خبر وتعليق ما بين أطفال الشام وأطفال أمريكا
منذ أكثر من 21 شهراً يقوم بشار الأسد ونظامه بقتل ممنهج لشعب أعزل يتقصد فيه الأطفال بشكل خاص، فقد سمع الناجون من مجزرة الحولة جندياً يسأل رئيسه “والأولاد سيدي؟” فرد عليه: “الأولاد قبل الكبار.. هدول قتلهم أهم..” وقد اعترف أحد المنشقين من المخابرات الجوية أن تعليمات الجنود في درعا كانت بشكل خاص اعتقال وتعذيب وقتل الأطفال دون الاهتمام بأعمارهم، أي حتى الأطفال الصغار جدا. وقد رصدت عدسات الثوار صوراً لرضّع تم قنصهم في أحضان أمهاتهم علماً بأن القناص يرى بوضوح من يصيب وكيف وأين بالضبط. وقد وصل عدد ضحايا ثورة الشام من الأطفال حتى 14/12/2012 إلى 3823، عدد مهول لا يُصدّق!! بل إن العدد الحقيقي أكثر من ذلك بكثير حيث إن هذا العدد هو الأرقام الموثقة فقط.
بالأمس قام شاب أمريكي بفتح النار على مدرسة قتل فيها 27 طفلاً، فبكتهم أمريكا كلها وعبّر رئيسها “الرقيق” باراك أوباما عن حزنه الشديد على براءة الأطفال التي ذُبحت وعلى أهاليهم الذين لن يستطيعوا بعد اليوم ضمهم في أحضانهم، وذرفت عينه أمام الناس أثناء كلمته.
إن كنا نتحدث فقط عن الأطفال، فنحن نتحدث عن براءة بعيدة عن الجنسية وعن الأرض وعن الموطن، فلماذا يبكي أوباما أطفالاً في مكان ويقتل أطفالاً في مكان آخر؟
إن أطفال أمريكا ليسوا هم فقط من لهم أمهات وآباء سيفتقدونهم، بل إن أطفال الشام سواء في فلسطين أم في سوريا لهم آباء وأمهات أشد حرصاً على ضم أبنائهم وأكثر حباً لأولادهم من أولئك في أمريكا. ففي أمريكا يترك الابن أهله فور وصوله لسن البلوغ القانوني، بل ويقاطعهم وأحياناً يقتلهم ليرثهم أو ليرتاح منهم. بينما أطفال المسلمين يبقون ما بقوا في الحياة مع أهاليهم، ويحسنون صحبتهم ويكونون عوناً وسنداً لهم عند كبرهم، قال تعالى: { وَقَضَى رَبُّك أَلَّا تَعْبُدُوا إلَّا إيَّاهُ وَبِالْوَالِدَيْنِ إِحْسَانًا إِمَّا يَبْلُغَنَّ عِنْدَكَ الْكِبَرَ أَحَدُهُمَا أَوْ كِلَاهُمَا فَلَا تَقُلْ لَهُمَا أُفٍّ وَلَا تَنْهَرْهُمَا وَقُلْ لَهُمَا قَوْلًا كَرِيمًا وَاخْفِضْ لَهُمَا جَنَاحَ الذُّلِّ مِنَ الرَّحْمَةِ وَقُلْ رَبِّ ارْحَمْهُمَا كَمَا رَبَّيَانِي صَغِيرًا }.
لم يعد عند مسلم واعٍ شكٌّ بأن الولايات المتحدة الأمريكية، وهي التي أتت وثبتت ودعمت الأسد، أنها هي من مدته وما زالت ليس فقط بأسباب البقاء بل وهي التي تدير “المعركة” بين النظام والشعب الثائر، فانكفأت في تصريحاتها ومواقفها إلى الحد الأدنى من الهجوم على المذابح والمجازر اليومية التي تتم، بل إن الإعلام الأمريكي كان وما زال يقوم بتعتيم مقيت لما يجري في سوريا، تماما كما في القضية الفلسطينية، كل هذا كي يصل لمثل هذا اليوم الذي يأتي فيه بمثل معاذ الخطيب يلقنه دروساً في العمالة والخضوع والخنوع لأسياد بشار، كي يسلمه مكانه.
أما الأطفال وما يجري فيهم فليس في قاموس سياسة أمريكا ورئيسها مكان للعواطف، هكذا يقولون، بل إن قوانينهم كلها لا تحمي المغفلين، كما يؤكدون، والمغفلون هم الناس العاديون الذين لم يدرسوا في كليات الحقوق كي يفهموا القوانين الوضعية المقيتة التي تقوم أساساً على الظلم. فإن حَزِنَ أو بكى أوباما على حفنة من أطفال بينما يقتل في الجهة الأخرى آلافاً منهم في الشام، فإن هذا لا يعدو عن موقف سياسي أملاه عليه منصبه، تماماً كما يضع يده المجرمة على قلبه الأسود حين يسمع النشيد الوطني لأمريكا، حركة بلهاء الهدف منها الاستخفاف بعقول البسطاء ليس إلا.
فهلا فهم المسلمون اليوم أكثر من أي وقت مضى أنه لا بد لدولة قوية من أن تتشكل كي تقف في وجه السَّفَهِ السياسي الذي تمثله الولايات المتحدة الأمريكية ورئيسها؟ ومن يستطيع ذلك إلا دولة الخلافة الإسلامية القادمة والقائمة في الشام قريباً بإذن الله.
هشام البابا – رئيس المكتب الإعلامي لحزب التحرير في سوريا