لا يا دار الإفتاء، بل أمر الاسلام بنظام سياسي محدد وهو الخلافة، وحرّم ما سواها… فاتّقوا الله
أصدرت دار الإفتاء المصرية فتوى بجواز التعددية السياسية، وأن الإسلام لم يأمر بنظام سياسي محدد، واستدلت الفتوى -بحسب بيان أمانة دار الافتاء- بطريقة تعيين الخليفة الأول والثاني والثالث، حيث لم ينص النبي صلى الله عليه وسلم على الخليفة من بعده، واختار المسلمون أبا بكر رضي الله عنه، ثم قام أبو بكر بتعيين عمر خليفة من بعده، ثم قام عمر بتعيين ستة يُنتخب منهم واحد.
إن هذه الفتوى يراد منها تضليل الناس وخداعهم، وذلك لتمهيد الطريق أمام الدولة المدنية العلمانية التي تُسوَّق لأهل مصر، وإن محاولات أمريكا وعملائها من النظام الذين هم وراء مثل هذه الفتاوى، ما هي إلا محاولات فاشلة، فقد وعد الله سبحانه وتعالى بالاستخلاف والتمكين حيث قال (وَعَدَ اللهُ الّذينَ آمَنوا مِنْكُمْ وَعَمِلوا الصّالِحاتِ لَيَسْتَخْلِفَنَّهُمْ في الأرْضِ كَمَا اسْتَخْلَفَ الّذينَ مِنْ قَبْلِهِمْ وَلَيُمَكِنَنّ لَهُمْ دينَهُمْ الذي ارتَضى لَهُمْ)، وكذلك بشّر رسول الله صلى الله عليه وسلم (…ثُمّ تَكونُ خِلافةٌ على مِنْهاجِ النُبُوّة، ثُمّ سَكَت).
إن نظام الحكم في الإسلام الذي فرضه رب العالمين هو نظام الخلافة، الذي ينصب فيه خليفة بالبيعة على كتاب الله وسنة رسوله للحكم بما أنزل الله، والأدلة على ذلك كثيرة مستفيضة من الكتاب والسنة وإجماع الصحابة، ومنها على سبيل المثال لا الحصر:
أما الكتاب فقد قال تعالى: (فاحْكُمْ بَينَهُمْ بِما أنْزَلَ اللهُ ولا تَتَّبِعْ أهْواءَهُمْ عَمّا جاءَكَ مِنَ الحَق)، (وأنِ احْكُمْ بَينَهُمْ بِما أنْزَلَ اللهُ ولا تَتّبِعْ أهْواءَهُمْ واحذَرْهُمْ أنْ يَفْتِنوكَ عَنْ بَعْضِ مَا أنْزَلَ اللهُ إليْك).
وأما السنة فقد قال صلى الله عليه وسلم: (مَنْ خَلَعَ يَدًا من طاعة لَقِيَ اللهَ يومَ القيامةِ لا حُجّةَ لهُ، ومَنْ ماتَ وليسَ في عُنُقِهِ بَيعة ماتَ ميتةً جاهلية) رواه مسلم. وقال صلى الله عليه وسلم (كانت بنو إسرائيلَ تَسُوسُهم الأنبياء، كلما هَلكَ نبيٌّ خلفهُ نبي، وإنهُ لا نبيَّ بعدي، وسَتَكونُ خُلفاء فَتَكْثُر، قالوا فَما تأمُرُنا؟ قال: فُوا بِبَيْعةِ الأول فالأول وأعطوهمْ حَقّهم، فإن اللهَ سائلهم عمّا استَرعاهُم) رواه مسلم.
وأما إجماع الصحابة فإنهم رضوان الله عليهم، أجمعوا على لزوم إقامة خليفة لرسول الله صلى الله عليه وسلم بعد موته، وأجمعوا على إقامة خليفة لأبي بكر، ثم لعمر، ثم لعثمان بعد وفاة كل منهم.
