Take a fresh look at your lifestyle.

مع الحديث الشريف أبواب الخير والعمل الصالح

الحمد لله الذي يقول الحق وهو يهدي السبيل، والصلاة والسلام على نبينا محمد خاتم النبيين وإمام المرسلين، جدد الله به رسالة السماء، وأحيا ببعثته سنة الأنبياء، ونشر بدعوته آيات الهداية، وأتم به مكارم الأخلاق وعلى آله وأصحابه، الذين فقههم الله في دينه، فدعوا إلى سبيل ربهم بالحكمة والموعظة الحسنة، فهدى الله بهم العباد، وفتح على أيديهم البلاد، وجعلهم أمة يهدون بالحق إلى الحق تحقيقاً لسابق وعده: { وَعَدَ اللَّهُ الَّذِينَ آمَنُوا مِنْكُمْ وَعَمِلُوا الصَّالِحَاتِ لَيَسْتَخْلِفَنَّهُم فِي الأَرْضِ كَمَا اسْتَخْلَفَ الَّذِينَ مِنْ قَبْلِهِمْ وَلَيُمَكِّنَنَّ لَهُمْ دِينَهُمْ الَّذِي ارْتَضَى لَهُمْ وَلَيُبَدِّلَنَّهُمْ مِنْ بَعْدِ خَوْفِهِمْ أَمْناً يَعْبُدُونَنِي لا يُشْرِكُونَ بِي شَيْئاً وَمَنْ كَفَرَ بَعْدَ ذَلِكَ فَأُوْلَئِكَ هُمْ الْفَاسِقُونَ }.

 

كما تعودنا كل أسبوع نلتقي على مائدة عظيمة مليئة بالخير والكلام الطيب هي سلسلة عظيمة عاهدنا أنفسنا على بذل الغالي والنفيس لنتفيأ ظلالها نستقي منها العبر والدروس لتكون منارة لنا في طريق الخير والعمل الصالح.

 

عن معاذ بن جبل رضي الله عنه قال: قلت يا رسول الله أخبرني بعمل يدخلني الجنة ويباعدني عن النار؟ قال: لقد سألت عن عظيم وإنه ليسير على من يسره الله تعالى عليه، تعبد الله ولا تشرك به شيئاً وتقيم الصلاة وتؤتي الزكاة وتصوم رمضان وتحج البيت، ثم قال: ألا أدلك على أبواب الخير؟ الصوم جُنة والصدقة تطفئ الخطيئة كما يطفئ الماء النار، وصلاة الرجل في جوف الليل ثم تلا:” تَتَجَافَى جُنُوبُهُمْ عَنِ الْمَضَاجِعِ يَدْعُونَ رَبَّهُمْ خَوْفًا وَطَمَعًا وَمِمَّا رَزَقْنَاهُمْ يُنْفِقُون*فَلَا تَعْلَمُ نَفْسٌ مَا أُخْفِيَ لَهُمْ مِنْ قُرَّةِ أَعْيُنٍ جَزَاءً بِمَا كَانُوا يَعْمَلُونََ” [السجدة 16-17] ثم قال ألا أخبرك برأس الأمر وعموده وذروة سنامه؟ قلت: بلى، يا رسول الله قال: “رأسٍ الأمر الإسلام وعموده الصلاة وذروة سنامه الجهاد ” ثم قال: ألا أخبرك بملاك ذلك كله؟ قلت: بلى يا رسول الله، فأخذ بلسانه وقال: كف عليك هذا، فقلت: يا نبي الله، وإنا لمؤاخذون بما نتكلم به؟! فقال: ثكلتك أمك، وهل يكب الناس في النار على وجوههم، أو قال:على مناخرهم إلا حصائد ألسنتهم ؟! ” رواه الترمذي وقال: حديث حسن صحيح.

 

قوله: (أخبرني بعمل يدخلني الجنة ويباعدني عن النار): الجنة هي الدار التي أعدها الله عز وجل لعباده المتقين، فيها ما لا عين رأت ولا أذن سمعت ولا خطر على قلب بشر، والنار هي الدار التي أعدها الله عز وجل للكافرين، وفيها من العذاب الشديد ما هو معلوم في الكتاب والسنة، سأل عن هذا الأمر لأنه أهم شيء عنده رضي الله عنه وينبغي لكل مؤمن أن يكون هذا أهم شيء عنده، أن يدخل الجنة ويباعد عن النار.

