هل أذنَ الله سبحانه وتعالى بالتغيير وعجلَّ بنهاية المُلك الجبريْ؟ الجزء الثاني
8. لقد قسم رسول الله صلى الله عليه وسلم تاريخ هذه الأمة إلى المراحل التالية:
أ- مرحلة حكم النبوة : وكان في حياته صلى الله عليه وسلم.
ب- مرحلة الخلافة على منهاج النبوة – وهي حكم الخلفاء الراشدين، وكانت في استخلاف أبي بكر الصديق وحتى مقتل علي بن أبي طالب رضي الله عنهم جميعاً، ومن العلماء من أدخل فترة إمارة الحسن بن علي رضي الله عنه سبط الرسول صلى الله عليه وسلم فيها، فهذه ثلاثون سنة، كما أخبر الرسول صلى الله عليه وسلم بقوله ( الخلافة بعدي ثلاثون سنة). رواه أحمد وأبو داود والترمذي فتأملوا أيها الأخوة الكرام.
|
يوم |
شهر |
سنة |
|
فخلافة أبي بكر |
9 |
3 |
2 |
من 13 ربيع أول 11 هـ- 22 جمادى الآخر 13 هـ |
وخلافة عمر |
3 |
6 |
10 |
من 13 جمادى الآخر 13 هـ- 26 ذي الحجة 23 هـ |
وخلافة عثمان |
إلا 12 يوما |
12 |
من 1 محرم 24هـ إلى 18 ذي الحجة 35 هـ |
|
وخلافة علي |
– |
9 |
4 |
من 19 ذو الحجة 35هـ- 19 رمضان 40 هـ |
فمجموع خلافة الخلفاء الأربعة تسع وعشرون سنة وستة أشهر وأربعة أيام، بويع الحسن بن علي رضي الله عنهما يوم مات أبوه وفي ربيع الأول سنة 41هـ سلم الأمر إلى معاوية بن أبي سفيان رضي الله عنه وبذلك ظهرت آية النبي صلى الله عليه وسلم في قوله ( الخلافة بعدي ثلاثون سنة) وقوله في الحسن رضي الله عنه (إن ابني هذا سيد ولعلَ الله أن يصلح به بين فئتين عظيمتين من المسلمين). رواه البخاري 247.
ج- مرحلة الملك العاض أو العضوض: وهو الحكم الذي فيه ظلم، وإن تفاوتت نسبة الظلم من حكم لآخر، وهي مرحلة ما بعد إمارة الحسن بن علي رضي الله تعالى عنه ويدخل فيه حكم بني أمية وبني العباس والمماليك والعثمانيين- الأتراك- وغيرهم ، وحتى سقوط السلطنة العثمانية في الربع الأول من القرن العشرين الميلادي، هذا الحكم يشمل كل الدول التي تعاقبت على العالم الإسلامي بكافة مراحل تاريخه خلال الفترة، ويستثنى من ذلك حكم من كانت خلافته مشابهة للخلفاء الراشدين كخلافة عبد الله بن الزبير وعمر بن عبد العزيز رضي الله عنهما، فهما قد عُدّا من الخلفاء الذين هم من قريش، والذين يلونَ هذه الأمة.
د- مرحلة الملك الجبري: والتي بدأت منذ سقوط الدولة العثمانية إلى عصرنا الحاضر، فنسأل الله تعالى أن ينهيها قريباً بمنهِ وفضله، والحكم الجبري هذا يحوي كل أنظمة الحكم التي قامت في العالم الإسلامي سواء أكانت حكماً ملكياً أو وراثياً أو حزبياً أو حكم الكفار للمسلمين كما حصل عقيب الحرب العالمية الأولى أو جمهوريا أو ديمقراطياً أو غيرها من أنواع الحكم التي تنازع الله عز وجل أحقية الحاكمية والتشريع.
