تأملات في كتاب “من مقومات النفسية الإسلامية” الحلقة السادسة والخمسون
الحمد لله رب العالمين، والصلاة والسلام على إمام المتقين، وسيد المرسلين، المبعوث رحمة للعالمين، سيدنا محمد وعلى آله وصحبه أجمعين، واجعلنا معهم، واحشرنا في زمرتهم برحمتك يا أرحم الراحمين.
أيها المسلمون:
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته، وبعد: في هذه الحلقة نواصل تأملاتنا في كتاب: “من مقومات النفسية الإسلامية”. ومن أجل بناء الشخصية الإسلامية، مع العناية بالعقلية الإسلامية والنفسية الإسلامية، نقول وبالله التوفيق: موضوع حلقتنا لهذا اليوم هو: “الشوق إلى الجنة، واستباق الخيرات”. الإيمان بأن الجنة حق، وأنها معدة للمؤمنين، ومحرمة على الكافرين أبدا، هو من الإيمان باليوم الآخر، بدليل قوله تعالى: {وسارعوا إلى مغفرة من ربكم وجنة عرضها السموات والأرض أعدت للمتقين}. وقوله سبحانه: {ونادى أصحاب النار أصحاب الجنة أن أفيضوا علينا من الماء أو مما رزقكم الله قالوا إن الله حرمهما على الكافرين}. (الأعراف50). ومن أنكر الجنة أو النار أو البعث أو الحساب فهو كافر، لورود النصوص القطعية ثبوتا ودلالة، في ذلك. والذين أعدت لهم الجنة أصناف منهم:
أولا: النبيون والصديقون والشهداء والصالحون: قال تعالى: {ومن يطع الله والرسول فأولئك مع الذين أنعم الله عليهم من النبيين والصديقين والشهداء والصالحين وحسن أولئك رفيقا}. (النساء69)
ثانيا: الأبرار: قال تعالى: {إن الأبرار لفي نعيم}. (المطففين22) وقال: {إن الأبرار يشربون من كأس كان مزاجها كافورا. عينا يشرب بها عباد الله يفجرونها تفجيرا. يوفون بالنذر ويخافون يوما كان شره مستطيرا. ويطعمون الطعام على حبه مسكينا ويتيما وأسيرا. إنما نطعمكم لوجه الله لا نريد منكم جزاء ولا شكورا. إنا نخاف من ربنا يوما عبوسا قمطريرا. فوقاهم الله شر ذلك اليوم ولقاهم نضرة وسرورا. وجزاهم بما صبروا جنة وحريرا}. (الدهر12)
ثالثا: السابقون المقربون: قال تعالى: {والسابقون السابقون. أولئك المقربون. في جنات النعيم}. (الواقعة12)
رابعا: أصحاب اليمين: قال تعالى:{وأصحاب اليمين ما أصحاب اليمين. في سدر مخضود. وطلح منضود. وظل ممدود. وماء مسكوب. وفاكهة كثيرة. لا مقطوعة ولا ممنوعة. وفرش مرفوعة. إنا أنشأناهن إنشاء. فجعلناهن أبكارا. عربا أترابا. لأصحاب اليمين}. (الواقعة38)
خامسا: المحسنون: قال تعالى: {للذين أحسنوا الحسنى وزيادة ولا يرهق وجوههم قتر ولا ذلة أولئك أصحاب الجنة هم فيها خالدون}. (يونس26)
سادسا: الصابرون: قال تعالى: {جنات عدن يدخلونها ومن صلح من آبائهم وأزواجهم وذرياتهم والملائكة يدخلون عليهم من كل باب. سلام عليكم بما صبرتم فنعم عقبى الدار}. (الرعد24)
سابعا: من خاف مقام ربه: قال تعالى: {ولمن خاف مقام ربه جنتان}. (الرحمن46)
ثامنا: المتـقون: قال تعالى: {إن المتقين في جنات وعيون}. (الحجر15). وقال تعالى: {إن المتقين في مقام أمين. في جنات وعيون}. (الدخان52) وقال: {تلك الجنة التي نورث من عبادنا من كان تقيا}. (مريم63) وقال: {مثل الجنة التي وعد المتقون تجري من تحتها الأنهار أكلها دائم وظلها تلك عقبى الذين اتقوا وعقبى الكافرين النار}. (الرعد35).
تاسعا: الذين آمنوا وعملوا الصالحات: قال تعالى: {إن الذين آمنوا وعملوا الصالحات كانت لهم جنات الفردوس نزلا. خالدين فيها لا يبغون عنها حولا}. (الكهف108) وقال تعالى: {الذين آمنوا وعملوا الصالحات طوبى لهم وحسن مآب}. (الرعد29) وقال تعالى: {إن الذين آمنوا وعملوا الصالحات يهديهم ربهم بإيمانهم تجري من تحتهم الأنهار في جنات النعيم}. (يونس9) وقال تعالى: {الذين آمنوا بآياتنا وكانوا مسلمين. ادخلوا الجنة أنتم وأزواجكم تحبرون}. (الزخرف70) وقال تعالى: {إن الذين آمنوا وعملوا الصالحات وأخبتوا إلى ربهم أولئك أصحاب الجنة هم فيها خالدون}. (هود23)
عاشرا: التائبون: قال تعالى: {إلا من تاب وآمن وعمل صالحا فأولئك يدخلون الجنة ولا يظلمون شيئا}. (مريم60)
أجل أيها المسلمون، هذه هي الجنة أو الجنات التي أعدها الله جل في علاه لعباده المؤمنين، فشمروا عن ساعد الجد، وكونوا من عباد الله الصالحين المخلصين، وجدوا واجتهدوا في طاعة الله ورسوله، وفي الصبر على المكاره، وتنافسوا في طلب الجنة، فهي غالية وتستحق أن يبذل من أجلها الغالي والنفيس، كما أخبر نبيكم صلى الله عليه وسلم فقال: “ألا إن سلعة الله غالية، ألا إن سلعة الله الجنة”. ولله در الشاعر حيث قال:
واعمل لدار غدا رضوان خازنها والجار أحمد والرحمـن ناشيهـا
قصورهـا ذهب والمسك طينتها والزعفـران حشيش نابت فيهـا
والسلام عليكم ورحمة الله وبركاته
محمد احمد النادي