أيّها الأهل في مصر هل يجب أن تُجرِّبوا لعقود أخرى من الزمن دولةً علمانيةً ديمقراطيةً بمجلسِ شعبٍ منتخب لا حول له ولا قوة، لتدركوا أن لا خلاص لكم إلا بالخلافة الإسلامية الراشدة؟!
أفرزت نتائج الانتخابات التشريعية لمجلس الشعب في مصر فوزا ساحقا للتيار الإسلامي ممثلا بحزب الحرية والعدالة “الإخوان المسلمون”، وحزب النور “السلفي”، وإن دلّ ذلك على شيء فإنما يدل على مدى توجه أهل الكنانة نحو الإسلام الذي يرون به خلاصهم من حكم الظلم الجبري، ظانّين أن مجلس الشعب ومن فازوا فيه سيعيد الحكم بما أنزل الله، وسيحقق لهم العيش الكريم، ويحرر المسجد الأقصى، ويوحد بلاد المسلمين، وينهي عقودا طويلة من الظلم… لأنه لهذا تم انتخابهم.
إلا أن الناس الذين أعطوا أصواتهم للتيار الإسلامي فوجئوا بتصريحات من الفائزين تطمئن يهود والغرب الذين لا يرقبون في مؤمن إلاّ ولا ذمّة، بأن نظام الحكم القادم بأغلبية إسلامية سيحترم اتفاقية كامب ديفيد مع يهود، وأنهم لن يطبقوا الشريعة، مع أن المليونيات التي خرج الناس فيها كانت تدعو لتطبيق الشريعة!!! وأن الله سبحانه وتعالى يقول { وَلَنْ تَرضَى عَنْكَ اليهودُ ولا النَصارى حَتّى تَتّبِعَ مِلّتَهُم } وقوله { وَأنِ احْكُمْ بَيْنَهُمْ بِمَا أَنْزَلَ اللهُ ولا تَتّبِعْ أهواءَهُمْ }.
أيها المسلمون،
إن ما يجري الآن على الساحة السياسية في مصر ما هو إلا التفاف على الثورة، وإن مسرحية الانتخابات ما هي إلا صراع وتنافس على مقاعد في برلمان لا سلطان له، بل يراد من ذلك إخضاع شرع الله للتصويت عليه إرضاء لأمريكا، وإن المجلس العسكري الذي بيده القوة الفعلية، والآمر لقوات الشرطة والجيش، لن يغض النظر إذا انحرف البرلمان عن خارطة الطريق التي رسمتها له أمريكا والتي هي امتداد للنظام البائد، وإن السكوت على هذه المسرحية ما هو إلا ترقيع وإطالة لعمر الفساد وتعطيل لشرع الله بحجة التدرج التي ما أنزل الله بها من سلطان.
أيّها المسلمون، أيَها الأهل في مصر،
إن تطبيق الشريعة لا يكون إلا إذا كانت السيادة للشرع والسلطان للأمة، فيجب تطبيق أحكام الإسلام كاملة جملة واحدة دون استفتاء عليها أو تدرج فيها، قال تعالى { اليومَ أكْمَلْتُ لَكُمْ دينَكُمْ وَأتْمَمْتُ عَلَيكُمْ نِعْمَتي وَرَضيتُ لكُمُ الإسلامَ دينا}، وكذلك فإن أبا بكر رضي الله عنه قاتل المرتدين ومانعي الزكاة فورا ولم يتدرج معهم، وهكذا لم يتدرج في تطبيق الشرع الخلفاء من بعده.
أما السلطان فيجب أن يكون بيد الأمة، وهي التي تنتخب خليفتها وتبايعه على تنفيذ أحكام الشرع وتحاسبه وتعزله إن وجب عزله، وقوة الجيش هي الحامية لذلك، فإن كان من بيده القوة ولاؤه لله فلا خوف عليه ولا منه، بل هو الحامي للبلاد والعباد، وهو الحامي لمن يحكم بما أنزل الله ويرعى شئون الناس في جميع مناحي الحياة بالحق والعدل، وهو الحامي للدستور والقوانين.
أما إن كان ولاؤه لأمريكا وأعداء الله، فهو ليس مؤتمنا على العباد والبلاد، ولن يرعى شئون الناس، ولن يوفر لهم الحماية والأمن، وسوف يستمر في ظلمهم وإفقارهم وإذلالهم، وسينقلب على من لا يسير في دربه.
والسلطان في مصر الآن ليس بيد الأمّة، ولذلك يجب إجبار الجيش الذي بيده القوة والمنعة على أن ينصاع لخيار الأمة طوعا، وذلك حتى ينصر الجيش الأمة ويضع السلطان بيدها لتختار خليفة عادلا يحمي العباد والبلاد، ويحقق العدل والأمن والعيش الكريم للمسلمين وغير المسلمين.
أيها الضباط والجنود في جيش مصر الباسل،
أترضون أن تسحل نساء مصر أمام أعينكم وأنتم تبصرون؟ أتقبلون أن تراق دماء إخوانكم وأخواتكم إرضاء لأمريكا وأنتم تشهدون؟ أليس فيكم نخوة المعتصم فتهبوا لنصرتهن ونصرة دين الله وأنتم قادرون؟ أما آن لكم أن تدركوا أن الانعتاق من أمريكا والغرب الكافر وإقامة خلافة نبيكم هو طريق عزّكم ونهضتكم؟ أليس فيكم رجل رشيد؟
أيها الأهل في مصر، يا أهل الجنود والضباط في جيش مصر الباسل،
لا تستسلموا لما يحاك ضدكم من الالتفاف على ثورتكم، حتى لا تُجرّبوا عقودا أخرى من الزمن تحت نفس الحكم الجبري الظالم، وتوجهوا لأبنائكم الجنود والضباط في جيش مصر لنصرة العاملين لإقامة الخلافة، واطلبوا منهم أن لا يسيروا في مخططات أمريكا ومن والاها، بل ينقلبوا عليها وعلى عملائها أينما وجدوا لإقامة الخلافة الإسلامية الراشدة، التي ستحل لكم كل مشاكلكم بتطبيق شرع ربكم.
إن حزب التحرير يدعوكم للعمل معه من أجل تحقيق هذا الهدف الذي فرضه الله عليكم، والذي فيه عزكم وخلاصكم الوحيد.
{ يا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُواْ اسْتَجِيبُواْ لِلَّهِ وَلِلرَّسُولِ إِذَا دَعَاكُم لِمَا يُحْيِيكُمْ وَاعْلَمُواْ أَنَّ اللَّهَ يَحُولُ بَيْنَ الْمَرْءِ وَقَلْبِهِ وَأَنَّهُ إِلَيْهِ تُحْشَرُونَ }