Take a fresh look at your lifestyle.

الطريقة العملية لنصرة الحبيب صلى الله عليه وآله وسلم

 

 

الحمد لله الذي أرسل رسوله بالهدى ودين الحق ليظهره على الدين كله ولو كره المشركون، والصلاة والسلام على المبعوث رحمة للعالمين، سيدنا، وحبيبنا، وعظيمنا، محمد بن عبد الله، النعمة المسداة، والرحمة المهداة، والسراج المنير، وعلى آله وصحبه ومن والاه.

 

أيها الجمع الكريم، السلام عليكم ورحمة الله وبركاته،،،
إن الإساءة للنبي الكريم صلى الله عليه وسلم لم تكن وليدة هذا الزمان، وإنما هي ديدن الكافرين الحاقدين على الإسلام ورسوله صلى الله عليه وسلم، منذ بعثته عليه الصلاة والسلام ولكن الجديد فيها هو أن الإساءة الآن تأخذ بعداً أكثر تنظيماً، وأكثر قبحاً، وليس الفلم الأخير عملاً معزولاً كما يحاول البعض الترويج لذلك في سبيل التخفيف من حدة الغضب، فإن تكرار مثل هذه الأعمال مع تكرار الأحاديث الممجوجة عن حرية التعبير مضافاً اليها أصوات التخذيل من بعض المنتسبين الى الإسلام اسماً والسائرين في ركاب الغرب عملاً وواقعاً، إنما يراد بكل ذلك تدجين الأمة وجعلها تقبل بالإساءة لنبيها صلى الله عليه وآله وسلم بعد أن سكتت في أن تُحكم بغير شرعه ردحاً من الزمان، وأن تُسيّر حياتها بغير منهجه، بل الأنكى والأمر أنها تسير حياتها بمنهج هؤلاء المسيئين لنبي الرحمة صلى الله عليه وسلم، إلا أننا نرى ضوءاً في النفق، فها هي الأمة الآن تزمجر وتنتفض ضد الطغاة الجبارين من حكامها وتطالب بالإسلام.

 

إننا على يقين من أن الله منتصر لنبيه إن تخاذل المؤمنون عن نصرته، أو ضعفوا عن ذلك، (إِلَّا تَنْصُرُوهُ فَقَدْ نَصَرَهُ اللَّهُ) وفي أحداث التاريخ منذ بعثته صلى الله عليه وسلم من المواقف والأحداث ما يؤكد أن الله سبحانه متكفل بالانتقام لنبيه صلى الله عليه وسلم، فهو القائل جل شأنه (إِنَّا كَفَيْنَاكَ الْمُسْتَهْزِئِينَ)، ولكن الله العليم الخبير ينظر إلى أعمالنا وتصرفاتنا، ومواقفنا، ماذا نحن فاعلون إزاء الإساءة لنبينا عليه أفضل الصلاة وأتم التسليم، أوَناصروه حقاً؟ أم أننا متقاعسون عن نصرته. أوَيكفي أن نخرج في مسيرات الغضب أمام السفارات الغربية التي أساء بعض رعاياها للإسلام ونبيه صلى الله عليه وسلم ثم نعود ساكنين وكأننا قد انتصرنا؟! أم إن هنالك عملا جديا لنصرة الحبيب صلى الله عليه وسلم يجب أن نقوم به لنحقق هذه النصرة؟!

 

