معالم الإيمان المستنير المعلم الخامس عشر الاستعاذة بالله عبادة
أيها المؤمنون:
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته, وبعد:
الاستعاذة لغة: الالتجاء والاعتصام. واصطلاحا: الاستجارة إلى ذي منعة على جهة الاعتصام به من المكروه. والاستعاذة عبادة يجب صرفها لله وحده، فهو المستحق للتعظيم دون سواه. ومن صرفها لغيره فقد أشرك: قال تعالى: (وأنه كان رجال من الإنس يعوذون برجال من الجن فزادوهم رهقا). (الجن 6) ومعنى يعوذون برجال من الجن: أي يلجؤون إليهم مما يخافون. ورهقا: أي خوفا. وبكلمات الله التامات: أي بكلام الله الذي لا يلحقه نقص ولا عيب. وعن خولة بنت حكيم قالت: سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول: “من نزل منزلا، فقال: أعوذ بكلمات الله التامات من شر ما خلق، لم يضره شيء حتى يرحل من منزله ذلك”. (رواه مسلم)
أيها المؤمنون: نلاحظ من خلال الآية والحديث الآتي :
أولا: الاستعاذة بالله عبادة: والاستعاذة: هي الالتجاء والاعتصام، وقد أمر الله سبحانه وتعالى عباده بالاستعاذة به قال تعالى: )قل أعوذ برب الفلق (1) من شر ما خلق(. (الفلق1/2)
وقال تعالى: (قل أعوذ برب الناس). (الناس 1)
والاستعاذة بالله من أجل العبادات، وهي تعظيم الله سبحانه، فالمستعيذ يشعر بالخوف، فيلجأ إلى المستعاذ به حتى يقيه ويحفظه، وهذا هو التعظيم بعينه، والتعظيم عبادة الله وحده.
ثانيا: الاستعاذة بغير الله شرك محرم: قال العلماء: من استعاذ بغير الله فيما لا يقدر عليه إلا الله عالما بتحريمه فقد وقع في الشرك، كالذي يأتي إلى الأموات من الأنبياء، أو الصالحين، أو الشهداء أو غيرهم، ويطلب منهم أن يحموه ويحفظوه من الآفات والشرور، ولو لم ينطق بكلمة “أعوذ”.
ثالثا: الآثار المترتبة على الاستعاذة بغير الله: كان الرجل من العرب في الجاهلية إذا نزل واديا أو مكانا موحشا، وخاف على نفسه قال: “أعوذ بسيد هذا الوادي من سفهاء قومه” فلما رأت الجن أن الإنس يعوذون بهم خوفا منهم زادوهم خوفا إلى خوفهم؛ حتى يزداد تعلقهم بهم، فذمهم الله في هذه الآية فقال تعالى: ( وأنه كان رجال من الإنس يعوذون برجال من الجن فزادوهم رهقا ). (الجن 6) فالاستعاذة بغير الله لها آثار سيئة منها: أنها توقع في الشرك. وأنها تورث الخوف وعدم الطمأنينة. ولا يحصل المراد للإنسان في دفع الشرور.
رابعا: ثمرات الاستعاذة بالله: شرع الله سبحانه للمسلمين أن يستعيذوا به سبحانه أو بكلماته التامات بدلا مما يفعله أهل الجاهلية، فالله هو الحافظ لعباده من كل مكروه وبلاء. ومن ثمرات الاستعاذة بالله: حفظ الله للعبد. وحصول الطمأنينة والأمن له. ونيل رضوان الله.
خامسا: فضيلة الدعاء: وقد علمنا الرسول صلى الله عليه وسلم أن من نزل منزلا في السفر أو الحضر فقال: “أعوذ بكلمات الله التامات من شر ما خلق” بلسانه وقلبه مع الإيمان بوعد الله والتصديق بهذا الأثر العظيم لم يضره شيء حتى يرحل من منزله ذلك.
اللهم اجعلنا ممن تستجيب دعاءهم, وأجب دعاءنا برحمتك يا أرحم الراحمين. آمين. آمين. آمين يارب العالمين!
أيها المؤمنون:
نكتفي بهذا القدر في هذه الحلقة, موعدنا معكم في الحلقة القادمة إن شاء الله تعالى, فإلى ذلك الحين وإلى أن نلقاكم ودائما, نترككم في عناية الله وحفظه وأمنه, سائلين المولى تبارك وتعالى أن يعزنا بالإسلام, وأن يعز الإسلام بنا, وأن يكرمنا بنصره, وأن يقر أعيننا بقيام دولة الخلافة في القريب العاجل, وأن يجعلنا من جنودها وشهودها وشهدائها, إنه ولي ذلك والقادر عليه. والسلام عليكم ورحمة الله وبركاته.