خبر و تعليق الأمريكيون يخططون لوجود كبير دائمي في العراق بقيادة مدنية بفضل تواطؤ النظام معهم
في 29/6/2012 نقلت وكالة رويترز عن مايكل كورتس من المكتب الأمريكي لمحاسبة الحكومة لمجلس النواب الأمريكي قوله خلال جلسة: “وزارتا الخارجية والدفاع تخططان لوجود كبير جدا بقيادة مدنية في العراق”. وقال كورتس: “إن بغداد تثير دائما تساؤلات عن حجم ومكان 14 موقعا أمريكيا في العراق والاحتياجات الأمنية لتلك المواقع وأنها وقعت على عقود ملزمة متعلقة بخمسة مواقع فقط”. وأضافت رويترز في خبرها أنه “يوجد في العراق 16 ألف أمريكي في أكبر بعثة دبلوماسية في العالم. لكن معظم الهيئات موجودة لحماية وإطعام 2000 فرد يعملون في العراق بعقود مباشرة مع الحكومة الأمريكية” ونقلت الوكالة عن باتريك كنيدي وكيل وزيرة الخارجية الأمريكية لشؤون الإدارة تصريحه لها: “سنخفض الأعداد من 16000 إلى نحو 11500، هذا يمثل خفضا نسبته 25 % في العقود المباشرة ونحو 30% في المتعاقدين”. وذكرت “بأن المشرعين الأمريكيين يطالبون بالاستفادة من الدروس المستخلصة من تجربة العراق قبل أن تسحب واشنطن معظم قواتها من أفغانستان عام 2014”. وبين الحين والحين يُسمع دوي انفجارات في العراق وسقوط العشرات من الضحايا.
التعليق: نريد في تعليقنا أن نلفت النظر إلى النقاط التالية:
1. يتبين من هذه التصريحات الأمريكية الرسمية بأن الأمريكيين لم يخرجوا من العراق واستبدلوا بذلك صورة أخرى وهي وجود الكثير منهم كمنتسبين للسفارة الأمريكية، أي لهم الحصانة الدبلوماسية. فقبل أن تنسحب أمريكا كانت تفاوض العراقيين على بقاء قسم من جيشها في العراق يتمتع بالحصانة الدبلوماسية. إلا أن ذلك كان مكشوفا للجميع فلم يستطع البرلمان العراقي أن يوافق عليه فتحايل الأمريكيون مع تواطؤ من رئيس الوزراء المالكي وحكومته وعِلم من البرلمان على أن يزداد عدد موظفي السفارة الأمريكية وهي أضخم سفارة في العالم مقرها في وسط بغداد في المنطقة الخضراء بين القصر الجمهوري العراقي ورئاسة الوزارة وغير ذلك من مؤسسات الدولة العراقية حتى تتمكن أمريكا من الإشراف على الدولة العراقية وعلى القيام بالمهمات القذرة في ربوع العراق.
2. إن عدد 16 ألفا لا يمكن أن يكون مشكّلا من دبلوماسيين وإنما أغلبهم من قوات الأمن والاستخبارات الأمريكية المجندة للتجسس وشراء الذمم وللتخريب وللقتل. ولذلك نسمع عن دوي الانفجارات وقتل العشرات بين الحين والآخر في العراق إن لم يكن يوميا. وبعدما أُعلن عن انسحاب الأمريكيين من العراق في نهاية السنة الماضية ذكر أن عدد موظفي السفارة الأمريكية سيصبح 16 ألفا فقام المالكي يكذّب ذلك ويدعي بأن ذلك مبالغة ويكذب قائلا بأن العدد لا يتعدى 3 آلاف مع العلم أن مصادر موثوقة كانت قد ذكرت ذلك يومئذ، واليوم فإن مصدرا أمريكيا رسميا وهو وكيل وزارة الخارجية الأمريكية يذكر هذا العدد. وبذلك يتبين مدى كذب ودجل المالكي على الناس ومدى خيانته وتواطؤه مع الأمريكيين. ولكن ذلك لا يعفي كل السياسيين والبرلمانيين في العراق من المسؤولية بسبب سكوتهم على ذلك أو إظهار رضاهم عنه. فالنظام الذي أقامته أمريكا في العراق بكل أجهزته يشترك في تلك الخيانة.
3. لقد ذكر أن عددا من الجنود الأمريكيين لا يتجاوز المئات سيبقون في 4 أو 5 قواعد عسكرية بذريعة تدريب الجنود العراقيين. ولكن يتبين أن هناك 2000 جندي متواجدون في 14 قاعدة ويتبين أنه ليس لهم علاقة بتدريب الجيش العراقي وإنما هم متعاقدون مع الدولة الأمريكية للقيام بأعمال تخدم الاستعمار الأمريكي. ويتبين مرة أخرى مدى كذب المالكي ومن معه وتواطؤهم مع الأمريكيين وخيانتهم لامتهم وبلدهم.
4. عدا ذلك فإن الاتفاقية الأمنية التي وقعها المالكي وحكومته عام 2008 ووافق عليها البرلمان العراقي تنص على أن تستدعي الحكومةُ العراقية القوات الأمريكية لتتدخل كلما رأت تهديدا لها لتحميها وتحمي النظام الذي أقامته أمريكا في البلد، وأن الحكومة العراقية تتعاون تعاونا وثيقا مع أمريكا في كافة المجالات وتسير متحالفة معها. ويكشف الأمريكيون مجددا عن أنهم يخططون لوجود أمريكي كبير بقيادة مدنية. أي أن هناك مخططات لوزراتي الدفاع والخارجية الأمريكية بناء على الاتفاقيات الأمنية والاستراتيجية التي وقعها المالكي ومن معه على ترسيخ الوجود الأمريكي بصورة دائمية. مع العلم أن البرلمان العراقي المشكل من الكتل السياسية كان قد صادق على تلك الاتفاقيات فيكون البرلمان وكتله السياسية مشتركين في هذه الجريمة.
5. ومن هنا يتبين أن تصرفات المالكي الديكتاتورية وعمله على تصفية الآخرين يكتسب القوة فيها من تبعيته لأمريكا وتوطؤه معها وخيانته لأمته وبلده في سبيل أن يبقى في الحكم. ويتبين كذلك أن أمريكا وعناصرها مع تواطؤ المالكي ومن معه هي المسؤولة عن التفجيرات وعن الوضع الأمني المضطرب في العراق. وكذلك فإن تصرفات المالكي في السياسة الخارجية مدعومة أمريكيا؛ فتأييده ونظامه لنظام الطاغية بشار أسد لا يمكن أن يخرج عن الدعم الأمريكي له، وكذلك توافقه مع إيران فإنه مدعوم أمريكيا بسبب خدمة إيران لأمريكا في العراق حيث أمّنت لها عقد هذه الاتفاقيات الإجرامية كما أمنت لها الاستقرار في العراق باعتراف حكام إيران بذلك، ومثل ذلك أمنته لها في أفغانستان. والمالكي ونظامه لا يختلف عن كرزاي ونظامه بشيء حيث يوقع لأمريكا الاتفاقيات الأمنية والاستراتيجية للمحافظة على بقاء الأمريكيين في أفغانستان كما فعل النظام الذي أقامته أمريكا في العراق وعلى رأسه المالكي بتوقيعه الاتفاقيات الأمنية والاستراتيجية وغيرها.