Take a fresh look at your lifestyle.

خبر وتعليق هل تخطط دول مجلس التعاون الخليجي لتوثيق علاقاتها؟

 

منذ سنوات والحديث يدور حول إيجاد اتحاد بين دول مجلس التعاون الخليجي، البحرين والكويت وقطر وعُمان والمملكة العربية السعودية ودولة الإمارات العربية المتحدة، وهو المجلس الذي تشكل في عام 1981، ومع ذلك فإنّه في الأشهر الأخيرة كانت الحاجة ماسّة لدى بعض الدول الأعضاء للمضي قدما في تعزيز العلاقات السياسية والمالية بسبب الزيادة الكبيرة في هذه العلاقات، ففي كانون الثاني/ديسمبر 2012، دعا الملك عبد الله بن عبد العزيز آل سعود، عاهل المملكة العربية السعودية، في قمة دول مجلس التعاون الخليجي الدول الأعضاء إلى الانتقال من مرحلة التعاون إلى مرحلة “الاتحاد”، وقد اتخذت المملكة العربية السعودية والبحرين بالفعل خطوات لبناء علاقات قوية عسكرية واقتصادية بينهما.

ولغاية الآن فإنّه على الرغم من هذه التطورات، فإنّ هناك من بين الدول الأعضاء وخاصة الصغيرة من تشعر بأنها مهددة بشكل واضح من المملكة العربية السعودية، مثل عُمان والإمارات العربية المتحدة، ويخشون من تخليهم عن جوانب معينة من سيادتهم لصالح الرياض، وفي وقت سابق من هذا الشهر، سفّهت عُمان فكرة الاتحاد برمته، حيث قال يوسف بن علوي بن عبد الله، الوزير المسئول عن الشؤون الخارجية في عُمان ” ليس هناك اتحاد خليجي “.

ومهما كان صعبا على بعض الدول الأعضاء قبول مشروع الوحدة، فإنّ هناك عوامل عدة تجبر دول مجلس التعاون الخليجي عمليا على المضي قدما في الوحدة، وتشمل ما يلي :


1- الصحوة المتنامية في العالم الإسلامي :

 

إذ إنه قبل اندلاع الانتفاضات الحالية في العالم العربي، كانت الفكرة النمطية عن الأمة أنّها في تراجع دائم، حيث كان العرب يشعرون أنهم دون باقي شعوب الدول الصناعية نتيجة لاتفاق سايكس بيكو عام 1916، وليس بسبب واقع الأمة الحقيقي، فمفهوم قوة الأمة الحقيقي مستمد من مصادر الشريعة الإسلامية وتاريخ الأمة العريق، والتي تتعارض مع نموذج الدولة القومية، وعلاوة على ذلك، فإنّ المسلمين يتصرفون وكأنهم أمة واحدة على اختلاف أعراقهم وأنسابهم. والعرب من دول مجلس التعاون الخليجي لا تختلف مشاعرهم عن باقي الأمة ويشعرون بالانتماء إلى جسم الأمة أكثر من انتمائهم إلى بلدانهم، فعلى سبيل المثال، فإنّه في الأسبوع الماضي، أصدر الشيخ علي الحكمي من مجلس هيئة كبار علماء السعودية فتوى تحظر الجهاد في سوريا، وقال ” إنّ الشعب السوري يواجه الظلم والاضطهاد من نظام متكبر ومتغطرس، ويحتاج إلى دعائنا وإلى المساعدة بكل الطرق الممكنة، وينبغي أن يكون الدعم للشعب السوري منسجما مع سياسة البلاد، فكل شيء يجب أن يكون مرتبطا مع النظام وسياسات البلاد، ولا ينبغي أن يُسمح لأي شخص أن يعصي الحكومة السعودية ويدعو إلى الجهاد “. وتزامنا مع هذه الفتوى السعودية كانت فتوى أخرى قد صدرت في موسكو حظرت مصطلحيْ الجهاد والخلافة، ومنعت استخدامهما لأهداف سياسية، حيث كان ذلك في الاجتماع الذي عُقد لعلماء دين من دول مجلس التعاون الخليجي، من المملكة العربية السعودية والكويت وقطر، بالإضافة إلى خبراء إسلاميين من المغرب والأردن وتونس والبحرين والعراق ومصر ولبنان وموريتانيا والسودان وأفغانستان وتركيا (المرجع: علماء الدين الإسلامي يحظرون استخدام مصطلحي الجهاد والخلافة لتحقيق أهداف سياسية، وكالة انترفاكس على الانترنت 29 مايو 2012). لذلك فإنّه ليس من المستغرب أن نجد دول مجلس التعاون الخليجي تشارك في المساعي التي تحظر استخدام مثل هذه المصطلحات لأنّ مثل هذه الدعوات تعزز من ثقة الأمة بنفسها وتشكل تهديدا مباشرا على وجود هذه الأنظمة.