إن شكل نظام الحكم في الإسلام هو الخلافة، وهو نظام متميز عن أشكال الحكم المعروفة في العالم، سواء أكان في الأساس الذي يقوم عليه، أم بالأفكار والمفاهيم والمقاييس والأحكام التي تُرعى بمقتضاها الشؤون، أم بالدستور والقوانين التي يضعها موضع التطبيق والتنفيذ، أم بالشكل الذي تتمثل به الدولة الإسلامية والذي تتميز وتنفرد به عن جميع أشكال الحكم في العالم أجمع، فهو ليس نظاما ملكيا ولا يقر النظام الملكي، وليس نظاما إمبراطوريا، وليس نظاما اتحاديا تنفصل أقاليمه بالاستقلال الذاتي وتتحد في الحكم العام، وهو ليس نظاما جمهوريا والذي نشأ كردة فعل على طغيان النظام الملكي.
وهو ليس نظاما ديمقراطيا بالمعنى الحقيقي للديمقراطية، من حيث إن التشريع للشعب، يحلل ويحرم، يحسّن ويقبح. ومن حيث عدم التقيد بالأحكام الشرعية باسم الحريات. والكفار يدركون أن المسلمين لن يقبلوا الديمقراطية بمعناها الحقيقي، لذلك فإن الدول الكافرة المستعمرة (وبخاصة أمريكا اليوم) تحاول تسويقها في بلاد المسلمين، بإدخالها عليهم من باب التضليل، بأن الديمقراطية هي آلية انتخاب الحاكم، فتراهم يدغدغون مشاعر المسلمين بها، كأن الامر الأساس في الديمقراطية
هو انتخاب الحاكم. ولأن بلاد المسلمين مبتلاة بالبطش والظلم وتكميم الأفواه والدكتاتورية.
وأما أجهزة دولة الخلافة في الحكم والإدارة، فهي كما بينتها الأدلة الشرعية كما يلي:
1. الخليفة
2. المعاونون (وزراء التفويض)
3. وزراء التنفيذ
4. الولاة
5. أمير الجهاد (الجيش)
6. الأمن الداخلي
7. الخارجية
8. الصناعة
9. القضاء
10. مصالح الناس
11. بيت المال
12. الإعلام
13. مجلس الأمة (الشورى والمحاسبة)
هذا هو النظام السياسي الذي حدده الإسلام، وفرض إيجاده ليطبق شرع الله من خلاله ولا شيء غيره. وهو وحده النظام الذي سوف يعالج مشاكل مصر في جميع نواحي الحياة، تلك المشاكل التي أتى بها أصلا ذلك النظام الوضعي الديمقراطي الرأسمالي الذي أوجد لأهل مصر والعالم تلك الأزمات المستعصية وعجز عن حلّها. وبإذن الله لن تفلح أمريكا وعملاؤها من النظام وأبواقهم ما يسوّقونه لنا من الدولة المدنية العلمانية الديمقراطية الليبرالية الرأسمالية بمرجعية إسلامية!
أما طريقة انتخاب الخلفاء الراشدين الأربعة فهو تحديد لكيفية انتخاب كل منهم وليس تعددية سياسية، فالخلفاء الأربعة كلهم خلفاء راشدون، وطبقوا شرع الله تطبيقا كاملا فورا ودون تدرج من خلال دولة الخلافة، ولم يطبق أي واحد منهم نظاما سياسيا بحسب هواه أو هوى أغلبية الناس، بل طبقوا النظام السياسي المفروض عليهم وهو نظام الخلافة ليس غير، وإن ذلك ليس تعددية سياسية، ولا يجوز أن يشترك في نظام الحكم السياسي في الإسلام أحزابٌ سياسية على غير
أساس العقيدة الإسلامية، قال تعالى (أفَحَكُم الجاهليةِ يَبْغون)، وقال ( إنِ الحكمُ إلّا لِله).
وقد بيّن حزب التحرير تفاصيل ذلك مع الأدلّة الشرعية في كتاب أجهزة دولة الخلافة (في الحكم والإدارة)، وكتاب مقدمة الدستور والأسباب الموجبة له (الجزء الأول والثاني) ضمن الكتب التي أصدرها الحزب.
(إِنَّ الَّذِينَ يَكْتُمُونَ مَا أَنْزَلْنَا مِنَ الْبَيِّنَاتِ وَالْهُدَى مِنْ بَعْدِ مَا بَيَّنَّاهُ لِلنَّاسِ فِي الْكِتَابِ أُولَئِكَ يَلْعَنُهُمُ اللَّهُ وَيَلْعَنُهُمُ اللَّاعِنُونَ)