Take a fresh look at your lifestyle.

سلسلة خدعوك فقالوا إن تعدد الزوجات خيانة وظلم لك وانتهاك لكرامتك ح5 ورب العزة يقول في كتابه العزيز: ﴿ فَانْكِحُوا مَا طَابَ لَكُمْ مِنَ النِّسَاءِ مَثْنَى وَثُلَاثَ وَرُبَاعَ فَإِنْ خِفْتُمْ أَلَّا تَعْدِلُوا فَوَاحِدَةً أَوْ مَا مَلَكَتْ أَيْمَانُكُم

والآية تبيح تعدد الزوجات وتحدده بأربع، ولكنها تأمر بالعدل بينهن، وترغب في الاقتصار على الواحدة في حالة الخوف من عدم العدل، لأن الاقتصار على الواحدة في حالة الخوف من عدم العدل، أقرب إلى عدم الجور، وهو ما يجب أن يتصف به المسلم.

إلا أنه يجب أن يعلم أن العدل هنا ليس شرطاً في إباحة تعدد الزوجات وإنما هو حكم لوضع الرجل الذي يتزوج عدداً من النساء، في ما يجب أن يكون عليه في حالة التعدد، وترغيب في الاقتصار على الواحدة في حالة الخوف من عدم العدل

أما ما هو العدل المطلوب بين الزوجات فهو التسوية بين زوجاته فيما يقدر عليه من المبيت ليلاً والطعام والكسوة والسكنى وما شاكل ذلك. أما الميل، وهو الحب والاشتهاء، فإنه لا يجب العدل فيه لأنه غير مستطاع ومستثنى بنص القرآن قال تعالى:

﴿ وَلَنْ تَسْتَطِيعُوا أَنْ تَعْدِلُوا بَيْنَ النِّسَاءِ وَلَوْ حَرَصْتُمْ فَلَا تَمِيلُوا كُلَّ الْمَيْلِ فَتَذَرُوهَا كَالْمُعَلَّقَةِ وَإِنْ تُصْلِحُوا وَتَتَّقُوا فَإِنَّ اللَّهَ كَانَ غَفُورًا رَحِيمًا ﴾لأن الإنسان لا يستطيع أن يعدل في محبته، ويؤيد ذلك حديث عائشة (رضي الله عنها) أنها قالت: كان رسول الله (صلى الله عليه وآله وسلم) يقسم فيعدل ويقول: «اللهم إن هذا قسمي فيما أملك, فلا تلمني فيما تملك ولا أملك» (يعني قلبه) أخرجه الحاكم وابن حبان.

أي أن تعدد الزوجات حكم شرعي والعدل بينهن حكم شرعي آخر غير الحكم الأول “فنتبين من ذلك أن الله أباح تعدد الزوجات دون قيد أو شرط ودون تعليل”.

إلا أن عدم تعليل الحكم الشرعي بعلة لا يعني عدم جواز شرح واقع ما يحصل من أثر لهذا الحكم الشرعي، وواقع ما يعالج من مشاكل . ولكن هذا يكون شرحاً لواقع، وليس تعليلاً لحكم.

وبناء على ذلك فإنه تبين من أثر تعدد الزوجات أن الجماعة التي يباح فيها تعدد الزوجات لا يحصل فيها تعدد الخليلات، والجماعة التي يمنع فيها تعدد الزوجات يحصل فيها تعدد الخليلات. وعلاوة على ذلك فإن تعدد الزوجات يعالج الكثير من المشاكل التي تحصل في الجماعة الإنسانية بوصفها جماعة إنسانية، وتحتاج إلى أن يعالجها تعدد الزوجات. وهاكم أمثلة من هذه المشاكل:

1 – توجد طبائع غير عادية في بعض الرجال، لا تستطيع أن تكتفي بواحدة، فهم إما أن يرهقوا هذه الزوجة ويضروها، وإما أن يتطلعوا إلى أخرى وأخرى، إذا وجدوا الباب موصداً أمامهم بالزواج بثانية وثالثة ورابعة. وفي ذلك من الضرر ما فيه من شيوع الفاحشة بين الناس، وإثارة الظنون والشكوك في أعضاء الأسرة. ولذلك كان لزاماً أن يجد مثل صاحب هذه الطبيعة المجال أمامه مفتوحاً لأن يسد جوعة جسمه القوية، من الحلال الذي شرعه الله.

