واشنطن تشبّه نظام الأسد بالمافيا وتدعمه بالخفاء
الخبر:
شبّهت واشنطن نظام الرئيس السوري بشار الأسد بـ”عائلة من المافيا”، داعية كل الذين يواصلون دعمه إلى التفكير ملياً للعدول عن قتلهم الأبرياء.
جاء هذا على لسان المتحدثة باسم الخارجية الأمريكية فيكتوريا نولاند، التي قالت إنه في ظل نظام الأسد، فإن السلطة السياسية في سوريا لا تعود إلى البرلمان ولا إلى مجلس وزاري، بل تتركز بين أيدي ما يشبه عائلة من المافيا، حسب قولها.
التعليق:
بعد انقضاء عام على الثورة المباركة في سوريا الحبيبة، أرض الشام المباركة، عقر دار المؤمنين بإذن الله، وبعد التضحيات الجسيمة التي قدمها أبناء الإسلام في الشام، حيث ارتفع عدد الشهداء إلى قرابة عشرة آلاف شهيد، ومئات الألوف من الجرحى والمعتقلين، ومثلهم من المشردين من ديارهم وبلداتهم خوفا من بطش النظام المجرم وجلاوزته وشبيحته الأنذال، بل بعد أربعين عاماً من حكم النظام الأسدي الخائن، الذي مارس أعتى أنواع البطش والدكتاتورية والغطرسة والمجازر الدموية في المنطقة، تخرج علينا فكتوريا نولاند لتبشرنا بحقيقة النظام الحاكم في سوريا، وأنه شبيه في طريقة حكمه بعائلات المافيات الشهيرة في أمريكا، حيث تنتشر فيها قوانين الاستبداد والجريمة المنظمة والمتاجرة بأرواح البشر والفساد.
تُرى، إن اعتبرنا أن عائلة الأسد ونظامه هم كالمافيا، وأن الأسد يمكن أن نطلق عليه “الدون” بشار وأخيه “الدون” ماهر، ونسيبه “الدون آصف” و”الدون” رامي وهكذا، فمَنْ في هذا الحال يستحق أن يكون الأب الروحي لهذا النظام الحاكم وأباً لجميع “الدونات”!! وهل يمكن لأحد أن ينافس أمريكا على التربع على هذا العرش، عرش الأب الروحي للمافيا الأسدية!!!
فمنذ المقبور حافظ أسد الذي جاءت به أمريكا ليحكم سوريا بالحديد والنار قبل أربعة عقود، حيث شكل فيها نظاما تابعا لهيمنتها السياسية البغيضة، ليقوم بالذود عن مصالحها تحت غطاء المقاومة والممانعة ويحفظ لكيان يهود حدوده، بالإضافة لما نهبه من أراضي الجولان المحتل، وإلى يومنا هذا، فإن أمريكا هي من يدعم هذا النظام ويطيل في عمره بطرق مباشرة وغير مباشره، كالتي يقوم بها من خلال العملاء المحليين والإقليميين ومؤسساتهم الإقليمية والدولية.
فعلى المستوى الدولي ومنذ بدء الثورة المباركة، تقوم أمريكا ضمن ممارستها للصراع الدولي على مصالحها الاستعمارية في المنطقة، تقوم بعرقلة أي مجهود أوروبي يسعى لاستصدار قرار دولي يدين النظام السوري ويزعزع أركان حكمه، حيث إنها تختبئ خلف الفيتو الروسي-الصيني المتناغم بسلاسة مع الموقف الأمريكي الحقيقي من النظام، وتظهر نفسها عاجزة أمام اتخاذ أي قرار دولي، بالرغم من أن مجلس الأمن أثبت خلال عقود خلت أنه ليس سوى دائرة من دوائر السياسة الخارجية الأمريكية تستخدمه كأداة لتمرير ما تريده أمريكا وعرقلة ما يتناقض مع مصالحها. وإن ظهر من المجلس غير ذلك، تجاوزته أمريكا وضربت به عرض الحائط.