2- رياح التغيير السياسي هي العامل المحرك الثاني الذي يشكل سلوك دول مجلس التعاون الخليجي، فقد أطلقت الحركات الثورية في العالم العربي العنان لبروز مجموعة جديدة من مطالب الإصلاح السياسي، وهذه الإصلاحات على طرفي نقيض مع النخب الحاكمة التي تترأس الديكتاتوريات القديمة والإقطاعيات التي تهيمن على العالم العربي، فالثورة في تونس ورحيل بن علي وطغاة مثل مبارك والقذافي أرسل رسالة قوية لباقي الحكام المتبقين، والعرب في الخليج ليسوا بمنأى عن مثل هذه الانتفاضات السياسية التي يعيشها الأخوة زملاؤهم في العالم العربي، والانتفاضات في البحرين وسلطنة عُمان والمناوشات في شرق المملكة العربية السعودية هي مبشرات تكشف عن أحداث سريعة وتغيير في المشهد السياسي. وللتصدي للحركة الثورية للحفاظ على الوضع الراهن، عقدت دول مجلس التعاون الخليجي العديد من الاجتماعات، وتم التفكير في توسيع العضوية لتشمل المغرب والأردن.


3- المخاوف الأمنية الإقليمية :

 

فالتهديد من إيران، أو بدقة أكبر – صعود ما يُسمى ‘بالهلال الشيعي’-، أضاف بعدا عسكريا قويا لجهود الوحدة، فدول مجلس التعاون الخليجي حريصة جدا على عدم زوال القوة “السنية” في المنطقة، ولاسيما في بلدان مثل العراق ولبنان، كما أنها متخوفة أيضا من احتمالات اندلاع ثورات من سكانها الشيعة، فقد كان تمرد الشيعة في البحرين ضد الملك حمد بمثابة جرس إنذار لدول الخليج، وعلى وجه الخصوص، تخوفهم من دور إيران في إثارة المعارضة الشيعية، وبالتالي ضاعفت تلك الدول من جهودها الرامية للحد من النفوذ الإيراني، فقد ارتفع الإنفاق العسكري الجماعي لدول مجلس التعاون الخليجي بشكل حاد في السنوات القليلة الماضية، وارتفعت ميزانية الإنفاق على أجهزة الاستخبارات بنسبة 14 بالمائة على مدى السنوات الخمس المقبلة، وعلى الصعيد الوطني، فإنّ ميزانية الدفاع تمثل 10-20 في المائة من مجموع نفقات الدولة سنويا، ففي عام 2010، كانت التوقعات تشير إلى أنّ مجموع نفقات دول مجلس التعاون الخليجي على الدفاع والأمن بلغت 68.3 مليار دولار، وفي عام 2011 بلغت 73.4 مليار دولار، وستتواصل الزيادة لتصل إلى 82.5 مليار دولار بحلول عام 2015 ( المرجع: ديفيد هدنغرين: سيستمر الشرق الأوسط في الإنفاق الدفاعي في الارتفاع، ميدل ايست اونلاين 18 تشرين الأول 2011 ).

مجموعة هذه العوامل آنفة الذكر هي وراء التحرك الأخير نحو الوحدة وليس لاعتبارات أيديولوجية، وبالإضافة إلى ذلك، فإنّه بالنظر إلى الخلافات السياسية بين الدول مثل المملكة العربية السعودية وقطر، فإنّه من الصعب تصور كيف يمكن أن يكون هذا الاتحاد وكيف سيعمل من دون قيادة سياسية وحيدة، ولمحة سريعة على فشل الاتحاد الأوروبي في معالجة الأزمة الأوروبية، أو التحدث بصوت واحد في الشؤون الخارجية، يظهر فشل المضي قدما في وحدة من دون وحدة سياسية.
نموذج الوحدة السياسي الوحيد الذي تم اختباره والذي استمر لعدة قرون، ضمن قيادة واحدة وضمن الأمن والرخاء للمسلمين (بغض النظر عن كون المواطنين عرب أو غير عرب) هو نموذج الخلافة، والخلافة ليست اتحادا بين البلدان أو دولة فيدرالية، وإنما هو نظام سياسي فريد من نوعه، حيث ينتخب المسلمون الحاكم الذي يحكمهم لتطبيق أحكام الشريعة الإسلامية، وما هي إلا مسألة وقت حتى يُطاح بالأنظمة الاستبدادية في منطقة الخليج ويُفسح المجال لعودة الخلافة، حيث قال رسول الله صلى الله عليه وسلم (  … ثم تكون خلافة على منهاج النبوة ).

 

 

أبو هاشم البنجابي