إن التطاول على جناب الحبيب صلى الله عليه وسلم من قبل الكافرين يستدعي منا باعتبارنا مسلمين موقف العزة والقوة التي ترهب أعداء الله ورسوله صلى الله عليه وسلم فلم يحدث طوال تاريخ المسلمين مثل هذا الذي يحدث للإسلام وكتابه ونبيه صلى الله عليه وسلم، من سبٍّ وشتمٍ، وللمسلمين من تقتيلٍ وتشريدٍ وإهدارٍ للكرامة، وانتهاكٍ للأعراض، فكل ذلك يحدث لأنه ليس للمسلمين رأس وقائد يقودهم فعندما كانت لنا دولة وخليفة يقاتل من ورائه ويتقى به لم يستطع أحد من الكافرين أن يتجرأ على الإسلام ومقدساته ولو تجرأ فالرد العملي تجاه دولته جاهز، (فقد حدث في أواخر القرن التاسع عشر 1890م أن قدم الكاتب الفرنسي “ماركي دي بوريز” مسرحية لتعرض على مسرح الكوميدي فرانسيز، وقد كان فيها شيء من إساءة إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم، فأرسل خليفة المسلمين عبد الحميد إلى فرنسا بمنع عرض المسرحية، ليس فقط على مسرح فرانسيز، بل على كل المسارح الموجودة في فرنسا، فاستجابت فرنسا واتخذت قراراً بذلك، وأرسلت للسلطان رسالة جاء فيها: “نحن على ثقة بأن هذا القرار الذي اتخذناه تلبية لرغبات حضرة السلطان سيعزز بيننا العلاقات القلبية…”، ولما حاول كاتب المسرحية أن يعرضها في إنجلترا وبدأ الإعداد بعرض المسرحية على مسرح اللسيوم الشهير علم السلطان فأرسل بمنعها، فمُنعت، واعتذرت بريطانيا التي كانت عظمى آنذاك عن الإعدادات التي تمت لعرض المسرحية… حتى قبل عرضها!).

 

فإن الذي جعلنا اليوم هواناً عند الكافرين وأذلاء صاغرين هو تركنا لسبيل عزتنا الإسلام الذي قال عنه الفاروق رضي الله عنه وأرضاه (كنا أذلاء فأعزنا الله بالإسلام فمهما ابتغينا العزة في غيره أذلنا الله) ونحن اليوم ابتغينا العزة في غير الإسلام فلم نعد نفكر على أساسه أو نحكم بأحكامه، أو نسير بسيرة الحبيب صلى الله عليه وسلم وأمثلنا طريقة هو من يتمسك بالعبادات والأخلاق ثم هو لا يرى غضاضة في أن يحكم بالأنظمة الوضعية الديمقراطية، ويتعامل بالاقتصاد الرأسمالي إلى غير ذلك من السير في ركاب الغرب وجعله مكان القدوة والأسوة.

 

فقر يا رسول الله عيناً ما            حصدنا غير شيء كنت منه محذرا

 

بلّغت فاستوفيت ما بُلغته                وجعلت درب المسلمين منوراً

 

من حاد عنه استلقفته مهالك          ويؤوب يوم الحشر اوباً خاسرا

 

إن الإسلام دين منه الدولة فالسياسة والدولة فيه أحكام شرعية مثلها مثل أحكام الصلاة والزكاة والحج مصدرها هو نفس المصدر كتاب الله وسنة رسوله صلى الله عليه وسلم، وقد طبق النبي صلى الله عليه وسلم باعتباره نبياً وحاكماً وقائداً طبق عملياً أحكام الدولة والاقتصاد والاجتماع وغيرها ولم يترك صغيرة ولا كبيرة إلا وعلمنا لها، وتركنا على المحجة البيضاء، وأمرنا بالتمسك بذلك حيث يقول صلى الله عليه وسلم: “تركت فيكم ما إن تمسكتم بهما لن تضلوا بعدي أبداً كتاب الله وسنتي”، والله أكمل هذا الدين وجعله نظاماً للعالمين إلى يوم الدين وكمال هذا الدين في كل مناحي الحياة وأنظمتها وليس قاصراً على نظام دون آخر كما يريد لنا الغرب الكافر ذلك، ويتبعه في ذلك بعض أبناء المسلمين، الذين افتتنوا بحضارة الغرب فيفصلون بين الدين والسياسة، وبين الدين والحياة، ويرون الإسلام ديناً مكانه المسجد، ديناً كهنوتياً كما هو دين اليهود والنصارى اليوم، والله يريد لنا الإسلام قائداً للحياة كلها يقول جل شأنه (قُلْ إِنَّ صَلاتِي وَنُسُكِي وَمَحْيَايَ وَمَمَاتِي لِلَّهِ رَبِّ الْعَالَمِينَ)، فالحياة كلها موصولة بالله عز وجل صغيرها وكبيرها، ليس فيها كما عند الغرب شيء لله وآخر لقيصر.

