خبر وتعليق الجمهورية الثانية أم الخلافة الراشدة الثانية؟
الخبر:
بعد شهور من الترقب والانتظار، تم إعلان التشكيل الوزاري الجديد في السودان، بمشاركة أربعة عشرة حزباً بينها الاتحادي الديمقراطي بزعامة مرشد الطريقة الختمية محمد عثمان الميرغني. وكان قادة المؤتمر الوطني قد بشّروا أهل السودان بحكومة قاعدة عريضة تلبي طموحات الجميع في ظل ما أسموها بالجمهورية الثانية بعد انفصال الجنوب.
التعليق :
إن الناظر إلى هذا التشكيل الوزاري الجديد يجد أنه لا جديد فيه يبشّر بخير. وكل ما فيه هو إدخال بعض الوجوه الجديدة في الحكومة ونقل بعض الوجوه االقديمة من وزارة إلى أخرى، وهذا إن لم يؤخر لا يقدم.
إن هذا التشكيل الوزاري الجديد يكشف عن مدى جهل الوسط السياسي في السودان بحقيقة التغيير. حيث إن التغيير الحقيقي الذي يلبي الطموحات وينهض بالبلاد هو تغيير النظام الرأسمالي الجائر سواء أكان جمهورياً ديمقراطياً أم ديكتاتورياً ملكياً. لأنه هو الذي أفقر البلاد وأذل العباد، وفوق ذلك فهو نظام كفر يحرم الأخذ به أو الدعوة إليه.
إن المطلوب شرعاً من أهل السودان حكومة ومعارضة وشعباً إن هم أرادوا تغييراً حقيقياً يحقق لهم العدل ويرفع عنهم الظلم ويخرجهم من ذل التبعية إلى مراقي الرفعة والعز إن هم أرادوا ذلك، عليهم جميعاً العمل الجاد والمخلص لإقامة الخلافة الراشدة الثانية، وليس برفع شعار بما اسموها بالجمهورية الثانية، وليكن لنا فيما فعل عمر بن عبد العزيز أسوة حسنة، حينما آلت إليه الأمور وكانت الخلافة الراشدة قد تحولت إلى ملك عاض فما كان منه إلا أن سارع بإعادة رشدها إليها وذلك بإلغاء الأنظمة والقوانيين الفاسدة التي أدخلها بعض خلفاء بني أمية.
فقد كتب إلى عبد الله بن عوف القاري أن اركب إلى البيت الذي برفح الذي يقال له بيت المكس، فاهدمه ثم أحمله إلى البحر فانسفه فيه نسفاً. وكتب إلى عدي بن أرطأة أن ضع عن الناس الفدية وضع عن الناس المائدة وضع عن الناس المكس، وليس بالمكس ولكنه البخس الذي قال عنه الله عز وجل في كتابه ( وَلَا تَبْخَسُوا النَّاسَ أَشْيَاءَهُمْ وَلَا تَعْثَوْا فِي الْأَرْضِ مُفْسِدِين ).
فكان بتلك الإجراءات وغيرها قد أحدث تغييراً حقيقياً وأعاد إلى الخلافة رشدها وعم الخير والرخاء حتى طاف الناس بالأموال في الطرقات فلم يجدوا من يأخذها، قد أغنى عمر بن عبد العزيز الناس.
عوض خليل (أبو الفاتح) – الســـودان