يا أهل اليمن: انشدوا التغيير الحقيقي واطردوا نفوذ الكافر من بلادكم
توجه علي عبد الله صالح صباح الأربعاء 23 تشرين ثانٍ / نوفمبر الجاري إلى الرياض للتوقيع على المبادرة الخليجية بحضور قيادات أحزاب اللقاء المشترك بشأن تنحيه عن كرسي الحكم في اليمن. لقد جاء التوقيع على المبادرة الخليجية بعد سبعة أشهر من وضعها من قبل الإنجليز باسم “دول الخليج” وبعد تعديلها خمس مرات، كما يأتي التوقيع من علي عبد الله صالح على المبادرة الخليجية بعد رفضه مراراً التوقيع عليها وآخرها في 22 أيار / مايو الماضي، ورفع ملف اليمن إلى مجلس الأمن وإصدار القرار 2014 في 21 تشرين أول / أكتوبر الماضي الذي أعدت مسودته بريطانيا، وأقر المبادرة الخليجية ووضع آلية تنفيذها وفق جدول زمني حمله إلى اليمن جمال بن عمر المبعوث الشخصي لبان كي مون الأمين العام للأمم المتحدة.
وقد جعلت بريطانيا خروج الناس في الشوارع وثورتهم على فساد النظام الحاكم مجرد صراعات شخصية دون أي اكتراث للدماء التي سالت، كما جاء على لسان السفير البريطاني في اليمن جوناثان ويلكس في مقابلة له مع صحيفة الشرق الأوسط اللندنية في 7 تشرين أول / أكتوبر الماضي بالقول “… وبناء عليه فإن الحل السلمي موجود ومتفق عليه من قبل الأطراف المختلفة في السلطة والمعارضة، ونحتاج إلى إرادة سياسية من الرئيس صالح أولا وأيضا من المعارضة للجلوس معا لتوقيع المبادرة…”، وأضاف “لدينا هذه الصراعات الشخصية بين عيال الأحمر وعيال صالح وعلي محسن”. ثم كشف الغرض من مخططاتهم للتسويات، فأضاف “فنحتاج إلى تسوية سياسية بينهم من أجل التصدي للتحديات الرئيسية”، وليس بخافٍ عليكم أن الإسلام السياسي هو أخطر التحديات للغرب.
إن الإنجليز يعملون على الاحتفاظ بنفوذهم في اليمن بإفساد الثورة وإنهائها بعملية تجميل للنظام القائم باستبدال رئيس وتشكيل حكومة على عينهم وجعلها تصب لمصلحتهم، يساعد الإنجليز في ذلك، وفي استمرار نفوذهم السياسي في اليمن، تلك الطبقة السياسية الكبيرة الموالية للإنجليز التي كوّنها علي صالح خلال فترة حكمه حتى وإن سمى بعضها معارضة! وفي المقابل فإن أمريكا تدير مخططاتها ليكون لنفوذها السياسي موضع في اليمن، وليس آخر هذه المخططات مؤتمر القاهرة الذي عقد الاثنين 21/11/2011 بحضور قيادات جنوبية سابقة استمالتها أمريكا بـ”طُعم” دولة في جنوب اليمن، من أبرزها عبد الرحمن الجفري وعلي سالم البيض، والقعطبي المحافظ السابق لعدن الذي اعتقله الأمن القومي عند وصوله إلى مطار صنعاء مؤخراً!
وهكذا فإن الصراع الدولي مستمر في اليمن لتحقيق مصالحهم ومص دمائنا ما دامت الأطراف المتصارعة تجد لها عملاء وأتباعاً يحملون لها الولاء، ولن توقف هذا الصراعَ المبادرةُ وآلياتُها التي أظهرت رجحان كفة الإنجليز في إبقاء البنية السياسية للنظام في اليمن دون تغيير باستثناء عمليات تجميل زائفة! فرجال صالح الذين صُبغوا بصبغته في السياسة والعسكر لا يزالون يؤثرون تأثيراً فاعلاً في الحكم الجديد القديم! بل إن المبادرة تعطيهم ضماناً بالأمن والأمان على كل ما فعلوه من جرائم وسفك دماء…
لقد أثبتت الأحداث السياسية الأخيرة في اليمن قبل الثورة وأثناءها بأن أحزاب اللقاء المشترك لم تحسن صنعاً ولم تعبر عن أفكار الناس ومشاعرهم، ولم تضع أي قيمة لدمائهم التي سالت طوال الأشهر التسعة الماضية، بل كانت شاهد زور مشاركاً في ما يخطط له الإنجليز وينفذه النظام الحاكم في اليمن، خائنة للشباب الذين يملأون الساحات.
أيها المسلمون، أيها الأهل في اليمن: لا تمكِّنوا المتصارعين دولياً عليكم ولا عملاءهم من إخماد ثورتكم بترقيعات للنظام القائم وطلاء وجهه بطلاءٍ كاذب، بل اعمدوا إلى التغيير الجذري الصحيح، بإقامة دولة الخلافة، واقتلاع النفوذ الاستعماري وعملائه من الجذور، وليس بقطع شيءٍ من أطراف الورق المتساقط فحسب! وإنكم بعون الله لقادرون على ذلك إن أخلصتم لله سبحانه العمل، وصدقتم مع رسول الله ، فتفوزوا في دنياكم وأخراكم، وذلك الفوز العظيم.
إن التغيير لا بد منه، وإن إقامة دولة الخلافة يجب أن تكون هي هدف التغيير الحقيقي في بلاد المسلمين، فعلى الأمة ترك الارتماء في أحضان الغرب الكافر، الأوروبي والأمريكي، ورفض كل سمومه ومخلفاته وأفكاره العفنة وحلوله القذرة التي أغضبت الله وأتعستنا وأفسدت حياتنا، فلا عز في الدنيا إلا بشرع الله نحيا به.
