Take a fresh look at your lifestyle.

مع الحديث الشريف يوم عرفة

 

نحييكم جميعا أيها الأحبة في كل مكان، في حلقة جديدة من برنامجكم “مع الحديث الشريف” ونبدأ بخير تحية، فالسلام عليكم ورحمة الله وبركاته.

 

روى الترمذي في سننه قال : حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ بَشَّارٍ حَدَّثَنَا يَحْيَى بْنُ سَعِيدٍ وَعَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ مَهْدِيٍّ قَالَا حَدَّثَنَا سُفْيَانُ عَنْ بُكَيْرِ بْنِ عَطَاءٍ عَنْ عَبْدِ الرَّحْمَنِ بْنِ يَعْمَرَ” أَنَّ نَاسًا مِنْ أَهْلِ نَجْدٍ أَتَوْا رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وَهُوَ بِعَرَفَةَ فَسَأَلُوهُ فَأَمَرَ مُنَادِيًا فَنَادَى الْحَجُّ عَرَفَةُ مَنْ جَاءَ لَيْلَةَ جَمْعٍ قَبْلَ طُلُوعِ الْفَجْرِ فَقَدْ أَدْرَكَ الْحَجَّ أَيَّامُ مِنًى ثَلَاثَةٌ فَمَنْ تَعَجَّلَ فِي يَوْمَيْنِ فَلَا إِثْمَ عَلَيْهِ وَمَنْ تَأَخَّرَ فَلَا إِثْمَ عَلَيْهِ “.

 

جاء في تحفة الأحوذي 814 :

قَوْلُهُ : (عَنْ عَبْدِ الرَّحْمَنِ بْنِ يَعْمَرَ) بِفَتْحِ التَّحْتَانِيَّةِ وَسُكُونِ الْعَيْنِ الْمُهْمَلَةِ وَفَتْحِ الْمِيمِ وَيُضَمُّ غَيْرُ مُنْصَرِفٍ قَالَ الْحَافِظُ : صَحَابِيٌّ نَزَلَ بِالْكُوفَةِ وَيُقَالُ مَاتَ بِخُرَاسَانَ .

قَوْلُهُ : (فَسَأَلُوهُ): وَفِي رِوَايَةِ أَبِي دَاوُدَ: فَجَاءَ نَاسٌ أَوْ نَفَرٌ مِنْ أَهْلِ نَجْدٍ فَأَمَرُوا رَجُلًا فَنَادَى رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ كَيْفَ الْحَجُّ.

(الْحَجُّ عَرَفَةُ) : أَيْ الْحَجُّ الصَّحِيحُ حَجُّ مِنْ أَدْرَكَ يَوْمَ عَرَفَةَ قَالَهُ الشَّوْكَانِيُّ.

وَقَالَ الشَّيْخُ عِزُّ الدِّينِ عَبْدُ السَّلَامِ: تَقْدِيرُهُ إِدْرَاكُ الْحَجِّ وُقُوفُ عَرَفَةَ.

وَقَالَ الْقَارِي فِي الْمِرْقَاةِ: أَيْ مِلَاكُ الْحَجِّ وَمُعْظَمُ أَرْكَانِهِ وُقُوفُ عَرَفَةَ لِأَنَّهُ يَفُوتُ بِفَوَاتِهِ.

(مَنْ جَاءَ لَيْلَةَ جَمْعٍ): أَيْ لَيْلَةَ الْمَبِيتِ بِالْمُزْدَلِفَةِ وَهِيَ لَيْلَةُ الْعِيدِ.

(قَبْلَ طُلُوعِ الْفَجْرِ): أَيْ فَجْرِ يَوْمِ النَّحْرِ، أَيْ مَنْ جَاءَ عَرَفَةَ وَوَقَفَ فِيهَا لَيْلَةَ الْمُزْدَلِفَةِ قَبْلَ طُلُوعِ فَجْرِ يَوْمِ النَّحْرِ.

وَأَوْرَدَ صَاحِبُ الْمِشْكَاةِ هَذَا الْحَدِيثَ بِلَفْظِ : مَنْ أَدْرَكَ عَرَفَةَ لَيْلَةَ جَمْعٍ قَبْل طُلُوعِ الْفَجْرِ.

فَقَدْ أَدْرَكَ الْحَجَّ ) : أَيْ لَمْ يَفُتْهُ وَأَمِنَ مِنْ الْفَسَادِ، وَفِيهِ رَدٌّ عَلَى مَنْ زَعَمَ أَنَّ الْوُقُوفَ يَفُوتُ بِغُرُوبِ الشَّمْسِ يَوْمَ عَرَفَةَ وَمَنْ زَعَمَ أَنَّ وَقْتَهُ يَمْتَدُّ إِلَى مَا بَعْدَ الْفَجْرِ إِلَى طُلُوعِ الشَّمْسِ فَظَاهِرُهُ أَنَّهُ يَكْفِي الْوُقُوفُ فِي جُزْءٍ مِنْ أَرْضِ عَرَفَةَ وَلَوْ فِي لَحْظَةٍ لَطِيفَةٍ فِي هَذَا الْوَقْتِ، وَبِهِ قَالَ الْجُمْهُورُ.

