معالم الإيمان المستنير البعث والنشور
أيها المؤمنون :
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته, وبعد :
يؤمن المسلم بالبعث والنشور بعد النفخ بالصور مرة ثانية، والمراد بالبعث إحياء العباد في يوم المعاد، والنشور مرادف للبعث في المعنى، يقال: نشر الميت نشورا إذا عاش بعد الموت، وأنشره الله أي أحياه. قال تعالى: ( قتل الإنسان ما أكفره من أي شيء خلقه من نطفة خلقه فقدره ثم السبيل يسره ثم أماته فأقبره ثم إذا شاء أنشره ). (عبس22) وقال تعالى: ( يا أيها الناس إن كنتم في ريب من البعث فإنا خلقناكم من تراب ثم من نطفة ثم من علقة ثم من مضغة مخلقة وغير مخلقة لنبين لكم ونقر في الأرحام ما نشاء إلى أجل مسمى ثم نخرجكم طفلا ثم لتبلغوا أشدكم ومنكم من يتوفى ومنكم من يرد إلى أرذل العمر لكيلا يعلم من بعد علم شيئا وترى الأرض هامدة فإذا أنزلنا عليها الماء اهتزت وربت وأنبتت من كل زوج بهيج ). (الحج 5)
وقد أكثر الله تعالى في كتابه من ضرب المثل للبعث والنشور بإحياء الأرض بالنبات كما في الآية الخامسة التي تلوناها آنفا من سورة الحج ؛ لأن إنبات الأجساد من التراب يكون بعد إنزال الماء الذي ينبتها، وهذا يشبه إنبات النبات من الأرض إذا نزل عليها الماء من السماء في الدنيا. قال تعالى في الآية الثامنة عشرة من سورة نوح عليه السلام: ( والله أنبتكم من الأرض نباتا ثم يعيدكم فيها ويخرجكم إخراجا ). (نوح18) وقال تعالى في الآية التاسعة والثلاثين من سورة فصلت: ( ومن آياته أنك ترى الأرض خاشعة فإذا أنزلنا عليها الماء اهتزت وربت إن الذي أحياها لمحيي الموتى إنه على كل شيء قدير ). (فصلت 39) وقال تعالى في الآية التاسعة من سورة فاطر: ( والله الذي أرسل الرياح فتثير سحابا فسقناه إلى بلد ميت فأحيينا به الأرض بعد موتها كذلك النشور ). (فاطر 9)
البعث خلق جديد :
يعيد الله العباد أنفسهم يوم البعث، ولكنهم يخلقون خلقا مختلفا في بعض الصفات عما كانوا عليه في الحياة الدنيا، فمن ذلك: أنهم لا يموتون مهما أصابهم البلاء: أخرج البخاري في صحيحه عن أبي هريرة قال: قال النبي صلى الله عليه وسلم : ” يقال لأهل الجنة: يا أهل الجنة, خلود لا موت, ولأهل النار: يا أهل النار, خلود لا موت “. وقال تعالى: ( يتجرعه ولا يكاد يسيغه ويأتيه الموت من كل مكان وما هو بميت ومن ورائه عذاب غليظ ) (إبراهيم 17) وقال تعالى: ( والذين كفروا لهم نار جهنم لا يقضى عليهم فيموتوا ولا يخفف عنهم من عذابها كذلك نجزي كل كفور). (فاطر 36)
أول من تنشق عنه الأرض :
أول من تنشق عنه الأرض يوم القيامة نبينا محمد صلى الله عليه وسلم . عن ابن عمر, قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم : ” أنا أول من تنشق عنه الأرض يوم القيامة, ثم أبو بكر, ثم عمر, ثم يأتي أهل البقيع فيحشرون معي, ثم أنتظر أهل مكة فيحشرون معي “. (رواه الترمذي في سننه)
اللهم اجعلنا ممن يحشرون في زمرة المصطفى صلى الله عليه وسلم مع النبيين والصديقين والشهداء والصالحين, وحسن أولئك رفيقا. اللهم آمين آمين آمين برحمتك يا أرحم الراحمين.
أيها المؤمنون :
نكتفي بهذا القدر في هذه الحلقة, موعدنا معكم في الحلقة القادمة إن شاء الله تعالى, فإلى ذلك الحين وإلى أن نلقاكم ودائما, نترككم في عناية الله وحفظه وأمنه, سائلين المولى تبارك وتعالى أن يعزنا بالإسلام, وأن يعز الإسلام بنا, وأن يكرمنا بنصره, وأن يقر أعيننا بقيام دولة الخلافة في القريب العاجل, وأن يجعلنا من جنودها وشهودها وشهدائها, إنه ولي ذلك والقادر عليه. نشكركم والسلام عليكم ورحمة الله وبركاته.