سلسلة خدعوك فقالوا إن الزواج المبكر انتهاك لحقوق الأطفال ح8
((وَأَنْكِحُوا الْأَيَامَى مِنْكُمْ وَالصَّالِحِينَ مِنْ عِبَادِكُمْ وَإِمَائِكُمْ إِنْ يَكُونُوا فُقَرَاءَ يُغْنِهِمُ اللَّهُ مِنْ فَضْلِهِ وَاللَّهُ وَاسِعٌ عَلِيمٌ))
((وَأَنْكِحُوا الْأَيَامَى مِنْكُمْ)) جَمْع أَيِّم: وَهِيَ مَنْ لَيْسَ لَهَا زَوْج بِكْرًا كَانَتْ أَوْ ثَيِّبًا وَمَنْ لَيْسَ لَهُ زَوْج وَهَذَا فِي الْأَحْرَار وَالْحَرَائِر، وعن علي رضي الله عنه، أن النبي صلى الله عليه وسلم قال له: “يا علي، ثلاثٌ لا تؤخرها، الصلاة إذا آنت، والجنازة إذا حضرت، والأيَّم إذا وجدت لها كفؤاً” (رواه الترمذي وقال: غريب حسن، كما نقله الألباني في المشكاة 1/192)، والأيم: هي المرأة التي لا زوج لها.
جاءت الأدلة عامة لكل أيم دون تحديد سن معين للزواج، وبما أن الزواج هو أساس كل مظهر من مظاهر غريزة النوع فإذا لم يحصل الزواج لم تحصل أبوة ولا بنوة ولا أمومة ولا غيرها، لذلك كان الإسلام حريصا على الحث على الزواج لتتحقق كل هذه المظاهر والعلاقات بين الأفراد، ولم يجز الإسلام غير هذه الطريقة لتحقيق هذه المظاهر ولإشباع الرغبات أيضا.
وإن الله سبحانه وتعالى جعل البلوغ الحد بين التكليف وعدمه، وأن المسلم سواء رجل أو امرأة أصبح في هذا السن فهو مكلف بجميع الأحكام الشرعية من جهاد وصيام وصلاة ونفقة و ……
ولكن في الزواج يمكن للفتاة أن تتزوج قبل المحيض حسب قوله تعالى:
((وَاللَّائِي يَئِسْنَ مِنَ الْمَحِيضِ مِنْ نِسَائِكُمْ إِنِ ارْتَبْتُمْ فَعِدَّتُهُنَّ ثَلَاثَةُ أَشْهُرٍ وَاللَّائِي لَمْ يَحِضْنَ)) “اللائي لم يحضن”: يعني أنه يجوز زواج الفتاة قبل أن تحيض، وليس فقط سن التكليف، وهذه أحكام الله جل وعلا .
والأمثلة على مقدرة كل منهما على القيام بواجبه اتجاه أسرته فهي حية قائمة بيننا، وخير شاهد على ذلك زواج أمهاتنا وأمهاتهن فكانت أمهاتنا نعم الأمهات والزوجات وربات البيوت هنَّ، ولا يقولن قائل: أن ما كان مقبولا وسائرا أيام أمهاتنا وجداتنا غير مقبول الآن بسبب التقدم والتطور ومتطلبات الحياة، فهذا غير مقبول لأن الإسلام لكُن زمان ومكان، لأنه من تشريع رب البشر وهو أدرى وأعلم بمن خلق، ومن الضروري أن نعلم أن الإسلام عندما حدد سن الأهلية بهذا العمر لم يفرض على الناس الزواج في هذه السن بالذات، إنما اعتبر أن أقل سن يستطيع المرء الزواج فيه هو هذا السن.
وقد ورد عن عمر بن الخطاب رضي الله عنه أنه قال: “زوجوا أولادكم إذا بلغوا لا تحملوا آثامهم”، ذكره ابن الجوزي في (أحكام النساء ص304 )
ولو نظرنا قليلا لوجدنا أن تحديد سن الزواج ب 18 كما تنص قوانين الأحوال الشخصية الوضعية في معظم الدول الإسلامية اليوم خاصة في ظل الانفتاح وعصر الحريات الذي يعيشون فيه يؤدي للمشاكل التالية:
1- منها: احتمال انزلاقها إلى الفاحشة.
2- يكثر وجود أطفال السفاح.
3- تعويد الرجل والمرأة على السواء على عدم تحمل المسؤولية.
4- اختلاط الأنساب فلا يعرف من ابن من!
5- ومنها: أن يفوتها الزوج الكفء.
6- ومنها: قد يفوتها قطار الزواج بالكلية.
