محكمة العدل الدولية ح1
أمثلة من قرارات محكمة العدل الدولية تبين مدى الخبث الذي تمارسه هذه المحكمة بدعوى تحقيق العدالة:
المثال الأول عن قرار محكمة العدل الدولية بخصوص منطقة أبيي السودانية المتنازع عليها بين قبيلة المسيرية المسنودة من قبل حزب المؤتمر الوطني الحاكم في السودان وقبيلة الدنكا نقوك المسنودة من الحركة الشعبية لتحرير السودان الشريك الثاني للمؤتمر الوطني الحاكم فكان قرار المحكمة هو إقرار لجنة من الخبراء لترسيم الحدود بين قبيلة المسيرية وقبيلة الدنكا وبالفعل قضت محكمة التحكيم الدولية في لاهاي بتقليص حدود منطقة أبيي السودانية الغنية بالنفط والمتنازع عليها بين الحكومة وحركة التمرد الجنوبية السابقة، وقررت خصوصا اعادة ترسيم الحدود الشمالية والشرقية للمنطقة.
إذ أن أساس المشكلة هي نزاع بين القبيلتين بخصوص مناطق الرعي والماء ونزاع بين الحزب الحاكم والحركة الشعبية على المناطق الغنية بالنفط وكان قرار المحكمة بالحكم لقبائل الدنكا بالمناطق الرعوية وحرمان قبيلة المسيرية منها مقابل الحكم للحزب الحاكم بالمناطق الغنية بالنفط فكان هذا الحكم عبارة عن فتيل أزمة جديدة وخصوصا أن الدول الكبرى تعد العدة لفصل جنوب السودان وقد فصل فعلا ولأن الحكم هو قائم على أساس الفصل وليس على أساس الوحدة .
أما المثال الثاني فهو قرار المحكمة الاستشاري الذي طلبته الأمم المتحدة بشأن مدى توافق إعلان استقلال كوسوفو من طرف واحد مع القانون الدولي وكان قرار المحكمة هو عدم وجود أي تعارض مع القانون الدولي مع مسألة الاستقلال من طرف واحد وذلك بالاستناد إلى حق تقرير المصير وعلى الفور قامت معظم الدول الغربية بالاعتراف باستقلال الإقليم وعلى رأسها الولايات المتحدة الأمريكية وكانت ضربة لروسيا الداعمة للصرب، فردت روسيا بعمليات ضد جورجيا المدعومة أميركا وإعلانها استقلال أبخازيا وأوسيتيا الجنوبية , ولعل قرار المحكمة الاستشاري هذا يستخدم كذريعة لجعل فصل السودان مقبولا لأن القبول باستقلال كوسوفو ذات الغالبية المسلمة رغم رفض الصرب وأسيادهم لهو أكبر دليل على الزعم القائل بنزاهة المحكمة وعدم أخدها بعين الأعتبار المسائل الدينية.
ومن الأمثلة الأخرى على قرارات محكمة العدل الدولية هو ما حصل بين قطر والبحرين من خلاف حدودي على مجموعة من الجزر في المياه الإقليمية للدولتين إذ ادّعت كلا الدولتين السيادة على مناطق الخلاف وقدمت خلالها الدولتين وثائق وخرائط ومراسلات كانت أيام الإستعمار البريطاني للمنطقة تثبت أحقية أحدهما على الآخر وتكريساً للحدود المصطنعة قامت محكمة العدل الدولية بالبحث في مشكلة الجزر المتنازع عليها بين قطر والبحرين وأصدرت حكماً بتبعيتها للبحرين بعد عدة سنوات من البحث والمداولات واستعانت محكمة العدل الدولية في حكمها على ملكية الجزر بتصرفات الاستعمار البريطاني أثناء احتلاله لهذه المنطقة من الخليج، واعتبرت المحكمة قيام بريطانيا بضم هذه الجزر للبحرين في ذلك الوقت لأسباب تتعلق باستخراج النفط دليلاً على أنها بحرينية، وهذا من أسخف أنواع الأحكام وأكثرها سذاجة واستخفافا وسوءا للمسلمين ويأتي سوء هذا الحكم من عدة زوايا: إحداها أن المرء يحتكم إلى عدوه (محكمة العدل الدولية). وثانيها أنه يسترشد بفعل الدولة التي استعمرته كدليل على ثبات حقه في الملكية. وثالثها أنه يكرس التمزيق والشرذمة بين الأمة الواحدة، ويكرس الكيانات الهزيلة المتناحرة على أمتار من الأرض بدل أن تتوحد الأمة على قيادة واحدة في دولة واحدة تحكم بما أنزل الله تعالى .
