بيان صحفي يجب أن يكون الدستور إسلاميا منبثقا من العقيدة الإسلامية فقط، ولا عبرة للأكثرية أو الأقلية
بعد أن صوت مجلسا الشعب والشورى على أن يتم تشكيل اللجنة التأسيسية التي ستتولى صياغة الدستور بواقع 50% من داخل البرلمان و50% من خارجه، قام المجلسان أيضا باختيار لجنة المائة والتي تضم 62 عضوا ممثلين لحزب الحرية والعدالة، و11عضوا يمثلون حزب النور بمجموع نسبي 73%، والباقون ممثلون عن أحزاب أخرى أو مستقلون. إلا أن هذه النسب لم تُعجِب التيار العلماني الذي يخشى من أن يستأثر التيار الإسلامي بوضع دستور ذي صبغة إسلامية، فخرج أكثر من 20 حركة وحزبا سياسياً في مسيرة إلى البرلمان يوم 27/3 تحت شعار من أجل “إنقاذ الدستور” برفض تشكيل “اللجنة التأسيسية” التي أقرها البرلمان، معتبرين أنها ستأتي بدستور يصبغ مصر بلون طائفة سياسية، وطالبت المسيرة بوضع آليات جديدة لاختيار اللجنة تحمل ضمانات لتمثيل كافة طوائف المجتمع الوطنية. ثم توالت الانسحابات من اللجنة التأسيسية، ومن ثم حاول المجلس العسكري إيجاد حل وسط بتنازل بعض أعضاء حزب الحرية والعدالة عن عددٍ من مقاعدهم (10) ليتم انتخاب أعضاء آخرين من توجهات أخرى بما يرضي الجميع. وكان المجلس العسكري قد أصدر بيانا يوم الخميس 30/3، وكان مما جاء فيه “إن معركة الدستور محسومة تماما ومسبقا لصالح الشعب المصري بجميع طوائفه وأطيافه. ولن يكون هناك دستور خاص لفصيل خاص…”.
إننا في حزب التحرير ولاية مصر نرى أن كل ذلك هو التفاف على الثورة وخداع لأهل مصر، ونقول:
1- إن أساس حياة الأمة، وأساس العلاقات بين الناس، وأساس دفع التظالم وفصل الخصومات، وأساس السلطان والحكم يجب أن يكون العقيدة الإسلامية، فمصر هي بلد إسلامي وستبقى بلدا إسلاميا، ولا يجوز إلا أن تُحكَم بالإسلام.
2- إن الدستور هو القانون الأساس للدولة؛ فهو قانون، والقانون هو أمر السلطان، وقد أمر اللهُ السلطانَ أن يحكم بما أنزل اللهُ على رسولِه صلى الله عليه وسلم، وجعل من يحكم بغير ما أنزل الله كافرا إن اعتقد به واعتقد بعدم صلاحية ما أنزل على رسوله، وجعله عاصيا إن حكم به ولم يعتقده، قال تعالى (فلا وربك لا يؤمنون حتى يحكموك فيما شجر بينهم)، ولقد حصرالإسلام الحكم بما أنزل الله، وحذر من الحكم بغيره، قال تعالى (ومن لم يحكم بما أنزل الله فأولئك هم الكافرون).
3- لا محلّ للبشر في وضع أحكام لتنظيم علاقات الناس، فهم مقيدون بالأحكام الشريعية. قال تعالى (وما أتاكم الرسول فخذوه وما نهاكم عنه فانتهوا)، ولهذا فإن الدستور يجب أن يؤخذ من كتاب الله وسنة رسوله وما أرشدا إليه من إجماع الصحابة والقياس الشرعي، ولا عبرة لرأي الأكثرية أو الأقلية.
4- نحن من هذا الباب نرفض ما قاله الدكتور سعد الكتاتني رئيس مجلس الشعب في كلمته عقب انتخابه رئيسا للجمعية التأسيسية لوضع الدستور، “أن الجمعية ستفتح أبوابها لكل الآراء من الشعب، ثم بعد أن ننتهي من وضع الدستور ندفع به بين أيدى الشعب للاستفتاء عليه لإعطائه القوة لكي يكون الشعب مصدرا للسلطات”. إذ السيادة في الإسلام هي للشرع وليست للأمة ولا للشعب، ولا يمكن ولا بحال من الأحوال إخضاع الأحكام الشرعية للتصويت والاستفتاء عليها، إنما تؤخذ الأحكام الشرعية بقوة الدليل وتوضع موضع التطبيق فورا بغض النظر عن قبول الناس لها أو رفضهم.
إن التشريع في الإسلام هو لله وحده ولا يحق لأحد أن يحلل ويحرم من دون الله، وجعل التشريع للبشر، أو لِلَجنة تأسيسية، منتخبةٍ أو معيَّنة هو جريمة كبرى في الإسلام. أخرج الترمذي من طريق عدي بن حاتم قال: “أتيت النبي صلى الله عليه وسلم وفي عنقي صليب من ذهب، فقال يا عدي اطرح عنك هذا الوثن. وسمعته يقرأ في سورة براءة (اتخذوا أحبارهم ورهبانهم أربابا من دون الله). قال أما إنهم لم يكونوا يعبدوهم، ولكنهم كانوا إذا أحلوا لهم شيئا استحلوه، وإذا حرموا عليهم شيئا حرموه”.
(إِنَّ الدِّينَ عِنْدَ اللَّهِ الإِسْلامُ )