 

2 – قد تكون المرأة عاقراً لا تلد، ولكن لها من الحب في قلب زوجها، وله من الحب في قلبها، وما يجعلهما حريصين على بقاء الحياة الزوجية بينهما هنيئة، وتكون عند الزوج رغبة في النسل، وحب الأولاد، فإذا لم يبح له أن يتزوج أخرى، ووجد المجال أمامه ضيقاً، كان عليه إما أن يطلق زوجته الأولى، وفي ذلك هدم للبيت وهنائه، وقضاء على حياة زوجية هنيئة، وإما أن يحرم من أن يتمتع بنسل وأولاد، وفي هذا كبت لمظهر الأبوة من غريزة النوع. ولهذا كان لزاماً أن يجد مثل هذا الزواج المجال فسيحاً أمامه أن يتزوج زوجة أخرى معها، حتى يكون له النسل الذي يطلبه.

3 – قد تكون الزوجة مريضة مرضاً يتعذر معه الاجتماع الجنسي، أو القيام بخدمة البيت والزوج والأولاد. وتكون عزيزة على زوجها محبوبة منه، ولا يريد طلاقها ولا تستقيم حياته معها وحدها دون زوجة أخرى. فمن اللازم في هذه الحال أن يفتح له باب الزواج بأكثر من واحدة.

4 – قد تحصل حروب أو ثورات تحصد الآلاف بل الملايين من الرجال ويختل التوازن بين عدد الرجال والنساء، كما حصل في الحرب العالمية الأولى والثانية بالفعل في العالم، ولا سيما في أوروبا. فإذا كان الرجل لا يستطيع أن يتزوج بأكثر من واحدة، فماذا تصنع الكثرة الباقية من النساء، إنها تعيش محرومة من حياة الأسرة، وهناءة البيت وراحة الزوجية. وهذا فضلاً عما يمكن أن تحدثه غريزة النوع إذا ثارت، من خطر على الأخلاق.

5 – قد يكون التناسل في أمة أو شعب أو قطر لا يتساوى فيه الذكور والإناث، وقد يكون عدد الإناث أكثر من عدد الذكور، فينعدم التوازن بين الرجال والنساء، ويكاد يكون هذا هو الواقع في كثير من الشعوب والأمم. وفي هذه الحال لا يوجد هنالك حل يعالج هذه المشكلة إلا إباحة تعدد الزوجات.

 

وهذه مشاكل واقعية في الجماعة الإنسانية في الشعوب والأمم، فإذا منع تعدد الزوجات بقيت هذه المشاكل دون علاج، إذ لا علاج لها إلا بتعدد الزوجات. ومن هنا وجب أن يكون تعدد الزوجات مباحاً حتى تعالج المشاكل التي تحصل للإنسان. وقد جاء الإسلام يبيح تعدد الزوجات، ولم يأت بوجوبه. وإباحة التعدد أمر لا بد منه. إلا أنه يجب أن يعلم أن هذه الحالات وأمثالها مما قد يحصل للإنسان وللجماعة الإنسانية هي مشاكل واقعية تحصل، وليست هي علة لتعدد الزوجات، ولا شرطاً في جواز التعدد. بل يجوز للرجل أن يتزوج ثانية وثالثة ورابعة مطلقاً، سواء حصلت مشاكل تحتاج إلى التعدد أو لم تحصل.

هذه بعض الأسباب الخاصة والعامة التي لاحظها الإسلام، وهو يشرع لا لجيل خاص من الناس ولا لزمن معين محدد، وإنما يشرع للناس جميعاً إلى أن يرث الله الأرض ومن عليها في كل زمان ومكان.

ومع أن تعدد الزوجات حكم شرعي ورد في نص القرآن الصريح، فإن الثقافة الرأسمالية والدعاية الغربية ضد الإسلام بالذات دون سائر الأديان، قد صورت حكم تعدد الزوجات تصويراً بشعاً، وجعلته منقصة وطعناً في الدين، وجعل هؤلاء الفئة المضبوعة بالثقافة الغربية يحاولون التأويل الباطل لمنع التعدد، جرياً منهم وراء ما تأثروا به من الدعاية الباطلة التي روجها أعداء الإسلام وشاركته في ذلك للأسف عدد من العلماء الين وضعوا شروطا وحدودا وأسبابا وجب توفرها في التعدد وكذلك وسائل الإعلام من برامج وندوات ومؤتمرات ومسلسلات وأفلام تصور التعدد وكأنه جريمة بحق المرأة وخيانة لها وانتقاص من كرامتها وحقوقها ويعبر عن النظرة الدونية للمرأة، وكان الدافع إلى ذلك ليس لعيب أو لوحظ في أحكام الله وإما هو للطعن في الإسلام، ولا دافع لهم غير ذلك إما بقصد أو من غير قصد.