 

وهذا هو غاية الفوز لقوله تعالى: (فَمَنْ زُحْزِحَ عَنِ النَّارِ وَأُدْخِلَ الْجَنَّةَ فَقَدْ فَازَ وَمَا الْحَيَاةُ الدُّنْيَا إِلَّا مَتَاعُ الْغُرُورِ) آل عمران 185- فقال النبي صلى الله عليه وسلم: (لقد سألت عن عظيم) أي شيء ذو عظمة وهو الفوز بالجنة والنجاة من النار، ولكنه قال: وإنه ليسير على من يسره الله تعالى عليه، ويحتمل أن يكون قوله: (عن عظيم) أي عن العمل الذي يدخله الجنة ويباعده عن النار، وإنه – أي ذلك العمل – ليسير على من يسره الله تعالى عليه: أي سهل على من سهله الله عليه، ثم فصل له ذلك بقوله: تعبد الله ولا تشرك به شيئاً، وعبادة الله سبحانه وتعالى هي القيام بطاعته امتثالاً لأمره واجتناباً لنهيه مخلصاً له.

والأمر الثاني: تقيم الصلاة ومعنى إقامتها أي أن تأتي بها مستقيمة تامة الأركان والواجبات والشروط وتكميلها.الأمر الثالث: -وتؤتي الزكاة – وهي المال الذي أوجبه الله عز وجل يخرجه الإنسان من أموال معينة بشروط معروفة إلى أهلها المستحقين لها، الأمر الرابع:تصوم رمضان، والأمر الخامس: تحج البيت .ثم أخبره النبي عن أعمال أخرى إذا قام بها نال الأجر والثواب من الله سبحانه وتعالى وهي (الصدقة) فهي تطفئ الخطيئة كما يطفئ الماء النار، أي تزيل الذنوب وتمحوها بإذنه تعالى، و (صلاة الرجل في جوف الليل) ثم قال صلى الله عليه وسلم: ألا أخبرك برأس الأمر وعموده وذروة سنامه؟  قلت بلى يا رسول الله ،قال: رأس الأمر الإسلام – الأمر يعني الشأن الذي هو أعظم الشؤون، ورأسه الإسلام يعلو ولا يعلى عليه، وبالإسلام يعلو الإنسان على شرار عباد الله من الكفار والمشركين والمنافقين، وعموده – أي عمود الإسلام – الصلاة: لأن عمود الشيء ما يبنى عليه الشيء ويستقيم إلا به، وإنما كانت الصلاة عمود الإسلام، لأن تركها يخرج الإنسان من الإسلام إلى الكفر والعياذ بالله، وذروة سنامه الجهاد في سبيل الله، والسنام: ما علا ظهر البعير، وذروته: أعلاه، وإنما ذروة سنام الإسلام الجهاد في سبيل الله لأن به يعلو المسلمون على أعدائهم .

ثم قال صلى الله عليه وسلم: ألا أخبرك بملاك ذلك كله؟ أي بما به ملاك هذا الأمر كله، فقلت :بلى يا رسول الله، فأخذ بلسانه وقال: (كف عليك هذا): يعني لا تطلقه بالكلام لأنه خطر، قلت: يا رسول الله وإنا لمؤاخذون بما نتكلم به؟ – هذه جملة استفهامية والمعنى هل نحن مؤاخذون بما نتكلم به؟.

 

فقال النبي صلى الله عليه وسلم: (ثكلتك أمك): أي فقدتك حتى كانت ثكلى من فقدك، وهذه الجملة لا يراد بها معناها، وإنما يراد بها الحث والإغراء على فهم ما يقال، فقال: ثكلتك أمك، وهل يكب الناس في النار على وجوههم- أو قال- على مناخرهم إلا حصائد ألسنتهم؟ أي إلا ما تحصد ألسنتهم من الكلام والمعنى: أن اللسان إذا أطلقه الإنسان كان سبباً أن يُكب على وجهه في النار والعياذ بالله، فنحن محاسبون على مانقول لقوله تعالى: ” ومايلفظ من قول إلا لديه رقيب عتيد “.

سبحانك اللهم وبحمدك نشهد أن لا إله الا أنت سبحانك نستغفرك ونتوب إليك.

وآخر دعوانا أن الحمد لله رب العالمين.