بيان صحفي في الذكرى الثانية لثورة 25 يناير ليكن مطلب الأمة وضع الإسلام موضع التطبيق
خلال عامين من ثورة 25 يناير، لا زالت الثورة تراوح مكانها، فلا نظاما أسقطت، ولا فسادا اقتلعت، ولا إسلاما وضعت موضع التطبيق. فبرغم وصول بعض الإسلاميين إلى الحكم، إلا أن الإسلام ما زال بعيدا عن السلطة. وبرغم أنه تم تجييش الناس لقول نعم للدستور وإيهامهم أنه دستور إسلامي، إلا أن هذا الدستور لم يلبِّ تطلعات الأمة لأن ترى الإسلام له الكلمة الفصل في سياسة ورعاية شؤون الناس. لم ترَ الأمة خلال هذين العامين المنصرمين سوى صراعٍ على السلطة من أطراف عدة، يقف فيه المسمَّون “بالإسلاميين” في جهة يرفعون شعار تطبيق الشريعة، وهو مجرد شعار خال من أي مضمون حقيقي للإسلام، لدرجة جعلتهم يقاتلون من أجل دستور يعرفون هم قبل غيرهم مدى بعده عن الإسلام، ويقف العلمانيون في الجهة المقابلة يصرخون ويولولون للديمقراطية، ويخوفون الناس من تطبيق الشريعة. وقيادات الطرفين لا همَّ لها سوى الكراسي والمناصب. بينما أمريكا تتدخل في كل كبيرة وصغيرة من شؤون البلاد، فتجتمع السفيرة الأمريكية جهارًا نهارًا برئيس اللجنة العليا للانتخابات بعد الاستفتاء على الدستور ولا نسمع صرخات أي من الطرفين للاحتجاج والشجب، وكأن الأمر طبيعي معتاد، ولا يشكل تدخلًا فاضحًا في شؤون الحكم في مصر، فهل اجتمع مثلًا رئيس لجنة انتخابات الرئاسة الأمريكية الأخيرة مع سفير مصر في الولايات المتحدة ليطلعه على نتيجة الانتخابات وحيثياتها ويأخذ مباركته؟؟! كما أن الوفود الأمريكية من شتى دوائر السلطة تتوالى على مصر بوتيرة أسبوعية تقريبًا للوقوف على تفاصيل الأمور والاطمئنان على عدم خروج القيادة السياسية في مصر عن الخطوط المرسومة أمريكيًا، كل هذا يحدث .. ولا أحد ينبس ببنت شفة.
إن الشعب الذي أسقط مبارك وحاشيته، بعد تلك الثورة المباركة، لا يمكن أن يسكت على إبقاء النظام الذي حكم من خلاله مبارك وحاشيته، الذي أمّن دولة يهود طوال ثلاثين عاما، ورهن البلاد لأمريكا وصندوق نقدها الدولي، وأبعد الإسلام عن الحكم، وبرغم تلك الثورة ما زالت دولة يهود آمنة، واتفاقية كامب ديفيد محترمة، وأمريكا تصول وتجول في طول البلاد وعرضها، وما زالت عجلة الاقتصاد في مصر مرهونة برضا صندوق النقد الدولي، وما زالت أموال مصر المنهوبة لم تُرد، ورموز الفساد لم يجهز عليهم، وما زال الإسلام بعيدا عن الحكم، إلا ما يُذر كرماد في العيون لإرضاء البسطاء من الناس.
إن وعد الله للأمة بالاستخلاف والتمكين متحقق لا محالة، مصداقا لقوله تعالى: ((وَعَدَ اللَّهُ الَّذِينَ آمَنُوا مِنْكُمْ وَعَمِلُوا الصَّالِحَاتِ لَيَسْتَخْلِفَنَّهُمْ فِي الْأَرْضِ كَمَا اسْتَخْلَفَ الَّذِينَ مِنْ قَبْلِهِمْ وَلَيُمَكِّنَنَّ لَهُمْ دِينَهُمُ الَّذِي ارْتَضَى لَهُمْ وَلَيُبَدِّلَنَّهُمْ مِنْ بَعْدِ خَوْفِهِمْ أَمْنًا)) وإن بشرى الرسول – صلّى الله عليه وسلّم – : «ثم تكون خلافة على منهاج النبوة» كائنة لا محالة. وإننا في حزب التحرير ندعو أهل مصر الكنانة في الذكرى الثانية للثورة، أن يكون مطلبهم هو وضع الإسلام موضع التطبيق الحقيقي، بإقامة الخلافة الإسلامية على منهاج النبوة، فبها وحدها عزتهم وبها وحدها النجاة من خزي الدنيا وعذاب الآخرة، وأن ينبذوا ما سوقته لهم أمريكا وأذنابها، من ديمقراطية زائفة، وعلمانية نتنة، وقومية ووطنية مخالفة للإسلام.
((وَاللَّهُ غَالِبٌ عَلَى أَمْرِهِ وَلَكِنَّ أَكْثَرَ النَّاسِ لَا يَعْلَمُونَ))
رئيس المكتب الإعلامي لحزب التحرير ولاية مصر
شريف زايد