كذلك، فأمريكا تصدر التصريحات تلو التصريحات، المترددة أحيانا والناعقة أحيانا أخرى، كوجود القاعدة في سوريا أو صعوبة التسليح أو غيره، وتقوم أيضا بدعم إرسال المندوبين الدوليين واللجان الإنسانية، وكل ذلك من أجل منح النظام المُهل تلو المهل ليوغل في قتل شعبه إلى أن يتوفر البديل الأمريكي لرأس النظام.
وعلى المستوى الإقليمي، فأمريكا تُلزم الحراك في المنطقة أن يتقوقع ضمن الأطر المقبولة أمريكيّاً كالجامعة العربية، لتضمن إجهاض أي مشروع أوروبي أيضا قد يزعزع أركان المافيا الأسدية، ويطرح بديلا يخضع لتأثير الدول الاستعمارية الأخرى، كبريطانيا وفرنسا عبر عملائهم الإقليميين، لذلك فهي ترغم الجميع أن يتحرك إما ضمن الجامعة العربية أو ضمن مجلس الأمن، وفي حال شذّ البعض لتشكيل مجموعة أصدقاء أو اتصال أو غيره، فإنها تجعل لنفسها مقعدا في مقدمة كل عمل من هذا النوع من أجل محاصرته وإجهاضه وحصره ضمن الإطار المقبول أمريكيّاً.
أما على مستوى عملائها الإقليميين، فأمريكا تسمح لإيران بدعم المافيا الأسدية ماليا وعسكريا، وتدعم النفوذ التركي لاحتواء المعارضة، وكذلك يقوم المجلس العسكري في مصر ذو التبعية الأمريكية بالدعم اللوجستي من خلال فتح الممرات المائية كقناة السويس للسفن العسكرية الإيرانية للعبور والوصول إلى سوريا. أي أنها تسخر عملاءها لإطالة عمر نظام المافيا الأسدية.
وأما محليا، فإن أمريكا تقوم بمحاولات لخلق معارضة تقبل بقوانين اللعبة الغربية، تطالب بالدولة المدنية على الطراز الغربي العلماني، لتحرف أهل الشام عن شعاراتهم الإسلامية البطولية، كالمجلس الوطني وما شابهه، وتوفر لهم الدعم السياسي للاعتراف بهم ممثلين شرعيين للثورة والشعب، لتضمن بقاء الأوراق في أيديها في حال أن توفر الظرف المناسب والأجواء المناسبة ونضوج المعارضة، وهي تدعم هذه المعارضات إما من خلال تركيا أو من خلال إيران، أو حتى من نظام المافيا الأسدي نفسه، ويبرز على هذه المعارضة القبول بإعطاء الفرص لنظام الأسد للخروج بسلام من مأزقه، لقاء وصولهم لكراسي الحكم، ليبدأوا بسلسلة جديدة من حكم المافيا، ولكن تحت اسم العلمانية والمدنية والديمقراطية الكاذبة.
والحقيقة أن ما ذكرناه هنا لا يتعدى كونه غيضاً من فيض في مدى الدعم الذي توفره أمريكا لهذا النظام المجرم الخائن، وقد باتت هذه الحقائق منتشرةً ومعروفة لدى الكثيرين من أبناء الأمة الإسلامية، وقد تكشّف قناع المقاومة والممانعة وكل من يختبئ وراءه.
لكل ذلك، فإن أمريكا تكون قد استحقت وبجدارة لقب الأب الروحي لنظام المافيا الأسدية، والذي بسقوطه المدوّي قريبا وعلى أيدي المخلصين من أبناء الأمة الإسلامية سيكون بداية سقوط الهيمنة الأمريكية في المنطقة وبداية كنسها واقتلاع نفوذها وطردها إلى ما وراء المحيطات إلى غير رجعة.
وبالطبع فإنه يجب التنويه في هذا المقام أن المشاريع الأوروبية المتعلقة بالثورة السورية، سواء التدويل أو التدخل العسكري الغربي أو التسليح ذو الأثمان السياسية، ليس بأقل خبثاً وخطرا على مستقبل الثورة المباركة، وإن الحل لا يكون صحيحا إلا إن التزم الطريقة المحمدية في تغيير نظام الحكم والتحام المخلصين من أبناء الجيش السوري مع إخوانهم من المخلصين من حملة لواء الخلافة، ليتم تتويج الثورة بخلافة على منهاج النبوة.
كتبه : أبو باسل