معالم الإيمان المستنير التوكل على الله ح9
أيها المؤمنون:
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته, وبعد:
كان عمر بن الخطاب رضي الله عنه يعلم المسلمين التوكل والطاعة, فكتب إلى سعد بن أبي وقاص رضي الله عنه ومن معه من الأجناد كتابا جاء فيه: “أما بعد: فإني آمرك ومن معك من الأجناد بتقوى الله على كل حال, فإن تقوى الله أفضل العدة على العدو, وأقوى المكيدة في الحرب, وآمرك ومن معك أن تكونوا أشد احتراسا من المعاصي منكم من عدوكم, فإن ذنوب الجيش أخوف عليهم من عدوهم, وإنما ينصر المسلمون بمعصية عدوهم لله, ولولا ذلك لم تكن لنا بهم قوة, لأن عددنا ليس كعددهم, ولا عدتنا كعدتهم, فإن استوينا في المعصية كان لهم الفضل علينا في القوة, وإن لم ننصر عليهم بفضلنا لم نغلبهم بقوتنا. واعلموا أن عليكم في سيركم حفظة من الله, يعلمون ما تفعلون, فاستحيوا منهم, ولا تعملوا بمعاصي الله وأنتم في سبيل الله, ولا تقولوا: إن عدونا شر منا فلن يسلط علينا وإن أسأنا, فرب قوم سلط عليهم شر منهم, كما سلط كفرة المجوس على بني إسرائيل لما عملوا بمساخط الله. (فجاسوا خلال الديار وكان وعدا مفعولا). واسألوا الله العون على أنفسكم كما تسألونه النصر على عدوكم, أسأل الله ذلك لنا ولكم. وترفق بالمسلمين في مسيرهم, ولا تجشمهم مسيرا يتعبهم, ولا تقصر بهم عن منزل يرفق بهم, حتى يبلغوا عدوهم”.
وكتب عمر رضي الله عنه إلى ولده عبد الله بن عمر رضي الله عنه جاء فيه: “أما بعد: اتق الله, فإن من اتقى الله وقاه, ومن توكل عليه كفاه, ومن شكر له زاده, ومن أقرضه جزاه, فاجعل التقوى عماد قلبك, وجلاء بصرك, فإنه لا عمل لمن لا نية له, ولا أجر لمن لا خشية له”.
وروى الإمام أحمد بإسناد صحيح عن سماك قال: سمعت عياضا الأشعري قال: “شهدت اليرموك وعلينا خمسة أمراء: أبو عبيدة بن الجراح, ويزيد بن أبي سفيان, وشرحبيل بن حسنة, وخالد بن الوليد, وعياض وليس عياضا الأشعري قال: وقال عمر: إذا كان قتال فعليكم أبو عبيدة. قال: فكتبنا إليه إنه قد جاش إلينا الموت واستمددناه, فكتب إلينا: “إنه قد جاءني كتابكم تستمدوني، وإني أدلكم على من هو أعز نصرا وأحضر جندا! هو الله عز وجل فاستنصروه، فإن محمدا صلى الله عليه وسلم قد نصر يوم بدر في أقل من عدتكم, فإذا أتاكم كتابي هذا فقاتلوهم, ولا تراجعوني”. قال: فقاتلناهم فهزمناهم وقتلناهم …”.
اللهم انصرنا على عدوك وعدونا إنك على كل شيء قدير, وبالإجابة جدير!
أيها المؤمنون:
نترككم في عناية الله وحفظه وأمنه, سائلين المولى تبارك وتعالى أن يعزنا بالإسلام, وأن يعز الإسلام بنا, وأن يكرمنا بنصره, وأن يقر أعيننا بقيام دولة الخلافة في القريب العاجل, وأن يجعلنا من جنودها وشهودها وشهدائها, إنه ولي ذلك والقادر عليه. والسلام عليكم ورحمة الله وبركاته.