خبر وتعليق الخلط بين الباباوات والخلفاء
نشرت إكسبرس تريبيون الصادرة في باكستان مقالاً في 23 آذار/مارس 2013م لهودبوي برويز بعنوان: “في اختيار الباباوات والخلفاء” وصف فيه عمل حزب التحرير لإحياء الخلافة بأنه “مستحيل للغاية”.
قبل دحض هذا الادعاء، فإننا نعترض على كلمات ثلاث وردت في مقدمة المقال لا يمكن تركها دون بيان حيث يقول: “اليوم، هناك العديد من الجماعات الإسلامية تسوق (marketing) فكرة (idea) أن استعادة الأمجاد القديمة (ancient) تتوقف على إحياء الخلافة”.
1. نرفض كلمة “القديمة” (ancient) عند الإشارة إلى الخلافة الإسلامية! فإن تلك الكلمة، وفقا لقواميس اللغة الإنجليزية ومؤرخي العصور القديمة، تشير إلى الفترة من بداية تاريخ البشرية المسجل إلى سقوط الإمبراطورية الرومانية الغربية، قرنين كاملين قبل رسالة الإسلام وإقامة الخلافة الراشدة. ولكن، إن كان يقصد معنى رمزياً، فإن كلمة “القديمة” استخدمت بخبث لإبعاد المسلمين عن ماضيهم القريب جدا. ماضٍ لم يكن فقط مجيداً، بل كان مستمراً ومهيمناً على الساحة العالمية لثلاثة عشر قرنا؛ زواله هو انحراف للتاريخ، وكارثة على الإنسانية وإهانة للمسلمين، في حين إن عودتها سيجعل حالة القهر الراهن من قبل الحكام عملاء الغرب الرأسمالي، ذاكرة متلاشية كالوقت بين النوم واليقظة.
2. نرفض كلمة “فكرة” (idea)، وذلك لأنها هنا تعني إما عدم اليقين أو بديل عند عدم وجودها. ومن المثير للسخرية أنه، بالإضافة إلى حزب التحرير، فقد ذكر أسامة بن لادن وأنه من دعاة الخلافة، بينما لم يوجد أي ذكر عن عجز الباكستان غير المشرف عندما قتلت القوات الأمريكية أسامة بن لادن في باكستان ولا للطائرات بدون طيار التي لا تزال تقتل وتجرح الآلاف من المدنيين، من دون أن تتعرض للعقاب، على جانبي خط دوراند التي رسمها الاستعمار البريطاني. أينما نتجه ونحن تحت الهيمنة الغربية فإن هناك عاراً وهزيمة؛ فقط الخلافة هي التي يمكن أن تعكس هذا وتجلب المجد، وبالتالي رفضُنا لكلمة “فكرة” هنا في هذا الصدد.
3. وكذلك نرفض كلمة “تسويق” (marketing)، وذلك لأن إساءة استخدامها يضع الخلافة على قدم المساواة مع السلع، وأولئك الذين يعملون من أجلها على قدم المساواة مع أولئك الذين يحرّفون الكلمات من أجل الخداع والتقليل من الحقيقة.
إن إعادة الخلافة هو واجب شرعي، وإن الله سبحانه لا يكلف المسلمين فوق طاقتهم، ونحن نثابر في هذه المهمة النبيلة متمسكين بسنة رسول الله صلى الله عليه وسلم.
برويز هودبوي، من أجل أن يقدم دليلاً على “استحالة” إحياء الخلافة، فإنه يعدد العديد من مصادر الاختلاف بين المسلمين: الطوائف كثيرة جدا، المذاهب الفكرية، موقع مدينة الخلافة، والمنافسات الفردية أو القومية أو اللون أو العرق، واعتماد لغة الدولة، التي نقول لها: “وماذا إذاً”، ونحن نصر على تذكير الكاتب أن الخلافة ليست فقط للمسلمين، بل هي أيضا لغير المسلمين!
إن ادعاء الكاتب استحالة إقامة الخلافة يبدو أنه ينبع من مقارنته المفرطة بين الباباوات والخلفاء. حيث يقول: “البابا الجديد يتحدث باسم 1.2 مليار كاثوليكي” ثم يسأل: “من الذي ينبغي له التحدث باسم 1.5 مليار مسلم اليوم؟” “المشكلة” يقول: “هي أن الخليفة عموماً يفهم بأنه القائد الروحي والدنيوي على حد سواء.” ما هو “روحي” عن الخليفة ليست قيادته ولكن ببساطه إدراك أن مصدر شرعيته هي: أنها فريضة إسلامية على الحاكم والمحكوم. أما بالنسبة لقيادة الخلافة العالمية، فإنها ليست بابوية ولا روحية، وإنما هي فكرية.
إن المفكرين المسلمين المستنيرين والسياسيين سوف يشاركون الخليفة من خلال إبداء الرأي في دفع الإسلام إلى مركز الصدارة في الشؤون العالمية.
إن الخلافة سوف تحكم البلاد التي تسيطر عليها وتفرض قوانين لتنظيم شؤون الحياة، كما تفعل جميع الدول، فلماذا إثارة الذعر إذاً؟ ومَن غيرُ مَنْ يلهث وراء الغرب يمكنه أن يتصور أن الخليفة، أيّاً كان مذهبه أو لون جلده، يمكن أن يكون أقل قبولاً من أولئك الفاسدين والطغاة الذين يحكمون بلاد المسلمين بما تمليه أميركا عليهم؟
الخلافة هي السلطة السياسية والتنفيذية، إنها تتبع بديهيات السياسة، وهي سهلة الفهم من قبل السياسيين ورجال الدولة، وإن الذين يخشونها هم فقط أعداؤها، وهذا مؤكد.
الدكتور عبد الله روبن