وَحَكَى النَّوَوِيُّ قَوْلًا أَنَّهُ لَا يَكْفِي الْوُقُوفُ لَيْلًا وَمَنْ اِقْتَصَرَ عَلَيْهِ فَقَدْ فَاتَهُ الْحَجُّ، وَالْأَحَادِيثُ الصَّحِيحَةُ تَرُدُّهُ.

(أَيَّامُ مِنًى ثَلَاثَةٌ): مُبْتَدَأٌ وَخَبَرٌ يَعْنِي أَيَّامَ مِنًى ثَلَاثَةُ أَيَّامٍ وَهِيَ الْأَيَّامُ الْمَعْدُودَاتُ وَأَيَّامُ التَّشْرِيقِ وَأَيَّامُ رَمْيِ الْجِمَارِ، وَهِيَ الثَّلَاثَةُ الَّتِي بَعْدَ يَوْمِ النَّحْرِ وَلَيْسَ يَوْمُ النَّحْرِ مِنْهُمْ، لِإِجْمَاعِ النَّاسِ عَلَى أَنَّهُ لَا يَجُوزُ النَّفْرُ يَوْمَ ثَانِي النَّحْرِ، وَلَوْ كَانَ يَوْمُ الْنَّحْرِ مِنْ الثَّلَاثَةِ لَجَازَ أَنْ يَنْفِرَ مَنْ شَاءَ فِي ثَانِيهِ.

(فَمَنْ تَعَجَّلَ فِي يَوْمَيْنِ): أَيْ مِنْ أَيَّامِ التَّشْرِيقِ فَنَفَرَ فِي الْيَوْمِ الثَّانِي مِنْهَا.

(فَلَا إِثْمَ عَلَيْهِ) فِي تَعْجِيلِهِ، (وَمَنْ تَأَخَّرَ) أَيْ عَنْ النفر فِي الْيَوْمِ الثَّانِي مِنْ أَيَّامِ التَّشْرِيقِ إِلَى الْيَوْمِ الثَّالِثِ ( فَلَا إِثْمَ عَلَيْهِ ) فِي تَأْخِيرِه.

 

يوم عرفة من أيام الله, خصَّه تعالى بكثير من أفضاله, ففيه نزلت آية إكمال الله تعالى دينه لعباده المؤمنين وإتمام نعمته عليهم، روى البخاري عن طارق بن شهاب قال : ” جاء يهودي إلى عمر بن الخطاب فقال: يا أمير المؤمنين آية تقرؤونها في كتابكم، لو علينا معشر اليهود نزلت ونعلم ذلك اليوم الذي نزلت فيه لاتخذناه عيدا، قال: أي آية ؟ قال:{ الْيَوْمَ أَكْمَلْتُ لَكُمْ دِينَكُمْ وَأَتْمَمْتُ عَلَيْكُمْ نِعْمَتِي وَرَضِيتُ لَكُمُ الإِسْلامَ دِيناً } [ المائدة 3 ] فقال عمر بن الخطاب: إني لأعلم اليوم الذي نزلت فيه والمكان الذي نزلت فيه، نزلت على رسول الله صلى الله عليه وسلم بعرفة يوم جمعة ونحن واقفون معه بعرفة “.

 

وصوم يومه لغير الحاجّ مُكَفِّرٌ للذنوب: روى ابن أبي شيبة في مصنفه عن أبي قتادة قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم:” صوم عرفة كفارة سنتين سنة ماضية وسنة مستقبلة “.

أما الوقوف فيه فشعيرة من شعائر الحج بل أهم شعائر الحج، بل هو الحج….فيه يجتمع الحجيج القادمون من كل حدب وصوب على صعيد واحد صعيد عرفة, يتوجهون إلى فاطر السموات والأرض, يلبون ويذكرون ويدعونه تعالى ويتضرعون إليه أن يقبل حجهم ويغفر ذنوبهم، وما شاء لهم الله من الدعاء … إنه يوم الفضل والمنة، فيه تستجاب الدعوات وتغفر الذنوب والزلات, فيه يرحمُ اللهُ أهل عرفة ويباهي بهم ملائكته، قال صلى الله عليه وسلم:” إن اللهَ تعالى يدنو عشيةَ عرفةَ ويباهي الملائكةَ بأهلِ عرفةَ “.

 

فلنتوجه إلى الله تعالى في هذا اليوم العظيم والموقف المهيب ونتضرع إليه سبحانه أن يرفع مقته وغضبه عنا، وأن يمُّن علينا بالنصر المبين, وأن يرفع عن إخوتنا في سوريا ما بهم من ضر وقتل وذبح وتنكيل، ويدمر المجرم بشار وأعوانه ومن وراءهم من أعداء الدين، وأن يمن علينا بأنصار كأنصار رسوله الكريم لنقيم دولة الحق دولة الخلافة حامية حمى الإسلام والمسلمين وليتوحد دعاؤنا حجاجا ومقيمين، لعله يلقى ساعة إجابة من رب رحيم، تغير حال المسلمين والبشرية أجمعين.

 

سبحانك اللهم ما أكرمك وما أرحمك وما أحلمك، لا نحصي ثناء عليك، أنت كما أثنيت على نفسك, لا إله إلا أنت، نستغفرك ونتوب إليك.

 

احبتنا الكرام، وإلى حين أن نلقاكم مع حديث نبوي آخر، نترككم في رعاية الله، والسلام عليكم ورحمة الله وبركاته.