7- ومنها: كدورة نفسها، وكراهية وليها الذي أخر زواجها بعدم قبوله من تقدم إليها من الخطّاب بحجة صغر سنها وقد يصدر منها ما لا تحمد عقباه.
فما نسمعه عن خطر الزواج المبكر في هذه الأيام، فهو فكر غربي يريدون به نشر الفاحشة بين الأفراد. وحتى مصطلح الزواج المبكر ليس من الإسلام فليس هناك زواج مبكر وزواج متأخر. ويبررون كلامهم ويعللونه ببعض الآراء العلمية التي ثبت بطلانها، فيقولون أن أعضاء الفتاة التناسلية لا تكتمل في سن البلوغ، ويقولون أن الحمل في سن مبكرة للفتاة يتسبب بنقص الدم لها وتعريض صحتها للخطر، وتارة يدعون أن أكبر نسبة وفيات من الفتيات بين سن 15-19 وأن أكبر نسبة وفيات من الأطفال أبناء الفتيات الصغيرات لعدم قدرتهن على العناية بهم. فنسأل هؤلاء عن العلاقات غير الشرعية المنتشرة في بلاد الغرب بين من يسمونهم أطفالا، وعن الولادات غير الشرعية لفتيات بين 12 إلى 18 سنة، والأمهات العزباوات في مثل هذا السن!! هل الانحلال مقبول ولا ينتهك حقوق الأطفال، والزواج الشرعي الذي يحفظ الحقوق والكرامة هو انتهاك لتلك الحقوق؟!! ألا ساء ما تحكمون ..
ومما ويقولونه أيضا: أن الأب يسعى لتزويج ابنته ليتخلص من عبئها وهذا الحمل الثقيل الذي على كاهله، التساؤل الذي يطرح نفسه مباشرة هنا، هل يعتنون بأبنائهم وبناتهم وينفقون عليهن كما يحث الإسلام المسلمين أن يعتنوا بأبنائهم أم هي افتراءات لتشويه الإسلام ؟؟؟؟.
وليس للعادات والتقاليد دخل في التزويج مبكرا بل لحرصنا أن لا تشيع الفاحشة بين المسلمين، فنحن نحث على التزويج والتحصين لكلا الجنسين وليس هذا تخلف أو رجعية بل هو حفاظ على النوع البشري تطبيقا لشرع الله، لذلك فلنرفض ولنضرب بكلام الغرب عرض الحائط من المطالبة بتأخير سن الزواج، ففي الزواج تكاثر للنسل تطبيقا لقول رسول الله صلى الله عليه وسلم: “تكاثروا فإني مباه بكم الأمم يوم القيامة”. وهو حديث صحيح رواه الشافعي عن ابن عمر. فلنعمل على الحفاظ على أبنائنا بتزويجهم فالزواج أغض للبصر وأحصن للفرج.
وهناك من يقول أن الفتاة أو الفتى لا يستطيعون أن يكونوا مسؤولين عن بيت وأولاد، فهم صغار السن لا يتحملون تلك المسؤوليات والأعباء وأن نسبة الطلاق بين صغيرات السن كثيرة، ولا يزال الوقت مبكرا عليهن في هذا وأنه يجب عليها أن تنهي تعليمها الجامعي قبل التفكير بالزواج حتى تكون الشهادة لها سلاحا في حياتها فلا تعرف ماذا يحصل معها مستقبلا. فنقول لهم أن هذا الادعاء بعدم قدرتها على تحمل المسؤولية ناتج عن التربية الخاطئة التي لا تُربى بها الفتاة على أنها أم وربة بيت، وكذلك لمن يخاف من المستقبل نقول له: أن هذا الخوف هو من إفرازات النظام الرأسمالي الذي نعيش فيه والمبني على المنفعة والمادية والذي لا يهتم بالفرد فيه إلا ضمن ما يعطيه من منفعة، فإن انعدمت تلك المنفعة لفظه هذا المجتمع خارجا وأصبح عالة عليه. فلو كان الإسلام مطبقا فستكون الحاجات الأساسية من مأكل وملبس ومسكن مؤمنة، وستكون المرأة مكرمة معززة حاجاتها ملبَّية من ولي أمرها سواء كان والدها أو زوجها أو أخوها أو حتى الخليفة لمن لا ولي لها يؤمن لها تكاليف الحياة. وشتان ما بين هذه الحياة وبين حياتنا الحالية من ضنك وفقر وظلم وبؤس. ونسأل الله أن يعجل بقيام دولة الإسلام التي تحفظ وتؤمن للمرأة احتياجاتها وحقوقها.
والحمد لله رب العالمين
مسلمة ( أم صهيب)