Take a fresh look at your lifestyle.

تأملات في كتاب من مقومات النفسية الإسلامية ح37

الحمد لله رب العالمين، والصلاة والسلام على إمام المتقين، وسيد المرسلين، المبعوث رحمة للعالمين، سيدنا محمد وعلى آله وصحبه أجمعين، واجعلنا معهم، واحشرنا في زمرتهم برحمتك يا أرحم الراحمين.

 

أيها المسلمون:

 

السلام عليكم ورحمة الله وبركاته، وبعد: في هذه الحلقة نواصل تأملاتنا في كتاب: “من مقومات النفسية الإسلامية”. ومن أجل بناء الشخصية الإسلامية، مع العناية بالعقلية الإسلامية والنفسية الإسلامية، نقول وبالله التوفيق: في هذه الحلقة نواصل حديثنا عن الأساليب التي استعملها كفار مكة لمقاومة الدعوة، كنا قد تحدثنا عن ستة منها، ونواصل فنقول:

 

سابعا: طرح الأذى من فروث وغيرها: عن عبد الله بن مسعود، رضي الله عنه قال: “بينا النبي صلى الله عليه وسلم ساجد وحوله ناس من قريش جاء عقبة بن أبي معيط بسلى جزور فقذفه على ظهر النبي صلى الله عليه وسلم فلم يرفع رأسه فجاءت فاطمة – عليها السلام – فأخذته من ظهره ودعت على من صنع فقال النبي صلى الله عليه وسلم: “اللهم عليك الملأ من قريش أبا جهل بن هشام وعتبة بن ربيعة وشيبة بن ربيعة وأمية بن خلف، أو أبي بن خلف شعبة الشاك – فرأيتهم قتلوا يوم بدر فألقوا في بئر غير أمية، أو أبي تقطعت أوصاله فلم يلق في البئر. وروى ابن سعد في الطبقات عن عائشة رضي الله عنها قالت: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: “كنت بين شر جارين، بين أبي لهب وعقبة بن أبي معيط، إن كانا ليأتيان بالفروث، فيطرحانها على بابي، حتى إنهم ليأتون ببعض ما يطرحون من الأذى، فيطرحونه على بابي” فيخرج به الرسول صلى الله عليه وسلم فيقول: “يا بني عبد مناف أي جوار هذا؟!” ثم يلقيه بالطريق.

 

ثامنا: محاولة وطء الرقبة وتعفير الوجه بالتراب: روى مسلم عن أبى هريرة قال: قال أبو جهل: هل يعفر محمد وجهه بين أظهركم؟ قال: فقيل: نعم. فقال: واللات والعزى لئن رأيته يفعل ذلك لأطأن على رقبته أو لأعفرن وجهه في التراب! قال: فأتى رسول الله صلى الله عليه وسلم وهو يصلي زعم ليطأ على رقبته! قال: فما فجئهم منه إلا وهو ينكص على عقبيه ويتقي بيديه قال: فقيل له: ما لك؟ فقال: إن بيني وبينه لخندقا من نار وهولا وأجنحة. فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم: “لو دنا مني لاختطفته الملائكة عضوا عضوا”.

 

تاسعا: مطلق تعذيب دون ذكر الأسلوب: روى الذهبي في التاريخ، والبيهقي في الشعب، وابن هشام في السيرة، وأحمد في فضائل الصحابة، عن عروة بن الزبير عن أبيه قال: “كان ورقة بن نوفل يمر ببلال وهو يعذب بذلك وهو يقول: أحد أحد فيقول: أحد أحد والله يا بلال ثم يقبل ورقة بن نوفل على أمية بن خلف وهو يصنع ذلك ببلال فيقول: احلف بالله لئن قتلتموه على هذا لأتخذنه حنانا حتى مر به أبو بكر الصديق ابن أبي قحافة يوما وهم يصنعون به ذلك، وكانت دار أبي بكر في بني جمح، فقال لأمية: ألا تتقي الله في هذا المسكين؟ حتى متى؟ قال: أنت أفسدته فأنقذه مما ترى فقال أبو بكر: أفعل. عندي غلام أسود أجلد منه وأقوى على دينك أعطيكه به قال: قد قبلت. قال: هو لك. فأعطاه أبو بكر غلامه ذاك فأخذ بلالا فأعتقه، ثم أعتق معه على الإسلام قبل أن يهاجر من مكة ست رقاب، بلال سابعهم. منهم عامر بن فهيرة الذي شهد بدرا وأحدا، وقتل يوم بئر معونة شهيدا، ومنهم أم عبيس، عتيقة الصديق كانت من المعذبين في الله، ومنهم زنيرة، فأصيبت ببصرها حين أعتقها، فقالت قريش: ما أذهب بصرها إلا اللات والعزى، فقالت: كذبوا وبيت الله، ما تضر اللات والعزى وما تنفعان، فرد الله إليها بصرها”.

 

وأخرج الحاكم في المستدرك وقال: صحيح على شرط مسلم ووافقه الذهبي في التلخيص عن جابر أن النبي صلى الله عليه وسلم مر بعمار وأهله، وهم يعذبون، فقال: “أبشروا آل عمار وآل ياسر فإن موعدكم الجنة”. وروى أحمد بإسناد رجاله ثقات عن عثمان رضي الله عنه قال: ألا أحدثكما عنه، يعني عمارا: أقبلت مع رسول الله صلى الله عليه وسلم آخذا بيدي نتمشى في البطحاء حتى أتى على أبيه وأمه وعليه يعذبون فقال أبو عمار: يا رسول الله الدهر هكذا؟ فقال له النبي صلى الله عليه وسلم: “اصبر” ثم قال: “اللهم اغفر لآل ياسر”. وقد فعلت.

 

عاشرا: التجويع: أخرج ابن حبان في صحيحه عن أنس، قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: لقد أوذيت في الله وما يؤذى أحد، ولقد أخفت في الله وما يخاف أحد، ولقد أتت علي ثلاث من بين يوم وليلة، وما لي طعام إلا ما واراه إبط بلال. وأخرج ابن حبان أيضا في صحيحه، والحاكم في المستدرك، وقال: صحيح على شرط مسلم، ووافقه الذهبي في التلخيص عن خالد بن عمير العدوي قال: خطبنا عتبة بن غزوان، فحمد الله وأثنى عليه ثم قال: ولقد رأيتني وإني لسابع سبعة مع رسول الله صلى الله عليه وسلم ما لنا طعام إلا ورق الشجر حتى قرحت أشداقنا، وإني التقطت بردة فشققتها بيني وبين سعد بن أبي وقاص فارس الإسلام، فاتزرت بنصفها واتزر سعد بنصفها، وما أصبح منا اليوم أحد حي إلا أصبح أمير مصر من الأمصار، وإنني أعوذ بالله أن أكون في نفسي عظيما وعند الله صغيرا.

 

والسلام عليكم ورحمة الله وبركاته
محمد أحمد النادي