Take a fresh look at your lifestyle.

خبر وتعليق إن الرائد لا يكذب أهله  

الخبر:

اتخذت المحكمة العليا قرارين عشية انتخابات الرئاسة المصرية أغضبت بالتحديد حركة الإخوان المسلمين. حيث حلَّت المحكمةُ مجلس الشعب الذي يهيمن عليه الأحزاب الإسلامية وعلى رأسهم الإخوان المسلمون والذي تشكل أصلا في العام الماضي بعد أول انتخابات عامة شهدتها البلاد. كما سمحت المحكمة لرئيس الوزراء الأسبق… أحمد شفيق بالمشاركة في الانتخابات التي ستجري نهاية الأسبوع. إلى ذلك حذرت جماعة الإخوان المسلمين من “أن البلاد قد تواجه أياما خطيرة من جديد في حالة ما إذا استلم النظام البائد السلطة من جديد.”

 

 

لقد بدأت المرحلة الثانية من الانتخابات الرئاسية في مصر وهي الأولى من نوعها منذ إسقاط الشعب المصري المسلم للطاغية حسني مبارك الذي امتدت فترة حكمه المستبدة 30 سنة. وعشية هذه الانتخابات قامت محكمة الدولة العليا باتخاذ قرارَيْنِ مفاجِئَيْنِ أولهما؛ حل مجلس الشعب على أساس أن الأحزاب الإسلامية وعلى رأسها جماعة الإخوان المسلمين هم من يسيطر عليه، وثانيهما؛ السماح لرئيس الوزراء الأسبق أحمد شفيق والمعروف بقربه لحسني مبارك بالمشاركة في الانتخابات التي ستجري في نهاية الأسبوع. وهذا يعني أن المجلس العسكري الأعلى، الذي يعمل على تنفيذ استراتيجية أمريكا المتعلقة بمصر قبل وبعد الثورة التي قام بها الشعب المصري ضد الطاغوت الظالم، يسعى لإيجاد وسطٍ لانتخاب رئيس جديد للجمهورية يقوم بالتحرك بحسب المصالح الأمريكية. إذ وبعد حل البرلمان فإن من سيفوز بانتخابات الرئاسة سيبدأ مهام عمله في غياب البرلمان والدستور الذي يستمد صلاحياته منه. وهذا بدوره أيضا يعني أن المجلس العسكري الأعلى سيعمل على صياغة دستور يحدد من خلاله صلاحيات رئيس الجمهورية المُنتخب ضمن السياسات التي يريدها المجلس من جهة وكذلك سيعمل على استقدام رئيس وزراء لمجلس الشعب يقوم بتنفيذ أوامر المجلس العسكري حرفيا، وأيضا ضمن السياسات التي يحددها هو من جهة أخرى. وبهذا يكون المجلس العسكري قد أحكم قبضته بالشكل نفسه ومن وراء ستار على الحكم المدني إلى أن يتشكل النظام على مقياسه زاعما أنه سلَّم السلطة للمدنيين. في حقيقة الأمر فإن الموقف الذي اتخذه المجلس العسكري بمقتضى السياسة التي يتبعها لم يكن أمراً مفاجئاً أبداً. بل الأمر المفاجئ هو إصرار محمد مرسي مرشح الإخوان المسلمين الذي صوت الشعب المصري المسلم له على أساس أنه سيحكم بأحكام الله، إصراره على الاشتراك في الانتخابات في الوقت الذي طالب الناس التجمع في ميدان التحرير احتجاجا على قرار المحكمة العليا على الرغم من اتخاذها قرارا بهذا الشأن قُبيل الانتخابات! وهذا يُظهر أن الإخوان المسلمين بزعامة محمد مرسي ليسوا منزعجين من القرار الذي اتخذته المحكمة العليا. وهذا أيضا يؤكد أنهم سيكونون مرتبطين تماما بالدستور الجديد الذي سيتم إعداده والذي سيحدد صلاحياتهم في حالة فوزهم بانتخابات رئاسة الجمهورية. وهذا كذلك يعني موافقة هذه الجماعة على إبقاء النظام البائد كما هو والتي أبدت جهدا كبيرا للوصول إلى السلطة من خلال رفع شعارات الإسلام والشريعة والخلافة وما شابهها واستقطاب مسلمي مصر حولهم. إذ إن أقوال مرسي الذي طمأن الجيش وأتباعه واعداً الجنرالات أنه سيعمل معهم وقائلا: “إني كرئيسٍ للجمهورية فإنهم في قلبي وسيجدون عنايتي لهم.” لَهي أوضح دليل على ذلك.

 

فيا أهل مصر المسلمين، أما زلتم تصدقون بعدُ أقوالَ مرسي قبل الانتخابات بفترة قصيرة حيث قال: “لا نقبل بخيارٍ غير خيار الشريعة والقرآن دستورنا.” وأقوالَ الإخوان المسلمين أيضا من “أن البلاد قد تواجه أياما خطيرة من جديد في حالة ما إذا استلم النظام البائد السلطة من جديد.”؟ نعم، إن ما قام به المجلس العسكري من خطفٍ لثورتكم المباركة والنظيفة، وقيامه أيضا بضرب كل محاولة تَقدُّم بِيَدٍ من حديد إرضاءً لأمريكا لهما خطر كبير وخيانة. أليس من يكذب على الأمة برفع شعارات إسلامية تدغدغ مشاعركم وتجمعكم حوله ثم يتحدث ويقوم بأعمالٍ من شأنها تثبيت النظام البائد كما هو، ألا يعتبر خطرا أكبر وخيانة أعظم؟ ألا فاعلموا جيدا أن الرائد لا يكذب أهله.