Take a fresh look at your lifestyle.

خبر وتعليق إعادة انتخاب أوباما والعالم الإسلامي

 

أنفقت أمريكا 6 مليارات دولار على الانتخابات الأمريكية والتي تعد الأكثر كلفة في تاريخ الولايات المتحدة لإعادة انتخاب الرجل الذي سيعطيهم مزيدا من الشيء نفسه، فعلى الرغم من خطاب “التغيير” أو خطاب “إلى الأمام” فإنّه فعلا لم يتغير شيء، وقد حاول أوباما خلال خطاب الفوز قصارى جهده لإخفاء سوء الوضع الراهن، ولكن الواقع في نهاية المطاف بؤس في حياة الناس. فانخفاض في سوق الأسهم أوجد عند الرأي العام الأمريكي القناعة بأنّ الكابوس الذي عاشوا فيه على مدى السنوات الأربع الماضية باق ولن يذهب، والاقتصاد في حالة من الفوضى، والشلل في الحكومة الأمريكية سيد الموقف، فالأمريكيون منقسمون، والسياسة الخارجية تسير كالمعتاد.

وبالنسبة للعالم الإسلامي فإنّ السياسة الخارجية الأمريكية هو شغلها الشاغل، ولكن مرة أخرى فإنّه لن يكون هناك تغيير فيها، والعديد من حكام العالم الإسلامي رحبوا بإعادة انتخاب أوباما لأنهم يعتقدون بأنّ أمريكا ستستمر في دعمهم وحمايتهم، على النقيض من عامة المسلمين الذين يرون في أوباما سلفه بوش الصليبي، ويمكن القول أنّ كثيرا من المسلمين لا يفرقون بين الديمقراطيين والجمهوريين، فكلاهما حريص على إشعال الحروب وسفك دماء المسلمين من أجل حماية المصالح الأمريكية.

منذ سبتمبر 2001، وأمريكا في حالة حرب مع العالم الإسلامي، حيث كانت أفغانستان أولا، فالعراق ثانيا، حيث كانت بؤرة الحملة الصليبية الجديدة وتوسيع الغزوات بسرعة في عهد أوباما من خلال الطائرات بدون طيار في باكستان واليمن والصومال، وانتهت فترة ولايته الأولى بدعم قوي لحكومة ميانمار المسئولة عن ذبح المسلمين الروهينجا على نطاق لم يسبق له مثيل، والدعم السري للأسد لارتكاب الجرائم والدمار على نطاق واسع في سوريا، فهل ستنتهي ولاية أوباما الثانية بشكل مختلف؟!

من غير المحتمل، في ضوء تحدي الجماهير عبر العديد من الانتفاضات، وأبرزها من سوريا، للهيمنة الأمريكية في العالم العربي وعلى نطاق أوسع الإسلامي، والدرس الأهم من هذه الثورات هو أنّ الجماهير المسلمة تطالب بتطبيق الإسلام في حياتهم السياسية، ولمواجهة هذا التهديد الوجودي للنفوذ الأمريكي فقد فرض على أمريكا بذل جهود جبارة في العالم الإسلامي، وإلا فإنها تتعرض لخطر فقدان مصالحها.

إنّ مسألة التخلص من أمريكا الآن هو الهاجس الرئيس في العالم الإسلامي، هذا ومن المرجح أن يزداد مع فترة حكم أوباما الثانية ودخول المزيد من البلدان الإسلامية في هذه الثورات، إلا أنّ بعض المسلمين يعتقدون خطأ أنّ الطريق للتخلص من أمريكا هو من خلال الانتخابات الديمقراطية، وآخرون يعتقدون مخطئين أنّ قتال الأنظمة التي تدعمها أمريكا وسيلة للتحرر، ولكن هذه الأساليب قد فشلت كلها في الماضي وستفشل في المستقبل، فالثورات العربية أثبتت بوضوح أنّ أمريكا تستخدم الجيوش للسيطرة على نتائج الانتخابات الديمقراطية وعلى الجهاديين، وبالتالي فإنّ العامل الحقيقي للتغيير هي جيوش العالم الإسلامي ولا شيء غير ذلك، فإذا كان المسلمون يريدون حقا إحداث التغيير الدائم في حياتهم السياسية فإنّ عليهم كسب الجيوش الموالية لأمريكا والقوى الغربية الأخرى من خلال تغيير ولائهم.

ولكن هذا ليس سوى جزءٍ من الحل، والجزء الآخر هو الرؤية السياسية، فمعظم إن لم تكن جميع الرؤى السياسية المتجذرة في العالم الإسلامي هي في التفكير بالدولة الوطنية، فالرؤية التي ينادي بها أولئك الذين يعلنون عن تقديم البديل الإسلامي هي أقرب إلى الدولة العلمانية مع بعض القشور الإسلامية وتبني سياسة أجنبية، وهذا هو بالضبط ما تسعى إليه أمريكا في تونس ومصر وفي أماكن أخرى، ولكن الرؤية السياسية الوحيدة التي يمكن أن تحرر العالم الإسلامي من التبعية للقوى الاستعمارية هي الخلافة، لذلك فإنّ على المسلمين في جميع أنحاء العالم الإسلامي أن يتبنوا هذه الرؤية والطلب من القوات المسلحة نصرة هذه الرؤية، وإلا فإنّه في عام 2017 سيظل العالم الإسلامي مكبلا بالهيمنة الأمريكية والغربية.

 

عابد مصطفى