Take a fresh look at your lifestyle.

مع الحديث الشريف باب ومن سورة البقرة

 

نحييكم جميعا أيها الأحبة في كل مكان، في حلقة جديدة من برنامجكم “مع الحديث الشريف” ونبدأ بخير تحية، فالسلام عليكم ورحمة الله وبركاته

جاء في تحفة الأحوذي، في شرح جامع الترمذي “بتصرف” في ” باب ومن سورة البقرة “، حدثنا محمد بن بشار حدثنا يحيى بن سعيد وابن أبي عدي ومحمد بن جعفر وعبد الوهاب قالوا: حدثنا عوف بن أبي جميلة الأعرابي عن قسامة بن زهير عن أبي موسى الأشعري قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم:” إن الله تعالى خلق آدم من قبضة قبضها من جميع الأرض فجاء بنو آدم على قدر الأرض فجاء منهم الأحمر والأبيض والأسود وبين ذلك والسهل والحزن والخبيث والطيب”، قال أبو عيسى هذا حديث حسن صحيح.

قوله: ( إن الله خلق آدم من قبضة ) بالضم ملء الكف وربما جاء بفتح القاف، ومن ابتدائية متعلقة بخلق، أو بيانية حال من آدم، ( قبضها ) أي أمر الملك بقبضها، ( من جميع الأرض ) يعني وجهها، ( فجاء بنو آدم على قدر الأرض ) أي مبلغها من الألوان والطباع، ( فجاء منهم الأحمر والأبيض والأسود ) بحسب ترابهم ، وهذه الثلاثة هي أصول الألوان وما عداها مركب منها وهو المراد بقوله ( وبين ذلك ) أي بين الأحمر والأبيض والأسود باعتبار أجزاء أرضه، ( والسهل ) أي ومنهم السهل، أي اللين، ( والحزن ) بفتح الحاء وسكون الزاي، أي الغليظ ( والخبيث ) أي خبيث الخصال، ( والطيب ) على طبع أرضهم، وكل ذلك بتقدير الله تعالى لونا وطبعا وخلقا. قال الطيبي: لما كانت الأوصاف الأربعة ظاهرة في الإنسان والأرض أجريت على حقيقتها وأولت الأربعة الأخيرة لأنها من الأخلاق الباطنة، فإن المعني بالسهل الرفق واللين. وبالحزن الخرق والعنف، وبالطيب الذي يعني به الأرض العذبة المؤمن الذي هو نفع كله، وبالخبيث الذي يراد به الأرض السبخة الكافر الذي هو ضر كله.

هذا هو واقع الخلق، خلق الإنسان من طين من جميع الأرض، فكان الأحمر والأبيض والأسود من الناس، وكان السهل والهين، والصعب والحزن والخبيث والطيب. إلا أن الله تعالى لم يترك الناس لتعيش وفق هذه الطباع التي جُبلت عليها؛ بل ألزمها بقواعد وقوانين من خلال منهاج قويم، إن سارت عليه سعدت وأفلحت في الدنيا والآخرة، وإن خالفته شقيت وتعست وكان عاقبة أمرها عُسرا وخسرا. وعلى هذه القاعدة يُحاسب الإنسان، لا على أساس اللون الأحمر أو الأبيض أو الجمال أو زُرقة العيون واتساعها، أو الحسب والنسب أو غير ذلك، وقد أجمل لنا الله سبحانه وتعالى- هذا الأمر بقوله عز من قائل: ” إن أكرمكم عند الله أتقاكم “.

فلمن لم يدرك بعد من المسلمين هذه القاعدة في التعامل، فعليه أن يسارع من فوره لإدراكها والتلبس بها، فهي أساس لا يُستهان به في التعامل، حيث إن الدين هو المعاملة كما قال عليه الصلاة والسلام: ” الدين المعاملة “.

أحبتنا الكرام، وإلى حين أن نلقاكم مع حديث نبوي آخر، نترككم في رعاية الله، والسلام عليكم ورحمة الله وبركاته.