 

أيها الإخوة والأخوات الكرام:
إن طريق العزة واحد، وطريق نصرة النبي صلى الله عليه وسلم، لا يمر إلا عبر هذا الطريق وهو وحدة الأمة، على أساس كتاب الله وسنة رسوله صلى الله عليه وسلم في ظل دولة واحدة تجمع شتات المسلمين، وتحكم بنظام رب العالمين؛ هي دولة الخلافة الراشدة على منهاج النبوة، والله سبحانه وتعالى يقول: (وَاعْتَصِمُوا بِحَبْلِ اللَّهِ جَمِيعًا وَلَا تَفَرَّقُوا)، ويقول: (إِنَّ هَذِهِ أُمَّتُكُمْ أُمَّةً وَاحِدَةً وَأَنَا رَبُّكُمْ فَاعْبُدُونِ)، والنبي الكريم صلى الله عليه وسلم يقول: “الْمُسْلِمُونَ تَتَكَافَأُ دِمَاؤُهُمْ يَسْعَى بِذِمَّتِهِمْ أَدْنَاهُمْ وَيُجِيرُ عَلَيْهِمْ أَقْصَاهُمْ وَهُمْ يَدٌ عَلَى مَنْ سِوَاهُمْ” سنن ابي داوود، ويقول: (مَنْ أَتَاكُمْ وَأَمْرُكُمْ جَمِيعٌ عَلَى رَجُلٍ وَاحِدٍ يُرِيدُ أَنْ يَشُقَّ عَصَاكُمْ أَوْ يُفَرِّقَ جَمَاعَتَكُمْ فَاقْتُلُوهُ)، فإن الطريقة العملية لنصرة الحبيب صلى الله عليه وسلم، تقتضي الخروج من حالة القطرية الراهنة، حالة التمزق والتشرذم، التي وضعنا فيها الكافر المستعمر، ولا بد من طاعة الله عز وجل وطاعة رسوله صلى الله عليه وسلم، بالتوحد على أساس الإسلام وجعل بلاد المسلمين بلدا واحدا، وذلك بعمل الآتي:

 

(1) إزالة كافة أشكال الوجود الأجنبي في بلاد المسلمين، من سفارات وقواعد، وقوات، ومنظمات تتبع لدول الغرب الكافر، الطامعة في بلادنا والمحاربة فعلاً، وبخاصة أمريكا وبريطانيا، وفرنسا، وألمانيا وغيرها من دول الكفر.
(2) فتح الحدود بين أقطار المسلمين، وإغلاق السفارات القطرية، باعتبار أن المسلمين في كل مكان إخوة.
(3) قطع الإمدادات النفطية عن الدول المحاربة فعلاً كأمريكا، وبريطانيا، واتخاذ الإجراءات الكفيلة التي تجعل هذه البلاد تنظر إلينا نظرة القوة والاحترام.
(4) أن يقوم المخلصون القادرون من أهل القوة والمنعة، وأهل الحل والعقد باسترداد سلطان الأمة المغتصب من الحكام العملاء، وإعادته لها لتبايع من تراه أهلاً لقيادتها خليفة للمسلمين، فتكون نواة دولة الإسلام التي تتوحد تحت سلطانها بقية بلاد المسلمين.
ويكون كل ذلك وغيره بضغطٍ من المسلمين، فبدلاً من التوجه إلى سفارات الغرب يجب التوجه إلى قصور الحكام ومطالبتهم برد حق الأمة المغتصب، وتنفيذ مطالب الأمة فوراً في الوحدة على أساس الإسلام.

 

إن حزب التحرير قد نذر نفسه للعمل من أجل استئناف الحياة الإسلامية بإقامة دولة الخلافة الراشدة على منهاج النبوة منذ عشرات السنين وما زال شبابه يصلون ليلهم بنهارهم في كل بقاع الأرض من أجل تحقيق هذه الغاية السامية، وإنا نرى أن الظروف والأجواء مهيأة الآن أكثر من أي وقت مضى لتوحيد الأمة في ظل دولة الخلافة.

