أمريكا وأحلافها يسابقون الزمن بإعداد الائتلاف للحكم ودعمه بالمبادرات الدولية وذلك خشية أن تسبقهم إلى عقر دار الإسلام الخلافةُ الإسلامية
تصاعدت هذه الأيام بشكل لافت للنظر المبادراتُ السياسية لحل الأزمة السورية، وكان آخرها مبادرة أردوغان التي تناقلتها وسائل الإعلام يومي 17، و18/12/2012، ولا زالت، ما يدل على أن الدوائر السياسية قد أخذتها مأخذ الجد، وما يزيد درجة الجد هذه أن موسكو التي اشتهرت بوقوفها بجانب النظام السوري بقوة قد اعتبرتها “مبتكرة” ولم ترفضها كعهدها كل مرة! وأبرز ما في الخطة “أن يتنحى بشار عن السلطة في الأشهر الثلاثة الأولى من العام 2013 وتسليم السلطة في المرحلة الانتقالية إلى الائتلاف الوطني…”. وما زاد درجة الجد كذلك هو تصريح الشرع نائب الرئيس السوري في مقابلة مع الأخبار اللبنانية كان قد أجراها في 15/12/2012، ونشرتها وسائل الإعلام في 17/12/2012، وقد قال في تصريحه: “إنه يجب الدفاع عن وجود سوريا وليس شن معركة من أجل شخص أو نظام”، وحيث إن أمريكا هي راعية النظام ورموزه فلا يصرح الشرع هذا التصريح دون ضوء أخضر من أمريكا، ما يدل على تلاقي هذا التصريح مع مبادرة أردوغان بالتخطيط القريب لتسليم الحكم للائتلاف، وقد يكون فيه للشرع نصيب…!
إن كل هذه المؤشرات لتدل على درجة أكبر من الجد تُعطى للمبادرات الحالية، وبخاصة مبادرة أردوغان، وقد هيأت أمريكا وأحلافها الأجواء لهذه المبادرات منذ أنتج مصنعُ السفير الأمريكي فورد الائتلافَ في 11/11/2012… فمنذ ذلك الوقت وأمريكا وأحلافها يغذُّون الخُطا لتهيئة الأجواء للائتلاف بالمساعدات…، والاعترافات، حيث اعترفت أمريكا به سراً منذ أنشأته، وعلناً في 12/12/2012 عشية مؤتمر مراكش لتتبعها يوم انعقاده 13/12/2012 اعترافاتُ الدول المجتمعة التي تفوق المئة! وكأنهم كانوا ينتظرون الإذن من أمريكا ليفعلوا! وكل هذا من أجل أن يكون الائتلاف هو العميل البديل اللاحق للعميل بشار السابق! حيث أوشك الأخير على استنفاد دوره، فيلقون به إلى مهاوي الردى كما فعلوا بأشياعه من قبل ( وَكَذَلِكَ نُوَلِّي بَعْضَ الظَّالِمِينَ بَعْضًا بِمَا كَانُوا يَكْسِبُونَ )، هكذا هم العملاء الذين يخونون الله ورسوله والمؤمنين طمعاً في متاع يلقيه إليهم أسيادهم، أو أملاً بوعدٍ يُمنّونهم به، كما يعد الشيطان أتباعه ويمنيهم ( يَعِدُهُمْ وَيُمَنِّيهِمْ وَمَا يَعِدُهُمُ الشَّيْطَانُ إِلَّا غُرُورًا )
إن أمريكا هي وراء تلك المبادرات، فأردوغان ونظامه هو الخط الأمامي للسياسة الأمريكية في سوريا، منذ المجلس الوطني في 2/10/2011 إلى الائتلاف الوطني في 11/11/2012 إلى مجلس أنطاليا العسكري في 8/12/2012 إلى أخوات هذه المجالس والائتلافات! لكن الذي يقض مضاجع أمريكا وأحلافها هو إدراكهم أن ليس للائتلاف أو لمجالسها التي تصنعها في الخارج الإسنادُ الشعبي اللازم في الداخل، لا من الناس الذين يرفعون راية الرسول صلى الله عليه وسلم، ولا من الثوار الصادقين المدافعين عن الناس في وجه النظام الآيل للسقوط… ولذلك فليس من المستبعد أن تعمد أمريكا إلى استصدار قرار من مجلس الأمن بقوات دولية تحمي الائتلاف بعد نقل سلطة بشار إليه، وليس مستبعداً كذلك أن تكون من مقدمات ذلك القرار أحاديثُ السلاح الكيماوي، وإثارةُ معالجة المشاكل الأمنية بعد بشار، وضجيجُ نصب الباتريوت، واتهامُ بعض الحركات الإسلامية في سوريا بالإرهاب، مع أن أمريكا هي أم الإرهاب في العالم!
