أدستورٌ ديمقراطي ونظامُ كفر خيرٌ أم دستورُ خلافة راشدة على منهاج النبوّة
أدستورٌ ديمقراطي ونظامُ كفر خيرٌ أم دستورُ خلافة راشدة على منهاج النبوّة
أيّها المسلمون، قد أظلّكم شهر عظيم مبارك، شهر رمضان، شهر القرآن، شهر الطّاعات والانتصارات، فهنيئا لكم شهر أوّله رحمة وأوسطه مغفرة وآخره عتق من النار، وهنيئا لكم شهر يُضاعفُ فيه الأجر ويُجزل فيه الثّواب وتتعاظم فيه الطّاعة حتى تكون النّافلة كالفريضة، والفريضة فيه كسبعين فيما سواه، ونسأل العليّ القدير أن يتقبّل صيامكم وقيامكم، وأن يُعيده عليكم وقد عادت للأمّة الإسلاميّة دولتها، وتوحّدت كلمتها، واستعادت عزّها وسؤددها.
أيّها المسلمون: إنّكم في رمضان تقبلون على الله، وعلى بيوت الله، وتدَعون شهواتكم، طعامكم وشرابكم استجابة لدعوة ربّكم (يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا كُتِبَ عَلَيْكُمُ الصِّيَامُ كَمَا كُتِبَ عَلَى الَّذِينَ مِنْ قَبْلِكُمْ لَعَلَّكُمْ تَتَّقُونَ) وتُقبلون على سماع القرآن وقراءته، وإنّ هذا ليدلّ دلالة قاطعة على أنّكم مسلمون آمنتم بالله ربّا وبمحمّد صلّى الله عليه وسلّم رسولا وبالقرآن الكريم كتابا منزّلا (مِنْ لَدُنْ حَكِيمٍ خَبِيرٍ) (يَهْدِي لِلَّتِي هِيَ أَقْوَمُ وَيُبَشِّرُ الْمُؤْمِنِينَ الَّذِينَ يَعْمَلُونَ الصَّالِحَاتِ أَنَّ لَهُمْ أَجْرًا كَبِيرًا).
وإنّكم اليوم بعد أن أسقطتم الطّاغية بن علي وألجأتموه إلى الفرار تُدعون إلى انتخاب مجلس ضرار تأسيسيّ هم بشر مثلكم يزعمون أنّهم قادرون على وضع دستور لكم من عندهم يُنظّم حياتكم، وهم يصرفونكم عمدًا بالخداع والمكر عن العودة إلى دينكم الذي ارتضاه لكم ربّكم وخالقكم.
أفترضون وأنتم من أكرمكم الله سبحانه وتعالى بالمكرمات أن تتحاكموا إلى شرع غير شرع ربّكم؟ أتقبلون أن تكونوا عبيدا لغير الله؟ أتتخذون هذا القرآن مهجورا؟
أيّها المسلمون، إنّنا في حزب التحرير ندعوكم إلى أن تتخذوا مع الرسول سبيلا وأن لا تتخذوا القرآن الكريم مهجورا بل اجعلوه إماما تهتدون به ففيه النّظام الذي يُنظّم حياتكم ويشبع حاجاتكم الإشباع الصحيح ويحلّ جميع مشاكلكم ويضمن لكم الطمأنينة والسعادة الحقيقيّة، أوليس الله بقائل وقوله الحقّ: (فَمَنِ اتَّبَعَ هُدَايَ فَلَا يَضِلُّ وَلَا يَشْقَى)، وإننا في حزب التحرير قد أدركنا أنّ إعادة أحكام الإسلام إلى واقع الحياة تقتضي فهم أحكام الإسلام فهما دقيقا قوامه الاستنباط الصحيح من أدلّة الشرع، القرآن الكريم والسنّة الشريفة، فقمنا بتقنين هذه الأحكام الشرعيّة موادَّ دستوريّة لتُطبّق في دولة الخلافة القادمة قريبا بإذن الله تعالى، ولأنّنا ندرك أنّكم عشتم حياة منقطعة عن أحكام الشرع، وطُبّقت عليكم أحكام الكفر، فقد رأينا أنّ وضع دستور مستنبط من كتاب الله وسنّة رسوله أمر لازم، كي تُضبط أمور الدّولة وتنتظم حياة المسلمين على أساس العقيدة الإسلاميّة. وهذا الدّستور الذي تبنّيناه عرضناه من أوّل يوم وما زلنا نعرضه عليكم ليعرف الجميع موادّ دستور دولة الإسلام مناقشين ومستفسرين ليدركوا أنّها أحكام شرعيّة وليست قوانين وضعيّة، وليعلم الجميع أنّ دعوتنا للخلافة ليست شعارا أجوفَ يتغنّى به المتغنّون ولا هي بأمانيَّ خادعةٍ بل هي دولة عمليّة جاهزة قوانينُها منتظمةٌ أحكامُها، ينعم فيها المسلم في ظلّ أحكام الله ويعزّ في الدنيا والآخرة ولا يُحرم غير المسلم من نعيم أحكام الإسلام في الدّنيا، بل ينعم بعدل الإسلام جميع رعايا الدولة.
فيا أهلنا وأحبّتنا، يا من أكرمكم ربّكم برمضان، اغتنموا الشّهر كلّه متعرّضين لنفحات الله تحقيقا لأمر رسولكم، واعلموا أنّ من أعظم القربات لله أن تعيدوا الإسلام مسيِّرا لحياتكم باتخاذ دستور مستنبط من كتاب الله وسنّة رسوله وإقامة دولة تعزّ الإسلام وأهله.
(يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا اسْتَجِيبُوا لِلَّهِ وَلِلرَّسُولِ إِذَا دَعَاكُمْ لِمَا يُحْيِيكُمْ وَاعْلَمُوا أَنَّ اللَّهَ يَحُولُ بَيْنَ الْمَرْءِ وَقَلْبِهِ وَأَنَّهُ إِلَيْهِ تُحْشَرُونَ).