 

فهيا أيها المسلمون المؤمنون، المحبون للرسول الكريم صلى الله عليه وسلم، اعملوا مع العاملين لإعادة الدولة التي وضع أساسها النبي صلى الله عليه وسلم، وأمر أن تكون من بعده خلافة راشدة على منهاج النبوة (عَنْ أَبِي حَازِمٍ قَالَ قَاعَدْتُ أَبَا هُرَيْرَةَ خَمْسَ سِنِينَ فَسَمِعْتُهُ يُحَدِّثُ عَنْ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ كَانَتْ بَنُو إِسْرَائِيلَ تَسُوسُهُمْ الأَنْبِيَاءُ كُلَّمَا هَلَكَ نَبِيٌّ خَلَفَهُ نَبِيٌّ وَإِنَّهُ لا نَبِيَّ بَعْدِي وَسَتَكُونُ خُلَفَاءُ تَكْثُرُ قَالُوا فَمَا تَأْمُرُنَا قَالَ فُوا بِبَيْعَةِ الأَوَّلِ فَالأَوَّلِ وَأَعْطُوهُمْ حَقَّهُمْ فَإِنَّ اللَّهَ سَائِلُهُمْ عَمَّا اسْتَرْعَاهُمْ) رواه مسلم، خلافة تعيدُ للأمة عزها ومجدها المفقود، وكرامتها المهدورة، بواسطة حكام السوء العملاء للغرب الكافر، خلافة تقطع ألسنة المسيئين للحبيب صلى الله عليه وسلم وتقتص منهم، (عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ عَنْ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ إِنَّمَا الإِمَامُ جُنَّةٌ يُقَاتَلُ مِنْ وَرَائِهِ وَيُتَّقَى بِهِ فَإِنْ أَمَرَ بِتَقْوَى اللَّهِ عَزَّ وَجَلَّ وَعَدَلَ كَانَ لَهُ بِذَلِكَ أَجْرٌ وَإِنْ يَأْمُرْ بِغَيْرِهِ كَانَ عَلَيْهِ مِنْهُ) رواه مسلم. ولله در القائل:

 

إن الجماعة حبل الله فاعتصموا بها          هي العروة الوثقى لمـن دانا

 

الله يدفـــع بالسلطان معضلة               عن ديننا رحمة منه ورضوانا

 

لولا الأئمة لم تؤمن لنا سبل                   وكان أضعفنا نهباً لأقــوانا

 

فالخلافة هي الفرض الغائب في هذا الزمان، بل هي تاج فروضه، وهي وعد الله القائل جل شأنه: (وعَدَ اللَّهُ الَّذِينَ آمَنُوا مِنْكُمْ وَعَمِلُوا الصَّالِحَاتِ لَيَسْتَخْلِفَنَّهُمْ فِي الْأَرْضِ كَمَا اسْتَخْلَفَ الَّذِينَ مِنْ قَبْلِهِمْ وَلَيُمَكِّنَنَّ لَهُمْ دِينَهُمُ الَّذِي ارْتَضَى لَهُمْ وَلَيُبَدِّلَنَّهُمْ مِنْ بَعْدِ خَوْفِهِمْ أَمْنًا يَعْبُدُونَنِي لا يُشْرِكُونَ بِي شَيْئًا وَمَنْ كَفَرَ بَعْدَ ذَلِكَ فَأُولَئِكَ هُمُ الْفَاسِقُونَ)، وهي بشارة النبي صلى الله عليه وسلم: “ثم تكون خلافة على منهاج النبوة”، ذكر رسولنا الكريم عليه الصلاة والسلام الخلافة على منهاج النبوة بعد الحكم الجبري؛ الذي تعيش الأمة آخر أيامه إن شاء الله، يقول الله عز وجل: (يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا اسْتَجِيبُوا لِلَّهِ وَلِلرَّسُولِ إِذَا دَعَاكُمْ لِمَا يُحْيِيكُمْ وَاعْلَمُوا أَنَّ اللَّهَ يَحُولُ بَيْنَ الْمَرْءِ وَقَلْبِهِ وَأَنَّهُ إِلَيْهِ تُحْشَرُونَ).

 

إبراهيم عثمان (أبو خليل)

الناطق الرسمي لحزب التحرير في ولاية السودان