أيها المسلمون، أيها الثوار الصادقون: إن دماءكم التي سُفكت وتضحياتكم التي بذلت لا يصح أن تضيع سدى، فتكون النتيجة أن يستمر تطبيق النظام الجمهوري العلماني الديمقراطي المدني مهما تعددت مُسمياته، فهو تشريع من صنع البشر، وهو سبب البلاء والشقاء في بلاد المسلمين حيث حلَّ… فلا تمكنوا أمريكا وأحلافها وائتلافها من تحقيق أمانيِّهم الشيطانية في بلاد الشام عقر دار الإسلام، وبخاصة وقد أوشك النصر أن يهل هلالُه، ولا يُخشى بإذن الله زوالُه، وها هي جحافلكم تتقدم، وزمرة بشار وأعوانه تتقهقر، والنصر مع الصبر… وإنكم وقد حملتم أرواحكم على راحاتكم، لجدير بكم أن لا تضعوها إلا حيث عز الدنيا والآخرة، فكيف لأرض الشام أن تساس على غير الإسلام ( أَفَحُكْمَ الْجَاهِلِيَّةِ يَبْغُونَ وَمَنْ أَحْسَنُ مِنَ اللَّهِ حُكْمًا لِقَوْمٍ يُوقِنُونَ ) وكيف لأهل الشام أن ينشدوا الأمن والأمان، والهدى والاطمئنان في غير نظام الإسلام؟ ( فَمَنِ اتَّبَعَ هُدَايَ فَلَا يَضِلُّ وَلَا يَشْقَى * وَمَنْ أَعْرَضَ عَنْ ذِكْرِي فَإِنَّ لَهُ مَعِيشَةً ضَنْكًا ).
أيها المسلمون، أيها الثوار الصادقون: إنما هو أحد فسطاطين: فُسْطَاطِ إِيمَانٍ لَا نِفَاقَ فِيهِ، وَفُسْطَاطِ نِفَاقٍ لَا إِيمَانَ فِيهِ، فلا تمكنوا فسطاط النفاق، فسطاط الكفار المستعمرين وعملائهم، من أن ينجحوا في تنصيب الائتلاف بحكم جمهوري ديمقراطي علماني على رقابكم لأنكم عندها ستكونون عدتم إلى النظام الذي خرجتم عليه، ولم يكن الأمر إلا وجوهاً طُليت بمساحيق للتجميل، وعميلاً استبدل بعميل… وعندها ستلقون من الظلم والشقاء ما كنتم تحذرون، وستشكوكم دماؤكم إلى بارئها، وتخاصمكم تضحياتكم إلى من لا يُظلم أحدٌ عنده، فتخسرون وتندمون حيث لا ينفع الندم، وتكونون كالتي نقضت غزلها من بعد قوة أنكاثا!
فابذلوا الوسع على أن ينجح فسطاط الإيمان، فسطاط العاملين للخلافة، فسطاط الصدق والإخلاص، فسطاط العزة ( وَلِلَّهِ الْعِزَّةُ وَلِرَسُولِهِ وَلِلْمُؤْمِنِينَ وَلَكِنَّ الْمُنَافِقِينَ لَا يَعْلَمُونَ )، فسطاط خير أمة أخرجت للناس…
أيها المسلمون، أيها الثوار الصادقون: إن حزب التحرير منكم ومعكم، وهو يمد يده طالباً النصرة من كل مخلص صاحب قوة لإقامة الخلافة الراشدة الثانية بعد هذا الحكم الجبري، كما بشر بذلك رسول الله صلى الله عليه وسلم «…ثُمَّ تَكُونُ جَبْرِيَّةً، فَتَكُونُ مَا شَاءَ اللَّهُ أَنْ تَكُونَ، ثُمَّ يَرْفَعُهَا إِذَا شَاءَ أَنْ يَرْفَعَهَا، ثُمَّ تَكُونُ خِلَافَةٌ عَلَى مِنْهَاجِ النُّبُوَّةِ»، أخرجه أحمد والطيالسي، وأنتم أصحاب قوة، فانصروا الإسلام وأهله، انصروا العاملين للخلافة، وكونوا كالأنصار الذين نصروا الله سبحانه ورسوله صلى الله عليه وسلم ، فرضي الله عنهم ورضوا عنه، واهتز عرش الرحمن لموت سيدهم سعد بن معاذ، وسارت الملائكة في جنازته، وكل ذلك إكراماً لهذا العمل العظيم الذي قام به سعد وقومه: نصرةً للهِ ورسوله والمؤمنين لإقامة حكم الإسلام.
إن الرائد يا أهل الشام لا يكذب أهله، وإن حزب التحرير هو يبشركم وينذركم: يبشركم بقوله تعالى: ( يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا إِنْ تَنْصُرُوا اللَّهَ يَنْصُرْكُمْ وَيُثَبِّتْ أَقْدَامَكُمْ )، وينذركم بقول القوي العزيز: ( وَلَا تَرْكَنُوا إِلَى الَّذِينَ ظَلَمُوا فَتَمَسَّكُمُ النَّارُ وَمَا لَكُمْ مِنْ دُونِ اللَّهِ مِنْ أَوْلِيَاءَ ثُمَّ لَا تُنْصَرُونَ )، فعاهدوا الله عليهما، وكونوا من الصادقين، والله معكم ولن يتركم أعمالكم.