Take a fresh look at your lifestyle.

مع الحديث الشريف “باب من الإيمان أن يحب لأخيه ما يحب لنفسه”

 

نحييكم جميعا أيها الأحبة في كل مكان، في حلقة جديدة من برنامجكم “مع الحديث الشريف” ونبدأ بخير تحية، فالسلام عليكم ورحمة الله وبركاته.

جاء في فتح الباري شرح صحيح البخاري لابن حجر العسقلاني بتصرف في” باب من الإيمان أن يحب لأخيه ما يحب لنفسه”.

حدثنا مسدد قال حدثنا يحيى عن شعبة عن قتادة عن أنس رضي الله عنه عن النبي صلى الله عليه وسلم، وعن حسين المعلم قال: حدثنا قتادة عن أنس عن النبي صلى الله عليه وسلم قال: “لايؤمن أحدكم حتى يحب لأخيه ما يحب لنفسه”.

قوله: (لايؤمن) أي: من يدعي الإيمان، والمراد بالنفي كمال الإيمان، ونفي اسم الشيء- على معنى نفي الكمال عنه – مستفيض في كلامهم كقولهم: فلان ليس بإنسان.

 

قوله: (ما يحب لنفسه) أي: من الخير و” الخير ” كلمة جامعة تعم الطاعات والمباحات الدنيوية والأخروية، وتخرج المنهيات لأن اسم الخير لا يتناولها. والمراد أن يحب أن يحصل لأخيه نظير ما يحصل له، لا عينه، سواء كان في الأمور المحسوسة أو المعنوية، وليس المراد أن يحصل لأخيه ما حصل له لا مع سلبه عنه، ولامع بقائه بعينه له، إذ قيام الجوهر أو العرض بمحلين محال. وقال أبو الزناد بن سراج: ظاهر هذا الحديث طلب المساواة، وحقيقته تستلزم التفضيل؛ لأن كل أحد يحب أن يكون أفضل من غيره، فإذا أحب لأخيه مثله فقد دخل في جملة المفضولين. قلت: أقر القاضي عياض هذا، وفيه نظر. إذ المراد الزجر عن هذه الإرادة؛ لأن المقصود الحث على التواضع. فلا يحب أن يكون أفضل من غيره، فهو مستلزم للمساواة. ويستفاد ذلك من قوله تعالى: “تلك الدار الآخرة نجعلها للذين لا يريدون علوا في الأرض ولا فسادا”، ولا يتم ذلك إلا بترك الحسد والغلو والحقد والغش، وكلها خصال مذمومة.

(فائدة): قال الكرماني: ومن الإيمان أيضا أن يبغض لأخيه ما يبغض لنفسه من الشر، ولم يذكر هل أن حب الشيء مستلزم لبغض نقيضه، فترك التنصيص عليه اكتفاء. والله أعلم.

أيها الأحبة الكرام:

الحمد لله رب العالمين أن هدانا لهذا الدين، الذي فيه من المحبة ما ليس في غيره من أنظمة وضعية عفنة، لم تعرف يوما تعريف الإنسان فتضع له منهاجا يسعده في دنياه؛ بل أشقته وحطمته وجعلته متغولا حاقدا يقول بلسان حاله: “أنا أولا ومن بعدي الطوفان”.

وهذا الحديث الذي بين أيدينا الآن، ليكفي الأمة الإسلامية اليوم إن التزمت به لتعيش هذه المحبة المفقودة، ولكن أين؟ في ظل دولة إسلامية، تطبق الإسلام وتفرض عليها المفاهيم الصحيحة، فتزرع فيهم الإيثار بدل الأثرة، والتواضع بدل التكبر، والوفاء بدل الغدر, والأمانة بدل الخيانة. بذلك يمكن أن نعيش من أجل غيرنا، وأن نحب لإخوتنا ما نحب لأنفسنا. لا أن نقف أمام هذا الحديث متعجبين متسائلين: أيكون هذا؟!

أحبتنا الكرام، وإلى حين أن نلقاكم مع حديث نبوي آخر، نترككم في رعاية الله، والسلام عليكم ورحمة الله وبركاته.