مع أنه وبنظرة فاحصة متبصرة كان لهذا التشريع والأخذ به في العالم الإسلامي فضل كبير في بقائه نقياً بعيداً عن الرذائل والفواحش التي فشت وانتشرت في المجتمعات التي لا تؤمن بالتعدد ولا تعترف به، والتي أصبحت موجودة في الدول الإسلامية ولقد لوحظ في هذه المجتمعات ما يلي:

1- ازدياد نسبة العنوسة في البلاد الإسلامية خاصة في الدول التي تمنع التعدد وما ينتج عن ذلك من قلق نفسي، خاصة في ظل ضعف الوازع الديني وبالتالي شيوع الانحلال والفسق والعلاقات المحرمة والإحصائيات كثيرة حول هذا الموضوع وعلى أعداد من تخطين سن الزواج في تلك الدول والتي لا مجال لذكرها هنا الآن .

2- كثرة المواليد من السفاح، حتى إن نسبتها بلغت أكثر من نسبة المواليد الشرعيين، وفي الولايات المتحدة الأميركية يولد في كل عام أكثر من مائتي ألف ولادة غير شرعية، وهذا يبين لنا مدى انحطاط مستوى الأخلاق في أميركا.

3- أثمرت هذه العلاقات غير الشرعية الكثير من الأمراض الخبيثة، والعقد النفسية، والاضطرابات العصبية.

4- انحلت الصلة بين الزوج وزوجته، واضطربت الحياة الزوجية وانفكت روابط الأسرة ولم يصبح لها قيمة.

5- ضاع النسب الصحيح، حتى إن الزوج لا يستطيع أن يجزم بأن الأولاد الذين يقوم بتربيتهم هم من صلبه.

وكل هذا أدى إلى تسرب عوامل الضعف والانحلال إلى النفوس، وهذه المفاسد وغيرها كانت نتيجة طبيعية لمخالفة الفطرة والانحراف عن تعاليم الله، وهي أقوى دليل وأبلغ حجة على أن رأي الإسلام هو أسلم رأي، وأن تشريعه هو أنسب تشريع للإنسان في كل مكان وزمان.

 

وأخيراً أقول أننا لا نقف موقف المدافع عن الإسلام بل أردنا تبيان أن الأحكام الشرعية هي الحق لأنها من عند الله فحسب وليس لأي اعتبار آخر، وأننا نقبل بتلك الأحكام بدون قيد أو شرط ولا تحكيم للعقل والمنطق والواقع والظروف والهوى وطبائع البشر وغيرة النساء، بل تسليم بأحكام الله، قال تعالى وَمَا كَانَ لِمُؤْمِنٍ وَلا مُؤْمِنَةٍ إِذَا قَضَى اللَّهُ وَرَسُولُهُ أَمْرًا أَنْ يَكُونَ لَهُمُ الْخِيَرَةُ مِنْ أَمْرِهِمْ وَمَنْ يَعْصِ اللَّهَ وَرَسُولَهُ فَقَدْ ضَلَّ ضَلالًا مُبِينًا “.

ولا نقول ما كان صالحا قبل أكثر 1400 عام غير مقبول الآن، وأن هذا جمود وتحجر ورجعية وتمسك بالماضي وعدم مواكبة للمستجدات والمتغيرات، فإن نظام الإسلام صالح لكل زمان ومكان، وما تُهنا وضِعنا إلا بعد أن تركنا العمل بهذه الأحكام في مختلف مناحي الحياة. وإن هذه الأحكام لا تجزأ ولا تُقسم ولا تخضع للأهواء والرغبات وأن السبيل الوحيد للنهضة هو تطبيق الإسلام تطبيقاً شاملاً كاملاً في جميع نواحي الحياة، نسأل الله أن يرزقنا بالإمام العادل الذي يطبق علينا الإسلام..

والحمد لله رب العالمين

 

 

 

مسلمة ( أم صهيب)