من أروقة الصحافة السلطات الليبية تقرر حل الميليشيات “غير الشرعية”
أعلنت السلطات الليبية مساء السبت أنها قررت حل جميع الميليشيات والمعسكرات غير المنضوية تحت سلطة الدولة، وذلك بعيد احتجاجات سكان بنغازي على الميليشيات.
وقال رئيس المؤتمر الوطني العام محمد المقريف وهو يتلو بيانا في بنغازي “تقرر حل كافة الكتائب والمعسكرات التي لا تنضوي تحت شرعية الدولة”.
================
بهذا تحاول القيادة الليبية الجديدة إكمال حلقات المؤامرة الغربية على ليبيا وثورتها التي أطاحت بالقذافي.
فخلال الثورة تم تشكيل المجلس الانتقالي الليبي بدعم سياسي ومالي إقليمي ودولي، وتمت شرعنته ليكون ممثلا شرعيا ووحيدا للشعب الليبي، لضمان بقاء بوصلة الثورة الليبية ضمن الإطار المسموح به غربيا، ثم تقدم المجلس الانتقالي بخطوات حثيثة تمثل انتحارا سياسيا بطلبه الدعم العسكري من حلف الناتو، وسماحه لقوى عسكرية أوروبية من دعمه على الأرض، حتى يتحقق ضمان بقاء النفوذ الغربي في ليبيا ولا سيما الأوروبي والبريطاني تحديدا.
وبسبب الظلم الشديد الذي وقع على شعب ليبيا المسلم وفظاعة القذافي ونظامه البغيض في التضييق على الشعب الليبي لعقود، فقد قبل الكثيرون بأخف الضررين بهدف الانتهاء من حقبة القذافي الإجرامية، إلا أنهم لم يدركوا بأن طاغية ليبيا السابق لم يكن سوى أداة لبريطانيا والغرب المستعمر ويضرب بسوطهم الاستعماري العفن، وأن الاستنجاد بالغرب والناتو هو كالمستجير من الرمضاء بالنار.
إن الدول الغربية المجرمة وعملاءها المحليين في ليبيا، قد غضوا الطرف عن انتشار السلاح لدى أبناء الشعب الليبي في معركته ضد الطاغية المقبور، وبالرغم من تشكيلات بعض الفرق المقاومة لنظام ليبيا البائد وشعاراتها الإسلامية الجهادية، إلا أن الغرب بقي مراقبا لسير الأمور ووضعها تحت المجهر، فيدعم بالسلاح تارة ويجفف منابعه تارة أخرى، إلى أن تحقق له الانتقال المرجو للسلطة وحدث التغيير الشكلي المطلوب، وأصبح وجود الحركات المسلحة يمثل عبئا على الغرب وعملائه المحليين، وعند ذلك بدأت الأساليب الخبيثة بمحاصرة المجاهدين تتبلور، فتارة تخرج مظاهرة هنا أو هناك تطالب بحل الحركات المسلحة، وتارة تحاول أجهزة الدولة ضمهم تحت ألويتها وأجنحتها لضمان ولائهم ومن ثم تفريقهم بشكل لن يشكل خطرا بعدها، وتارة أخرى تستصدر قوانين كما هو الحال الآن لحلهم وحل معسكراتهم حتى تبقى الأمور تحت ما أسموه بشرعية الدولة.
فهذا هو ديدن الاستعمار وعملائه، ينسجون الأساليب الخبيثة لتمرير مصالحهم الاستعمارية، وينجحون بذلك بسبب نقص الوعي السياسي لدى الكثيرين ممن هم منخرطون في العمل السياسي والعسكري، وعدم إطلاعهم على حقيقة الصراع ودوافعه وأدواته.
إن ما يجري في ليبيا وغيرها من بلدان الربيع العربي، يبين حقيقة الاستعمار الغربي السياسي وخططه وأساليبه، ولهذا كان واجبا على ثوار الشام الأبطال أن يجنبوا أنفسهم الوقوع بهذه المنزلقات السياسية التي تساقطت فيها الكثير من الحركات السياسية والعسكرية لقلة الوعي السياسي على الأحداث الجارية، ولعل ثورة الشام ترسم أجمل صورة عرفها التاريخ الحديث من الوعي السياسي المنطلق من عقيدة الأمة ومبدئها العظيم.
فالله نسأل أن يعجل بالفرج
أبو باسل