ومثال آخر ولربما كان أكثرها شهرة وهو قرار محكمة العدل الدولية فيما يسمى بجدار الفصل بين أراضي فلسطين إذ قضت محكمة العدل الدولية في لاهاي بعد سبعة شهور من المداولات القانونية بأن الجدار الفاصل الذي تقيمه إسرائيل على مساحة كبيرة من الأراضي الفلسطينية ينتهك القانون الدولي ودعت إلى إزالته وتعويض أهل فلسطين المتضررين من بنائه وجاء في نص الرأي الاستشاري “أن بناء الجدار شكل عملاً لا يتطابق مع التزامات قانونية دولية عديدة مفروضة على إسرائيل ” وعددت المحكمة بين انتهاكات القانون الناتجة عن بناء الجدار واعاقة حرية نقل الفلسطينيين وحركتهم واعاقة حقهم في العمل والصحة والتعليم ومستوى حياة كريمة. ورأت المحكمة في المقابل أن حق إسرائيل المشروع في الدفاع عن النفس لا يبرر هذه الانتهاكات للقانون الدولي وجاء في الرأي الاستشاري” أن الانتهاكات الناتجة لا يمكن ان تبررها المتطلبات العسكرية وضرورات الأمن الوطني أو النظام العام” ودعا القرار إسرائيل إلى تفكيك أجزاء الجدار الذي تم بناؤه في الأراضي المحتلة في الضفة الغربية ووجهت المحكمة نداء إلى الجمعية العامة للأمم المتحدة ومجلس الأمن الدولي من أجل وضع حد للوضع غير القانوني الناتج عن بناء الجدار الإسرائيلي، وفي النهاية اعتبرت محكمة العدل الدولية بناء الجدار العازل عمل غير مشروع ومخالف للقانون الدولي ويجب على إسرائيل الوقف في بنائه وتعويض أهل فلسطين عن الأضرار التي لحقت بهم من بناء هذا الجدار الإسرائيلي وكان هذا القرار مجرد حبر على ورق أو بالأحرى لم يساوي القرار بشأن الجدار الورق الذي كتب عليه.
ومن القرارات التي يستغرب منها المرء هي قرارات جعل الحق باطلا والباطل حقا وأقصد بذلك قرار محكمة العدل الدولية الخاص بالتحقيق بالمجازر التي حصلت بالبوسنة والهرسك إذ برأت المحكمة صربيا من المذابح والمجازر التي وقعت في البوسنة خلال الحرب ما بين عامي 1992 و 1995 وكان من أشهرها مذبحة سربينتشا كانت على مسمع ومرأى قوات حلف شمال الأطلسي ولم تقم بايقافها.
هذا غيض من فيض حتى نرى مدى فظاعة الأحكام التى تصدرها هذه المحكمة وغيرها من مؤسسات التي نتجت عن المبدأ الرأسمالي وانه لحري بنا ونحن نعمل لتغييرالواقع الفاسد والأفكار الباطلة ومنها الاحتكام إلى مثل هذه المنظمات أن نبين النـظرة الشرعية المتعلقة بعمل هذه المنظمات.
بقي أيها الإخوة الكرام أن نتحدث حول الاساس الذي تقوم عليه المحكمة الدولية وهو ما سيكون موضوع حلقتنا القادمة ان شاء الله .
والسلام عليكم ورحمة الله وبركاته
محمد ذيب