أيها المسلمون، أيها الأهل في اليمن: أنعموا النظر فيما يحدث تجدوا أنفسكم ضحية لغيركم بلا قيمة في ثورتكم ولا قبلها، ألا فثوروا ثورة حقيقية وارفضوا كل أفكار الكفر والفظوا كل سفارات الغرب الكافر واطردوا كل عملائه الخونة، واعملوا بجد لتحكيم شرع الله الذي لا يتم إلا بإقامة الخلافة، التي ستحفظ كرامتكم وتقيكم شرور الغرب ومخططاته وتجعلكم مع باقي الأمة في كيان واحد، آمنين في حياتكم، أعزاء لا تخشون إلا الله، ناشرين لدينه في كافة أنحاء العالم.
إننا نقول لكم بصريح العبارة: إنه بعد أن تم التوقيع على المبادرة الخليجية الآن فإن حالكم سيستمر على المنوال نفسه ولن يتغير إن لم تعملوا للتغيير الحقيقي مع العاملين المخلصين لإقامة الخلافة على منهج النبوة وليس على الاستناد إلى الغرب الكافر أياً كان اسمه.
ألا فشمروا يا أهل الإيمان والحكمة عن سواعدكم وواجهوا مخططات الغرب وأعوانه ووجهوا ثورتكم لتحكيم شرع الله بإقامة الخلافة لتنالوا الخير والثواب والعز في الدنيا والآخرة.
يا شباب ساحات الاعتصام المطالبين برحيل صالح: لقد تمت المبادرة من وراء ظهوركم، وتآمرت عليكم أطرافها مجتمعة، فالنظام ورجاله لا يزالون يطلون عليكم برؤوسهم، يحملون معهم ضماناً آمناً لرئيسهم ولأعوانه الذين سفكوا دماءكم… إن الغرب وعملاءه يريدون أن يُبقوكم تحت هيمنته بدون شرع الله مفرَّقين، تحكمكم الرأسمالية السيئة بعلمانيتها وديمقراطيتها وبدولتها المدنية، فاعملوا على إرضاء ربكم بإقامة الخلافة ولو كره الكافرون. فالخلافة وعد ربكم وبشرى نبيكم بالظهور على الكرة الأرضية كلها، قال تعالى:{وَعَدَ اللَّهُ الَّذِينَ آَمَنُوا مِنْكُمْ وَعَمِلُوا الصَّالِحَاتِ لَيَسْتَخْلِفَنَّهُمْ فِي الْأَرْضِ كَمَا اسْتَخْلَفَ الَّذِينَ مِنْ قَبْلِهِمْ وَلَيُمَكِّنَنَّ لَهُمْ دِينَهُمُ الَّذِي ارْتَضَى لَهُمْ وَلَيُبَدِّلَنَّهُمْ مِنْ بَعْدِ خَوْفِهِمْ أَمْنًا يَعْبُدُونَنِي لَا يُشْرِكُونَ بِي شَيْئًا وَمَنْ كَفَرَ بَعْدَ ذَلِكَ فَأُولَئِكَ هُمُ الْفَاسِقُونَ} وقال سبحانه: {وَلَيَنْصُرَنَّ اللَّهُ مَنْ يَنْصُرُهُ إِنَّ اللَّهَ لَقَوِيٌّ عَزِيزٌ * الَّذِينَ إِنْ مَكَّنَّاهُمْ فِي الْأَرْضِ أَقَامُوا الصَّلَاةَ وَآَتَوُا الزَّكَاةَ وَأَمَرُوا بِالْمَعْرُوفِ وَنَهَوْا عَنِ الْمُنْكَرِ وَلِلَّهِ عَاقِبَةُ الْأُمُورِ} وقال رسول الله صلى الله عليه وسلم: «إن الله زوى لي الأرض فرأيت مشارقها ومغاربها وإن أمتي سيبلغ ملكها ما زوي لي منها» وقال: «لَيَبْلُغَنَّ هَذَا الْأَمْرُ مَا بَلَغَ اللَّيْلُ وَالنَّهَارُ وَلَا يَتْرُكُ اللَّهُ بَيْتَ مَدَرٍ وَلَا وَبَرٍ إِلَّا أَدْخَلَهُ اللَّهُ هَذَا الدِّينَ بِعِزِّ عَزِيزٍ أَوْ بِذُلِّ ذَلِيلٍ عِزًّا يُعِزُّ اللَّهُ بِهِ الْإِسْلَامَ وَذُلًّا يُذِلُّ اللَّهُ بِهِ الْكُفْرَ».
فالعالم كله يتهيأ لظهور دولة الخلافة، وينتظرها بفارغ الصبر بعد أن أفسدته الرأسمالية العفنة، وما إرهاصات الأزمات التي تفتك بشقيها الأوروبي والأمريكي إلا إيذانٌ بسقوط الرأسمالية كما سقطت الاشتراكية من قبلها وظهور مبدأ الإسلام مجدداً بعد خسارة خسرها العالم بغياب دولة الخلافة.
{يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُواْ اسْتَجِيبُواْ لِلّهِ وَلِلرَّسُولِ إِذَا دَعَاكُم لِمَا يُحْيِيكُمْ وَاعْلَمُواْ أَنَّ اللّهَ يَحُولُ بَيْنَ الْمَرْءِ وَقَلْبِهِ وَأَنَّهُ إِلَيْهِ تُحْشَرُونَ}24 الأنفال