(1)عن عبيد الله بن مسعود رضي الله عنه قال : قال رسول الله (ص) ( ما من نبي بعثه الله في أمة قبلي إلا كان من أمته حواريون وأصحاب يأخذون بسنته ويتقيدون بأمره، ثم خلف من بعدهم خلوف يقولون ما لا يفعلون ويفعلون ما لا يأمرون، فمن جاهدهم بيده فهو مؤمن ومن جاهدهم بلسانه فهو مؤمن ومن جاهدهم بقلبه فهو مؤمن، وليس وراء ذلك من الإيمان حبة خردل). رواه مسلم.
(2) وجاء في حديث تغيير المنكر قوله صلى الله عليه وسلم : ( من رأى منكم منكراً فليغيره بيده فإن لم يستطع فبلسانه، فإن لم يستطع فبقلبه وذلك أضعف الإيمان، وليس وراء ذلك من الإيمان حبة خردل). رواه مسلم.
هذا الحديث في وصف ينطبق على الناس والحكام في هذا الزمان إلا من هداه الله ممن يأخذ بالسنة ويتقيد بالأمر كما هو وصف حواريي وأصحاب الأنبياء، والموقف الذي يجب اتخاذه معهم هو مجاهدتهم باليد واللسان والقلب.
(3) فصبراً آل ياسر، قال تعالى (أم حسبتم أن تدخلوا الجنة ولما يأتكم مثل اللذين خلوا من قبلكم مستهم البأساء والضراء وزلزلوا حتى يقول الرسول والذين آمنوا معه متى نصر الله ألا إن نصر الله قريب ). البقرة :214.
هـ – مرحلة الخلافة على منهاج النبوة:
وهي مرحلةٌ لا بد لها من عمل وتحضير وتضحية في سبيل الله تعالى ونشر العلم واتباع للكتاب والسنة ومنهج السلف الصالح لأنه لا يصلح أخر هذه الأمة إلا بما صلح به أولها، وسيكون الدين في بدايتها غريباً، غربتـَهُ يوم بدأ في مكة بين أسيادها وعبيدها، بين قويها وضعيفها وبين نسائها وصغارها ومصدر هذه المرحلة هم غرباء هذا الدين في هذا الزمان، الذين يحملونه عن وعي وإدراك وفهم وتطبيق، ويتحملون في سبيله أشد المصائب، ثابتين على وصية رسول الله صلى الله عليه وسلم حيث قال (بدأ الإسلام غريباً، وسيعود غريباً كما بدأ، فطوبى للغرباء) رواه مسلم، وفسر الغرباء بقوله فطوبى للغرباء أناس صالحون في أناس سوء كثيرٍ، من يعصيهم أكثر ممن يطيعهم، رواه الإمام أحمد عن عبد الله بن عمرو وهو حديث صحيح.
– ولقد أجمع المسلمون على فرضية إقامة الخلافة الإسلامية قال تعالى ( يا داوود إنا جعلناك خليفة في الأرض فاحكم بين الناس بالحق ولا تتبع الهوى فيضلك عن سبيل الله إن الذين يَضِلّون عن سبيل الله لهم عذاب شديد بما نسوا يوم الحساب، وما خلقنا السماء والأرضَ وما بينهما باطلا ذلك ظن الذين كفروا فويل للذين كفروا من النار، أم نجعل الذين آمنوا وعملوا الصالحات كالمفسدين في الأرض أم نجعل المتقين كالفجار، كتاب أنزلناه إليك مبارك ليدبروا آياته وليتذكر أولو الألباب) سورة ص 26-29. وقال تعالى (تلك الدار الآخرة نجعلها للذين لا يريدون علواً في الأرض ولا فساداً والعاقبة للمتقين). الآية 83 من سورة القصص.
