على الخطاب المعادي للإسلام، والسياسات التي تجبر المسلمين على الاندماج.

إن المسلمين الأوروبيين يجدون أنفسهم بين اليمين المتطرف – الذي يكره الأجانب وأي شيئ أجنبي – والطبقة السياسية، التي تكره التزام المسلمين بالقيم الإسلامية، التي هي جزء من الصحوة العالمية لفكرة الإسلام، التي تهدد الهيمنة الرأسمالية في العالم الإسلامي.

 

وإضافة إلى ذلك، فإن المسلمين يرون صمت السياسيين على قضية الخوف من الإسلام في التغطية الإعلامية، والتي ساعد فيها السياسيون منذ البدء في إنشائها.

 

يظهر من ردة الفعل منذ تفجيرات أوسلو وإطلاق الرصاص في أوتويا، يظهر أننا سنرى الآن وجها آخر في التعامل. فتفجيرات لندن عام 2005 نتج عنها سلسة من ورش العمل والنقاشات شكلت بسرعة، والتي بعدها ساد بسرعة فكرة أن سبب التفجيرات كان فكرة سياسية إسلامية كان لا بد من علاجها. فتطور النقاش ليس فقط إلى مجرد الحد من الأفكار “العنفية المتطرفة” بل أي فكرة “متطرفة”. وهذا هو النموذج العملي الحالي في المملكة المتحدة وغيرها من دول أوروبا، والتي تقود إلى الضغط غير الشرعي على المتحدثين المسلمين والجماعات الإسلامية وحظر الزوار من دخول بريطانيا (كما حصل مع الشيخ القرضاوي).

 

إنه من غير المتوقع أبدا أن يكون هناك استراتيجية مماثلة للتعامل مع الأفكار التي قد تسهم أو قد لا تسهم في أيديولوجية أندرس بريفيك – النصراني والماسوني. مهما كانت الأفعال التي يتخذها السياسيون على الأفراد والجماعات “المتطرفة”، فإننا من غير المتوقع أن نرى منعا للمفكرين والمعلقين من الجناح اليميني المحافظ من الإعلام ونشر فكرتهم – الذين قد يأثرون أو لا يأثرون على الأفكار “المتطرفة”. وبالفعل فقد دافع أحد الوزراء السابقين لسيلفيو بيرلسكوني عن تفكير النرويجي أندرس بريفيك منفذ القتل الجماعي. وقال فرانسيسكو سبيروني العضو القيادي في الرابطة الشمالية، الشريك الأصغر في ائتلاف بيرلسكوني، قال في مقابلة في برنامج راديو مشهور: “أفكار بريفيك هي للدفاع عن الحضارة الغربية”. وقال آخرون أنه يجب أن يكون هناك نقاش أعمق حول “اندماج” المسلمين وما زال هناك حديث عن خطورة المسلمين على الثقافة الغربية.

 

المستقبل؟
بالرغم من تاريخ أوروبا وحربيها العالميتين “ضد الفاشية”؛ وإلى هذا اليوم، فإنها لم تجد نموذجا يوفر الانسجام بين الناس، أو كيف يوطن أناس من ألوان وعقائد مختلفة.

 

 

تاجي مصطفى
الممثل الإعلامي لحزب التحرير في بريطانيا