تشكيل مجالس مدنية – عسكرية: مشروع يرعاه الغرب من أجل استيعاب الثورة وإقامة الدولة المدنية وضرب مشروع الخلافة الإسلامية
نقلت وسائل الإعلام الجمعة 28/9/2012م تشكيل ما سُمِّي “القيادة المشتركة للمجالس العسكرية الثورية”، وقال رئيس مكتب التنسيق والارتباط ماهر النعيمي في تصريح للجزيرة إن القيادة المشتركة تهدف إلى بناء عمل مؤسساتي متكامل يحتضن كافة أطياف الشعب السوري وصولا إلى دولة حرة مدنية…
وقد كان الحديث يجري منذ أشهر عن اتصالات ومباحثات بشأن تشكيل هيئة قيادية مدنية – عسكرية في سوريا تعمل من الداخل لقيادة المرحلة الانتقالية فيها. وبحسب صحيفة “الشرق الأوسط” الصادرة في 08/06/2012م أن “فكرة المشروع تقوم على أن يتم تشكيل هذه الهيئة من الداخل وتضم 28 مدنياً مستقلاً و28 ضابطاً عسكرياً منشقاً” وأن هذه الهيئة “تختار بين 6 إلى 8 شخصيات نصفهم من المدنيين والنصف الآخر من العسكريين ليكونوا رسلاً للهيئة في اللقاء مع الدول والحكومات والمنظمات الإقليمية والدولية، والحصول بشكل مباشر على كل أنواع الدعم للثورة” أما صحيفة “الحياة” فقد ذكرت في 14/09/2012م أن “باريس تعمل مع دول صديقة منها الولايات المتحدة والسعودية وقطر وتركيا لمساعدة الثوار السوريين على الأرض” وأضافت أن “من المستحسن أن تشكل المعارضة مجموعة قيادية من حوالى عشرة أعضاء يمثلون جميع مكونات المجتمع السوري ولكن بسرعة كي تكون المحاور الشرعي الانتقالي”.
إن هذه “الهيئة القيادية المدنية – العسكرية” ذات ذراعين: ذراع مدني يتولى قيادة عملية التغيير السياسية لمصلحة الغرب، وعلى رأسه أمريكا، فيمدها بالمال والإعلام والتأييد السياسي ليحقق بها إقامة دولة مدنية ديمقراطية تعددية. وذراع عسكري يتولى استيعاب المجموعات المسلحة من ثوار الداخل الذين يشكلون القوة الفاعلة في الثورة، وغالبيتهم من ذوي التوجهات الإسلامية، والذين باتوا يشكلون هاجساً يؤرق الغرب وخاصة أمريكا، لا سيما أولئك الذين يطرحون مشروعهم السياسي الذي يقوم على إقامة الخلافة، ويعتبرونهم خطراً لا حل بدون القضاء عليهم إن لم يستطيعوا استيعابهم. وهذه الذراع “العسكرية” سيمدها الغرب كذلك بالمال والسلاح والتأييد السياسي لإنجاز مهمته وتصفية كل من يخرج عن أجندته بعد نعتهم بالمتشددين والغوغائيين.
إن ما يطرح من مبادرات سياسية، أو تشكيل مجالس عسكرية أو مدنية، وما يجري من إيفاد لمبعوثين دوليين وإقليميين، إنما يرعاه الغرب، وبخاصة أمريكا، بحجة العمل على إيجاد مخارج وحلول، وهي حلول خطرة على المسلمين في سوريا بنتائجها وعواقبها، فظاهر هذه الأعمال أنها تدعي إنقاذ أهل سوريا وأنها تريد توحيد المعارضة بينما هي في حقيقتها مشاريع مشبوهة تعمل أمريكا جاهدة بواسطتها لإبقاء موطئ قدميها في سوريا حفاظاً على مصالحها، وهي تعلم أنه لن يتيسر لها هذا إلا بعد ضرب مشروع إقامة الخلافة الذي ظهر جلياً في هذه الثورة، ووضع دستور مدني وإجراء انتخابات وَفْقَه من أجل الوصول إلى دولة مدنية ديمقراطية تتحكم بها أمريكا.
أيها المسلمون الثائرون في عقر دار الإسلام:
إننا في حزب التحرير نحذركم من الوقوع في حبائل هذه المشاريع المشبوهة، وندعوكم إلى الوقوف في وجهها وسد الأبواب أمام طارقيها من دول الغرب وعملائهم الذين يعملون على محاصرة المخلصين من الثوار، والتعتيم على أعمالهم البطولية ونسبتها إلى غيرهم، واعلموا أن الله يأمركم أن تتوكلوا عليه وحده، فهو القوي سبحانه فلا تلتمسوا القوة من الغرب، وهو جلَّ وعلا الغني فلا تلتمسوا الفضل من عملاء الغرب، وهو سبحانه المعين الناصر فلا تلتفتوا يمنة ولا يسرة فتضيعوا، واعلموا أن النصر بيد الله سبحانه، فإن خالفتم أمره أو تركتم شيئاً منه أو سكتم عن إعلان الحق خسرتم المدد من رب السماء، واعلموا أن الأمر متعلق بإيمانكم بالله وبصبركم على ما ابتلاكم به ليمحص قلوبكم، وليكن أجدادكم من الصحابة الذين خرجوا لفتح الشام أسوة حسنة لكم. فقد ذكر ابن كثير في تفسير قوله تعالى: ( لَقَدْ تَابَ اللَّهُ عَلَى النَّبِيِّ وَالْمُهَاجِرِينَ وَالأنْصَارِ الَّذِينَ اتَّبَعُوهُ فِي سَاعَةِ الْعُسْرَةِ مِنْ بَعْدِ مَا كَادَ يَزِيغُ قُلُوبُ فَرِيقٍ مِنْهُمْ ثُمَّ تَابَ عَلَيْهِمْ إِنَّهُ بِهِمْ رَءُوفٌ رَحِيمٌ ) قال مجاهد إنها “نزلت في غزوة تبوك، وذلك أنهم خرجوا إليها في شدة من الأمر في سنة مُجدبة وحر شديد، وعسر من الزاد والماء“. وقال قتادة: “خرجوا إلى الشام عام تبوك في لَهَبان الحر، على ما يعلم الله من الجهد، أصابهم فيها جهد شديد، حتى لقد ذكر لنا أن الرجلين كانا يشقان التمرة بينهما، وكان النفر يتداولون التمرة بينهم، يمصها هذا، ثم يشرب عليها، ثم يمصها هذا، ثم يشرب عليها، ثم يمصها هذا، ثم يشرب عليها.” قال الله تعالى: ( لَقَدْ كَانَ لَكُمْ فِي رَسُولِ اللَّهِ أُسْوَةٌ حَسَنَةٌ لِمَنْ كَانَ يَرْجُو اللَّهَ وَالْيَوْمَ الْآَخِرَ وَذَكَرَ اللَّهَ كَثِيرًا ).