وإعلان الخلافة يعتمد على وجود النواة، وهي الدولة الإسلامية قال رسول الله صلى الله عليه وسلم ( من خلع يداً من طاعة لقي الله يوم القيامة ولا حجة له ومن مات وليس في عنقه بيعة مات ميتة جاهلية). رواه مسلم.
فعلى كل مسلم السعي لإعادة الخلافة بجد لكيلا يقع تحت طائلة الحديث، والمقصود بالبيعة بيعة الخلافة.
وبشر الله طائفة من المؤمنين بقوله ( وعد الله الذين آمنوا منكم وعملوا الصالحات ليستخلفنهم في الأرض كما استخلف الذين من قبلهم وليمكنن لهم دينهم الذي ارتضى لهم وليبدلنهم من بعد خوفهم أمناً يعبدونني لا يشركون بي شيئاً ). النور 55.
وعن عبادة بن الصامت رضي الله عنه قال ( بايعنا رسول الله صلى الله عليه وسلم على السمع والطاعة في العسر واليسر والمنشط والمكره، وعلى أثرة علينا، وعلى ألا ننازع الأمر أهله، وعلى أن نقول بالحق أينما كنا ولا نخاف في الله لومة لائم). وفي رواية ( وعلى أن لا ننازع الأمر أهله إلا أن تروا كفرا بواحاً عندكم من الله فيه برهان).
وقال أسعد بن زرارة عند بيعتهم للنبي صلى الله عليه وسلم (رويداً يا أهل يثرب إن إخراجه اليوم مفارقة للعرب كافة، وقتل خياركم، وأن تعضكم السيوف فإما أنتم تصبرون على ذلك فخذوه وأجركم على الله وإما أنتم تخافون من أنفسكم خيفة فذروه فبينوا ذلك فهو أعذر لكم عند الله). رواه أحمد والبيهقي وهو صحيح.
وقال صلى الله عليه وسلم (ومن بايع إماماً فأعطاه صفقة يده، وثمرة قلبه فليطعه إن استطاع فإن جاء آخر ينازعه فأضربوا عنق الآخر). رواه مسلم.
إن الزمان قد دار دورته فالزمان الآن يشبه إلى حد كبير الزمن الذي سبق مجيء الرسول صلى الله عليه وسلم، حيث قبل مجيء الرسول صلى الله عليه وسلم تقاتلت فارس والروم وتقاتلت العرب في أشد الحروب التي عرفها العرب في الجاهلية فكانت ثلاثة حروب وهي:
1- داحس والغبراء بين عبس وذبيان.
2- البسوس بين بكر وتغلب.
3- يوم بعاث بين الأوس والخزرج.
فمن الله على نبيه صلى الله عليه وسلم بأن الحرب حصدت رؤوسها:
وأما الآن فمن الله على هذه الأمة بأن تقاتلت الرأسمالية ممثلة بالولايات المتحدة الأمريكية وأوروبا ومن والاهم مع النظام الاشتراكي ممثلاً بالاتحاد السوفيتي الذي ذهب إلى غير رجعة بعد زواله من خريطة العالم السياسية في نهاية عام 1991 ميلادية، كما انهارت الرأسمالية اقتصاديا وبدأت الحروب في العالم العربي تحصدُ رؤوسها فما على الحزب الذي اتخذ منهج رسول الله صلى الله عليه وسلم طريقاً إلا أن يوجه الثورات الشبابية لطريق التغيير الحقيقية على أن تقوم في البداية على ثلاث ركائز وهي:
1- أن يكون الإسلام عقيدة تنبثق عنها الشريعة هو الذي يقود المسلمين بإقامة الدولة الإسلامية.
2- توحيد بلاد المسلمين بالعمل على إزالة الحدود التي أوجدها المستعمر.
3- اقتلاع كل نفوذ أجنبي من بلاد المسلمين.
ربنا عليك توكلنا وإليك أنبنا وإليك المصير.
والسلام عليكم ورحمة الله وبركاته
أخوكم هاني البطاينة
أبو أيمـن